2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

كشف تقرير صادر حديثا عن مجلس المنافسة حول “تتبع تنفيذ التعهدات المتخذة من قبل شركات المحروقات ضمن اتفاقيات الصلح” أن هذه الشركات تحقق أرباحًا كبيرة تُقدر بمئات الملايين من الدراهم، نتيجة الفارق بين الأسعار المتداولة في الأسواق الدولية وتلك المعتمدة محليًا.
وبيّن التقرير أن صافي الأرباح يصل إلى درهمين لكل لتر من البنزين، ودرهم ونصف لكل لتر من الغازوال. وأشار المجلس إلى أن انخفاض أسعار الوقود في المحطات المغربية لا يعكس بشكل كامل تراجع الأسعار عالميًا، رغم التقلبات التي تشهدها الأسواق الدولية.
وأوضح أن البيانات المسجلة خلال الربع الثالث من عام 2024 أظهرت انخفاضًا ملحوظًا في أسعار الوقود المكرر عالميًا مقارنة بأسعار البيع التي تعتمدها المحطات المحلية، سواء فيما يتعلق بالبنزين أو الغازوال.
وأورد التقرير أن متوسط تكلفة الشراء المرجّح للتسع شركات المعنية بلغ 9.24 درهم للتر من الغازوال. وسجل أدنى مستوى للتكلفة عند 8.80 درهم للتر خلال النصف الثاني من شتنبر الماضي، بينما بلغ الحد الأقصى 9.48 درهم للتر في بداية الربع الثالث من العام نفسه. أما بالنسبة للبنزين، فقد أشار التقرير إلى أن متوسط تكلفة الشراء المرجّح وصل إلى 10.65 درهم للتر، مع تسجيل أدنى تكلفة عند 10.18 درهم للتر وأعلى تكلفة عند 10.96 درهم للتر. وفيما يتعلق بأسعار البيع في السوق، بلغ متوسط سعر التفويت 10.76 درهم للتر بالنسبة للغازوال، مقابل 12.62 درهم للتر بالنسبة للبنزين.
الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، الحسين اليماني، انتقد بشدة طريقة تعامل مجلس المنافسة مع شركات المحروقات في المغرب، مشيرًا إلى أن المجلس لا يقوم بدوره كجهة تنظيمية للسوق بما يتماشى مع مهمته كـ “شرطي اقتصادي”، موضحا أن تدخل المجلس ضروري لضبط السوق ومراقبته.
وانتقد اليماني تقارير مجلس المنافسة التي وصفها بأنها “إنشائية” ومليئة بمعطيات هي خارج نطاق اختصاصه، مثل أحجام المحروقات المستوردة أو بيانات الضرائب، حيث إن تلك القضايا تعود لاختصاصات جهات أخرى كالجمارك والضرائب ووزارة الطاقة.
وأشار الخبير الطاقي، في حديث لجريدة ”آشكاين” إلى أن الفصل 66 من دستور 2011 ، نص على إنشاء مؤسسات حكامة جديدة، ومن بينها مجلس المنافسة الذي أُوكلت له مهام مراقبة السوق وضبطها عبر فرض غرامات عند حدوث مخالفات، وبالتالي مهمته يمكن وصفها كمفهوم إداري بـ ”الشرطة الاقتصادية”.
وأكد أن مجلس المنافسة عليه أن يجيب على سؤال جوهري- في سطر واحد- هل ما زالت نفس المؤاخذات على شركات المحروقات والالتفاف حول الأسعار موجودة أم لا بعد واقعة الغرامة التصالحية المقدرة بـ 1.8 مليار درهم؟ و ”ماشي شغلو ف TVA و TIC”، مبرزا أن هذا السؤال يتهرب المجلس من الجواب عليه لأنه ”يحاول أن يهادن أو يطبع المغاربة مع الأسعار الحالية، ويتخلى عن ممارسة دوره الأساسي الدستوري كشرطي اقتصادي”.
وشدد اليماني على ضرورة تشديد العقوبات في حال تكرار المخالفات من قبل الشركات، بما يتماشى مع قانون المجلس.
وأضاف أنه في حال ثبت وجود تجاوزات للمرة الثانية، سيكون الأمر محرجًا للحكومة، ومُطالبة باتخاذ تدابير حاسمة بناءً على القانون، وسيكون رئيس الحكومة ملزم بإلغاء تحرير أسعار المحروقات، لإعادة تنظيم السوق بما يضمن حماية المستهلك من التلاعب بالأسعار وضمان العدالة التنافسية.
وفي استعراضه لتقرير مجلس المنافسة، أشار اليماني إلى أن السوق محررة بناءً على قرار صادر عن السلطات العمومية، مما يعني أن الأسعار تُحدد وفق آليات العرض والطلب في السوق وليس من قبل جهة معينة.
وأضاف أنه، وفقًا لقانون التحرير، يحق لشركات المحروقات تحديد الأسعار التي تراها مناسبة، لكن السؤال المطروح هو مدى توافق تلك الأسعار مع القوانين التي تحكم المنافسة وحماية المستهلك، إذ وضع المشرع قوانين لضمان عدم الخروج عنها.
وأكد أن أسعار المحروقات كانت خاضعة للتقنين حتى نهاية عام 2015، في عهد رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران. وقبل ذلك، كانت السلطات تتولى تحديد الأسعار وأرباح الشركات، مما كان يضمن مستوى معينًا من الشفافية في السوق. وأوضح أن حسابات مجلس المنافسة – رغم كونها توصف بـ “المخففة” – أثبتت أن أرباح شركات المحروقات أصبحت تتجاوز 1500 درهم للطن بالنسبة للغازوال و2000 درهم للبنزين، مقارنة بـ 500-600 درهم سابقًا عندما كانت الدولة تضبط السوق.
بحسب اليماني، تعكس هذه الأرقام اعتراف مؤسسة رسمية بأن أرباح شركات المحروقات تضاعفت لأكثر من مرتين منذ سنة 2015. وهذا يناقض تصريحات رئيس الحكومة الأسبق بنكيران، الذي كان قد قال إن تحرير السوق سيؤدي إلى تعزيز التنافسية وبالتالي خفض الأسعار.
هل يتحول مجلس المنافسة إلى مجلس للمصالحة من أجل التهرب من تطبيق القوانين التي من أجلها تَأَسَّسَ
هذا المجلس ؟؟؟