لماذا وإلى أين ؟

أوزين والتامني يربطان حراك ”أيت بوكماز” بفشل الإنصاف المجالي والنموذج التنموي

وصلت “مسيرة الكرامة” التي أطلقها أهالي جماعة آيت بوكماز، زوال اليوم الخميس، إلى مقر عمالة أزيلال، بعد رحلة قطع خلالها المشاركون عشرات الكيلومترات مشيًا على الأقدام.

وقد تحدّى المتظاهرون، رجالًا ونساءً وشبابًا وأطفالًا، التضاريس الجبلية الوعرة ودرجات الحرارة المرتفعة، في مشهد وصفه متتبعون للشأن العام، بأنه “درس في النضال السلمي والصبر الجماعي”.

سادت المسيرة، التي ربطت الليل بالنهار واجتازت الوديان والسفوح، تنظيمًا محكمًا، حاملةً معها مطالب اجتماعية وتنموية طال انتظارها لسنوات. في مقدمة هذه المطالب، إصلاح البنية التحتية، تحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وتوفير وسائل النقل والتغطية بالإنترنت.

تحولت هذه المسيرة إلى حدث وطني، إذ لاقت تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، مسلطة الضوء على معاناة سكان المنطقة. وكانت آيت بوكماز قد شهدت خلال الأيام الماضية موجة احتجاجات انطلقت بسبب ما وصفه السكان بـ”الإقصاء والتهميش”.

ويطالب المحتجون بشكل خاص بإصلاح الطريق الجهوية رقم 302 والطريق رقم 317، وتوفير طبيب قار ومركز صحي مجهز، إضافة إلى إحداث مدرسة جماعاتية وسدود تلية لحماية المنطقة من الفيضانات الموسمية.

كما تشمل مطالبهم إحداث مركز للتكوين المهني لفائدة شباب المنطقة، وملعب للقرب، وتوفير وسائل نقل خاصة بالنقل المدرسي، وتوفير التغطية الهاتفية والربط بالإنترنت، في ظل ظروف طبيعية وجغرافية صعبة تزيد من حدة العزلة الاجتماعية التي يعيشونها.

أوزين لـ”آشكاين”: “صرخة آيت بوكماز” أعمق من احتجاج.. وتكشف تمركز التنمية وفشل الحكومة في الإنصاف المجالي

أكد الأمين العام للحركة الشعبية، محمد أوزين، أن المسيرة الاحتجاجية لساكنة آيت بوكماز بإقليم أزيلال، والتي لم تكن الأولى من نوعها بل سبقتها احتجاجات مماثلة في مناطق مهمشة أخرى، هي “أكبر من مجرد حركة احتجاجية بل هي صرخة جبل وصوت من أصوات الهامش المنسي في ظل تمركز بوصلة التنمية”.

وفي حديثه لجريدة “آشكاين”، أوضح أوزين أن صرخة آيت بوكماز تمثل “جيلاً جديدًا من التعابير الاحتجاجية” لعمقها المجالي. ونبه إلى أن المناطق القروية والجبلية تشهد اليوم تحولًا في بنيتها الديموغرافية، حيث تحتضن قاعدة شبابية واسعة، جزء منها حامل لشهادات عليا ولكنه معطل عن العمل، والجزء الأكبر بلا شغل أو تكوين أو تعليم. وعليه، شدد أوزين على أن هذه المناطق تتطلب “مقاربة مغايرة” من مدبري الشأن العام، تستدعي إعادة النظر في الحكامة الترابية وفي تمثلهم للتنمية القروية التي لم تعد مقتصرة على التنمية الفلاحية أو مجرد بنيات تحتية بسيطة.

وأضاف الأمين العام لـ”السنبلة” أن “صرخة آيت بوكماز” هي “صدى لصرخات مناطق زلزال الأطلس الكبير وفي أنفكو وإملشيل، كما في العديد من المناطق التي ظلت خارج بوصلة التنمية”. وأشار إلى أن هذه الصرخة “تسائل في عمقها الوسائط المؤسساتية والتمثيلية محليًا وإقليميًا وجهويًا ومركزيًا”.

وأفاد أوزين أن الحزب ظل ينبه الحكومة، “برؤية استباقية ووعيًا بهذه الرسائل المعبرة”، إلى ضرورة التركيز على “الإنصاف المجالي والترابي في توجيه سياساتها العمومية التي تفتقر لأي أفق واضح”. ودعا الحكومة إلى “الخروج من دائرة التمركز في برمجة الاستثمارات العمومية وإعمال مقاربة التمييز الإيجابي تجاه المجال القروي والجبلي الذي حُرم من فرص التنمية منذ عقود رغم تعاقب الحكومات والولايات الانتخابية”. وانتقد أوزين الوضع الحالي، مؤكدًا أن هذا الواقع “تكرس أكثر في ظل هذه الحكومة التي جعلت للأسف من التنمية البشرية والمجالية للمناطق القروية والجبلية آخر انشغالاتها”.

وعند التطرق لمطالب ساكنة آيت بوكماز، ذكر أوزين أنها تتجاوز مجرد الحصول على “طبيب مقيم، وملعب، وطريق، ومدرسة جماعاتية، ومؤسسة للتكوين في المهن الجبلية، وتبسيط مسطرة البناء، وحقها المشروع في المغرب الرقمي”. واعتبر أن هذه المطالب كانت “محط مرافعات وبدائل قدمتها الحركة الشعبية أكثر من مرة، لكن لا حياة لحكومة تفتخر بشرعية انتخابية جعلتها تسير كل المؤسسات من الحكومة حتى أبسط جماعة قروية”. ولم يفت أوزين الإشارة إلى “مكر الصدف” التي جعلت الحكومة الحالية تطلق حملتها الانتخابية السابقة من إقليم أزيلال، غير بعيد عن آيت بوكماز، ليتخلى عنها اليوم بعد أن نالت أصوات الإقليم.

وأضاف أوزين في تصريحه أن الحزب أكد للحكومة مرارًا أن “برنامجها لدعم السكن لا يعني المناطق القروية والجبلية”، وأن هذه المناطق “غير معنية بمدارسها الريادية المزعومة”. ونبهها إلى أن “وعودها الانتخابوية غير قابلة للتحقق، وأنها لا تملك رؤية للتشغيل، وأن سياستها الفلاحية لا تعني صغار الفلاحين ولا صغار الكسابة”. ودعا إلى “مخطط كامل للتنمية القروية والجبَلية” يؤطره وزارة منتدبة لدى رئيس الحكومة برؤية تنموية “ما فوق قطاعية تجمع شتات الصناديق والحسابات الخصوصية المشتتة دون نجاعة”. كما نبه إلى “خطورة انحباس وتيرة تنزيل الجيل الثاني في مسار الجهوية المتقدمة”، مؤكدًا أن دعواتهم “بحس وطني صادق لم تزدها إلا فرارًا”.

واختتم الأمين العام للحركة الشعبية حديثه بتوجيه التحية لساكنة آيت بوكماز على “روحهم الوطنية الصادقة وما أبانوا عنه من وعي ونضج وتأطير لرسالتهم الاحتجاجية بشكل سلمي وانضباط وتنظيم محكم”. وتمنى أن “تلتقط الحكومة صرخة ورسالة آيت بوكماز التي تعنينا كلنا كفاعلين مؤسساتيين ونتحمل جميعًا دوافعها وأسبابها”، مؤكدًا ضرورة فهم الجميع أن “مغرب التنمية بوتيرة مزدوجة ومتفاوتة لم يعد مقبولًا، وأن دمقرطة فرص التنمية اجتماعيًا وترابيًا هو البديل الأسلم والسبيل الأنجع”.

فاطمة التامني لـ”آشكاين”: مسيرة “آيت بوكماز” تدق ناقوس الخطر وتكشف فشل النموذج التنموي
من جهتها، أكدت  فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، أن حراك ”أيت بوكماز”، هي مسيرة ضد ”الحكرة مرة الأخرى”، مبرزة أن المنطقة من ”المواقع المهمشة والمقصية، لا تشملها تنمية ولا فك عزلة ولا مرافق إدارية وصحية وتعليمية”.

وشددت البرلمانية، متحدثة لجريدة ”آشكاين”، أن المسيرة تعكس ” مشهد من مشاهد فشل النموذج التنموي وفشل تدبير سياسيات النهوض بالعالم القروي وغياب الإرادة السياسية”.

وأبرزت التامني أن كثيرا ما تعالت الأصوات المنادية بتنمية العالم القروي وفك العزلة عن المناطق النائية ولكن ”لم يترجم أي شيء من ذلك على أرض الواقع”، كاشفة أن هذه المناطق ”ظلت تعيش العزلة لعقود طويلة، وسنوات من التهميش والإقصاء التي يعيد إنتاجها، حيث إن أجيالا تربت في ظل هذه الظروف”.

وأوضحت البرلمانية ”أننا اليوم أمام دق ناقوس الخطر، لأن الوضع لن يبقى مستمرا هكذا في هذه المناطق دون أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار على مستوى السياسات المنهجة، وأن تكون لهؤلاء السكان كرامتهم وحقوقهم المهضومة”.

وتساءلت المتحدثة: ”كيف يعقل في كل مرة الجواب هو القمع هو التضييق؟ في وقت يجب أن يكون الجواب على أرض الواقع، لأن هؤلاء السكان تتكلم عن حقوقها ومن المفروض أن يكون هناك إنصاف”.

وقالت التامني إن المسيرة ”تنبه لحقوق المواطنة وأقلها الكرامة والحق في ضمان عيش كريم، وهو الشيء مع الأسف الذي نجده غائبا في تلك المناطق ولا توجد أذانا صاغية ومن يلتقط الإشارة”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
11 يوليو 2025 16:55

مند ان تولت هذه الحكومة تدبير الشأن العام والاصوات تتعالى وتؤكد ان هذه الحكومة بممارساتها المتوالية وعدم إصغائها لنبض الشارع، ستكون مصدرا للقلاقل واحد الاسباب التي تهديد الاستقرار بالبلاد.

ابو زيد
المعلق(ة)
11 يوليو 2025 02:31

لو قام اوزين او غيره من السياسيين بدورهم لما اضطرت ساكنة بامها للتنقل نحو المسؤولين!!
لا لركوب الانتهازيين لمعانات الفقراء و الدراويش!!
فاتكم tgv اليوم الشعب في جحود و نكران الطبقة السياسية تتحرك!!
هذا الموضوع تجاوز حتى مهرجان ما يسمى الحزب الحاكم!!

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x