لماذا وإلى أين ؟

ما هي الدروس المستخلصة للمغرب من الحرب الإسرائيلية الإيرانية؟..صبري يجيب

انتهت الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي اندلعت شرارتها الأولى بقصف إسرائيلي لمفاعل نووي إيراني في 13 يونيو الجاري، بعد دخول الاتفاق الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منشور له أمس، حيز التنفيذ.

ومع انتهاء الحرب التي أشعلت الشرق الأوسط وضعت شعوب المنطقة على صفيح ساخن، خوفا من وصول الشظايا إلى أراضيها، وهي المخاوف التي تُرجمت لأرض الواقع بهجوم إيراني على قاعدة العديد القطرية.

وتركت هذه الحرب تساؤلات عريضة عما قد يليها من اصطفاف وإعادة تشكيل خريطة المنطقة والعالم بأسره؟ علاوة على ما قد يستفاد منها بالنسبة لباقي الدول، منها المغرب، التي قد يبدو بعيدا جغرافيا من رقعة الصراع، لكن مصالحه وعداوته قد تتقاطع مع أقطاب هذه الحرب؟

في هذا السياق أوضح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد النبي صبري، أن “ما كان يجري في الخفاء لعقود قد تحول إلى العلن بشكل صريح، وهذا يؤكد على مسألة أساسية متمثلة تفيد ان التجارب التفاوضية السابقة بين الولايات المتحدة وإيران، اللتين تقفان في الواجهة، ومن خلفهما إسرائيل، التي كانت تعمل في الخفاء وأصبحت اليوم طرفاً مباشراً، تُظهر وجود اتفاق مسبق على ترسيم الحدود الفاصلة للضربات، حتى تبقى بيضاء”.

أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد النبي صبري

وأبرز صبري في حديثه لـ”آشكاين”، أنه “بعد قصف إسرائيل والولايات المتحدة للمنشآت النووية الإيرانية، يطرح سؤال عما إن بقي هناك أثر لليورانيوم المخصب الذي كان سبباً في هذه الحرب والمشكلة؟ ليكون الجواب هو لا، فلا أثر لليورانيوم المخصب بعد القصف، كما يطرح سؤال عما إن كان لقصف قاعدة “العديد” من قبل إيران أي تأثير؟ والجواب هو لا يوجد لأي تأثير، خاصة بعد إخلاء الجنود وإبعاد الطائرات”.

ويرى المتحدث أن “التجارب التفاوضية السابقة قد حددت سقفاً للضربات ورسّمت حدودها المتفق عليها مسبقاً، وإلا، كيف يمكن تفسير شكر الرئيس الأمريكي لإيران على منحها مهلة، كما منحتها، ربما، إيران مهلة قبل قصف منشآتها النووية”.

ويبدو، حسب صبري، أن “التحولات بعد وقف إطلاق النار تشير إلى أن كل طرف يحاول تقييم ما تبقى من قوته وما يمكن تحقيقه، فقد قبل الطرفان وقف إطلاق النار عبر وساطة قطرية باقتراح أمريكي،  لأن هذا التوجه يمكن دراسته من زوايا متعددة”.

ونبه إلى أنه “خلال عشرة أيام فقط، قامت إسرائيل بضربات متتالية لقيادات الصف الأول في حزب الله، بينما في إيران، كانت عشر دقائق كافية لضرب قيادات الصف الأول، وهذا يدفعنا إلى إدراك تداعيات هذه الحرب لو لم تتوقف، خاصة على الدول المجاورة، فلو استمرت، لكانت العواقب وخيمة، لا سيما أن عشرات أعضاء الكونغرس الأمريكي صوتوا ضد تدخل الولايات المتحدة في أزمات جديدة، بل وتساءل أحدهم كيف يعطي الرئيس الأمريكي إيران أسبوعين ثم يضربها في يومين؟”.

وأضاف أن “إغلاق مضيق هرمز كان سيكون له تداعيات كارثية على أسعار النفط، مما قد يُشعل أزمات في الدول الأوروبية وغيرها، ومن هنا، كان لا بد من احتواء الموقف، حيث نرى أنه في البرلمان الإيراني، تم التصويت على إغلاق المضيق، وكأنه تبادل أدوار”.

في هذا الصدد، أبرز صبري أن “المغرب، في علاقاته الدولية المعقدة، يُظهر قدرة على تحقيق معادلات دبلوماسية متوازنة، موازناً بين المكاسب المحتملة من التطورات الإقليمية والخسائر الناتجة عن هذه الحرب الإسرائيلية الإيرانية، ففي السياق الجيوسياسي الحالي، مع التحديات الإقليمية الهشة، يمكن للمغرب أن يلعب دور الوسيط، كما فعلت قطر، مستفيداً من علاقاته المتوازنة مع الأطراف الدولية”.

“فالمغرب جسر بين إفريقيا والعالم العربي والغرب”، يورد المتحدث “وبلد مستقر في محيط مضطرب، ويمكنه توظيف تحالفاته مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية لتعزيز دوره كوسيط موثوق، خاصة أن دبلوماسيته تقوم على الوقائية والمرونة”.

وتابع أن “إيران، من جانبها، توظف قوة ردعها فقط عندما يتعلق الأمر بمصالحها الداخلية، بينما تترك حلفاءها، حتى أولئك الذين تعتبرهم أوفياء، مثل حزب الله، وغزة اللذان تركتهما فريسة لإسرائيل، وحلفاء آخرين،  مثل الجزائر وصنيعتها البوليساريو،  وهي العوامل التي ستدفع وكلاء إيران، ومنهم الجزائر، ليدركوا أنها ستتخلى عنها كما تخلت عن حلفاء أوثق منها”.

وشدد على أن “المغرب في حاجة اليوم إلى تعزيز جبهته الداخلية وتوحيد خطابه السياسي، خاصة في القضايا الخارجية، في حين أن الاختلافات الداخلية مسموح بها، بينما المواقف الخارجية يجب أن تكون صارمة ومتماسكة لحماية الوحدة الترابية وبلورة مواقف خارجية تتميز بالصرامة مع من يتطلب ذلك،  مثل إيران، في اتجاه دفعها نحو المرونة في المواقف”.

ونبه إلى أن “هذه الأحداث تتطلب يقظة دبلوماسية، كما كانت موجودة ومراقبة للمحيط الجيوسياسي الإقليمي بنجاحاته وإخفاقاته لتفادي استغلال الهرطقات والنعرات الإيديولوجية من الأطراف الخارجية”.

وخلص  إلى أنه” ينبغي الاستفادة من خلاصات هذه الحرب، عبر اتعزيز موقعه الجغرافي كبلد مستقر وفاعل في تنويع شراكاته الاستراتيجية، الحماية من التدخلات الخارجية عبر تحصين أمنه الداخلي والخارجي، تعزيز المناعة الاقتصادية والسيادة الغذائية لمواجهة التحديات الجيوسياسية، المرونة الدبلوماسية في التعامل مع الأزمات الإقليمية، مع الحفاظ على المواقف الثابتة في القضايا المصيرية، وبهذه الطريقة، يبقى المغرب في منأى عن تداعيات الصراعات الإقليمية، محافظاً على استقراره وتأثيره الإيجابي”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
25 يونيو 2025 17:58

هذه من الدروس التي يمكن استخلاصها وتوظيف نتاىجها لتعزيز وحدتنا الترابية وجلب مزيد من الاعترافات لقضية مشروعة اراد البعض من مختلف الاتجاهات ان يوظفها لابتزاز المغرب اقتصاديا وسياسيا، لكن الدرس الاعمق من كل هذا هو ان الغرب وعلى رأسه امريكا لا تريد اي دولة إسلامية او عربية مهما علا شأنها او وفاؤها لامريكا، ان تملك اي سلاح لحسم المعارك ولحماية نفسها ضد إسرائيل، وان تحريم السلاح النووي على ايران يحمل رسالة تحديرية لكل الدول المحيطة ومنها السعودية التي شرطت حصولها على نفس السلاح إذا ما توفرت عليه ايران، والرسالة موصولة كذالك لمصر التي توجد على خط التماس مع إسرائيل، وان الدولة الوحيدة المسموح لها بامتلاك النووي هي إسرائيل حتى تبقى هي الاقوى وهي المتحكمة في مفاتيح السلم والحرب في المنطقة.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x