2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

في سياق يشهده المغرب من نقاشات حادة حول مستقبل الصحافة وحرية التعبير يأتي مشروع القانون رقم 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، الذي منذ الكشف عن مسودته الأولى، أثار جدلا واسعا في الأوساط الصحفية والحقوقية المغربية، حيت اعتبرت العديد من الهيئات المهنية والنقابات أن بعض بنود القانون قد تشكل تراجعا عن المكتسبات في مجال حرية الصحافة، وتفتح الباب أمام تضييقات قد تؤثر على استقلالية العمل الصحفي.
ومن أبرز مواد مشروع القانون المذكور، المثيرة للجدل والتخوف، نجد المادة 80 التي تحدد آليات التعامل مع “الأخطاء المهنية” والضرر المستمر الناتج عنها، وتثير هذه المادة تساؤلات حول التوازن بين حرية الصحافة وضرورة المحاسبة المهنية.
تركز الانتقادات بشكل خاص على الصلاحيات الممنوحة للمجلس الوطني للصحافة، والآليات التأديبية المقترحة، فضلاً عن المخاوف من أن تتحول بعض المواد إلى أدوات للضغط على الصحافيين، وفي هذا السياق، تبرز المادة 80 كواحدة من المواد التي تستدعي تدقيقاً خاصا، نظراً لتأثيرها المباشر على كيفية التعامل مع الأخطاء المهنية وتداعياتها، لكونها تكسر التقادم في الأخطاء المهنية بشكل نهائي.
وتنص المادة 80 على أن “الأخطاء المهنية تتقادم بعد انصرام ستة (6) أشهر تبتدئ من تاريخ ارتكابها، ويتوقف أمد التقادم بكل إجراء من إجراءات المتابعة أو التحقيق،” هذه الفقرة تحدد إطاراً زمنياً واضحاً للمساءلة عن الأخطاء، مع توضيح الظروف التي قد توقف سريان هذا التقادم.
لكن الأهمية تكمن في معالجتها للحالات التي يستمر فيها الضرر الناتج عن الخطأ، فإذا “بقي الضرر الناتج عن الخطأ مستمراً”، تمنح المادة لرئيس المجلس الوطني للصحافة صلاحية مخاطبة الجهة المسؤولة عن نشر المادة الصحفية، لمطالبته بـ”حذف المادة الصحفية داخل أجل لا يتعدى ثلاثة (3) أيام من تاريخ التوصل بمراسلة المجلس”.
لكن الأمر لم ينته هنا، حيت أنه في حالة رفض حذف المادة الصحفية، وفق نفس المادة، “يقوم رئيس المجلس بعرض القضية على لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبيةمما يعني أن التقادم لا يسري على اية مادة وفق هذه الفقرة من المادة 80.
المشروع القانوني الذي يدعي واضعوه والمدافعون عنه، أنه “يأتي في سياق جهود مستمرة لإعادة تنظيم قطاع الصحافة والنشر، وتحديث الإطار القانوني المؤطر لمهنة الصحافة بالمغرب، بما يتناسب مع التطورات الراهنة والتحديات التي تواجه الإعلام”، إلا أن بعض مواده تكشف عن نوايا خفية لمحاصرة حرية الصحافة والنشر وتضييق حتى الهوامش المتاحة حاليا، بما في ذلك التقادم فيما قد يعتبر خطأ مهنيا.
فمن المستفيد من فتح ثغرة تجعل من كل المواد الصحفية محط مساءلة حتى لو مرّ على نشرها سنوات؟
