لماذا وإلى أين ؟

المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة في مأزق: غياب الرؤية وتحديات التأطير الديني

منذ تعيين مصطفى شنضيض رئيسًا للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة خلفًا للطاهر التجكاني، سادت آمال كبيرة بإحداث تغيير حقيقي وقطيعة مع مرحلة الفتور والجمود التي ميزت تسيير المؤسسة خلال السنوات الأخيرة، خاصة في ظل الانتقادات التي وُجهت للرئيس السابق بخصوص غياب الشفافية وضعف الأداء الميداني. غير أن الأشهر الماضية أظهرت أن الواقع لا يبعث على التفاؤل، بل يُنذر بتفاقم أزمة عميقة في أداء المجلس وتواصله مع الجالية المغربية في أوروبا.

مصطفى شنضيض

فقد عرف المجلس، تحت القيادة الجديدة، نوعًا من الخمول المؤسساتي والركود الوظيفي، تُرجِم بضعف الحضور في الفضاء الديني الأوروبي وغياب الفعل الميداني الحقيقي. ويلاحظ مراقبون ومهتمون بالشأن الديني في المهجر غياب شبه كلي للتواصل المباشر مع الجمعيات والمراكز الإسلامية ذات المرجعية المغربية، وانعدام مبادرات ثقافية أو دينية نوعية تستهدف أبناء الجالية، خاصة الجيلين الثاني والثالث، الذين باتوا أكثر عرضة لخطابات الهوية المتشددة والتيارات المنحرفة.

وفي سياق أكثر خطورة، يُسجَّل عجز واضح لدى المجلس عن التصدي للمدّ الشيعي المتنامي في عدد من الدول الأوروبية مثل بلجيكا، هولندا، وفرنسا، حيث تنشط حسينيات ومراكز مذهبية تستهدف فئة الشباب المغاربة بشكل مكثف، في غياب استراتيجية مغربية فاعلة لمواجهة هذا الاختراق العقدي والثقافي. كما لم يُسجَّل للمجلس أي تحرّك ملموس لمواجهة الخطاب المتطرف الذي يجد له موطئ قدم في بعض الأوساط المهمّشة، مستغلًا الفراغ التأطيري وغياب خطاب ديني وسطي ومتجدد.

إن استمرار هذا الوضع، في ظل فقدان القيادة الحالية للبوصلة وضعف قدرتها على المبادرة والانفتاح، يضع مستقبل المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة على المحك، ويطرح تساؤلات جدية حول جدوى بقائه على نفس النهج، في وقت تتزايد فيه التحديات وتتعقد رهانات التأطير الديني للجالية المغربية في أوروبا. فهل تُبادر الجهات الوصية إلى مراجعة عميقة لأسلوب التسيير وتقييم الأداء؟ أم أن المجلس سيتحول إلى مؤسسة شكلية تفتقد إلى الفعالية والشرعية داخل أوساط الجالية؟

الطاهر التجكاني

يُذكر أن المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة تأسس عام 2008 بمبادرة ملكية، وكان الهدف من ورائه مواكبة مغاربة المهجر دينيًا وفكريًا، وضمان استمرارية النموذج الديني المغربي المعتدل في مواجهة الخطابات المتشددة والمستوردة. لكن الواقع الحالي بات يطرح أسئلة جوهرية حول مدى قدرة المجلس، بقيادته الحالية، على القيام بمهامه الأساسية، في ظل تنامي أصوات تنتقد ما تسميه “إدارة غير فعالة وصمت مقلق في ملفات استراتيجية”.

ويطالب عدد من النشطاء الدينيين والخبراء في شؤون الجالية المغربية بإعادة تقييم أداء المجلس وإطلاق مشاورات موسعة حول مستقبل التأطير الديني في أوروبا، في أفق اعتماد نموذج أكثر مرونة وفعالية، يعكس تطلعات المغاربة ويحصن أبناءهم من كل أشكال التطرف والانحراف العقدي.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x