2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
في حضرة الشموخ: من العرش إلى القلب: قصة ملكٍ وشعب لا يفترقان

ادربس رحاوي
في رحاب التاسع والعشرين من يوليوز، تحلّ علينا ذكرى سامقة في مقامها، سامية في رمزيتها، عظيمة في دلالاتها الوطنية والروحية؛ إنها ذكرى عيد العرش المجيد، التي تُخلّد هذا العام مرور ستة وعشرين عامًا على تربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيّده على عرش أسلافه الميامين، عرش المغرب الأبي، عرش المجد والعزّة والسؤدد.
وإنها لذكرى لا يُحتفى بها بالأعلام والخُطب فحسب، بل تُحيي في الوجدان الجمعي للمغاربة شعورًا متجددًا بالعهد، وتستنهض فيهم جذوة الوفاء والإجلال لملكٍ جسّد في سيرته أعظم المعاني، وأسمى القيم، وأعمق الروابط التي تجمع بين القائد وشعبه، بين العرش والأمة، بين التاريخ والمصير.
الملك محمد السادس: الحُكم بالعقل، والقيادة بالقلب
منذ أن تقلّد جلالته مقاليد الحكم في الثالث والعشرين من يوليوز عام تسعة وتسعين وتسعمائة وألف، والمغرب يخطّ فصولًا جديدة من تاريخه المجيد، تحت راية ملكٍ جمع بين رصانة الحكمة، ودفء الإنسان. ملكٌ لم يكن صورة للبروتوكول، بل روحًا للوطن، يُصغي لنبض شعبه، ويقيس النجاح بمدى تحقق الكرامة في حياة المواطن.
ملكٌ عَدل بين الجهات، وأعاد الاعتبار للهوامش، فصارت الصويرة وطنًا للإشعاع، وورزازات قبلة للطاقة، والداخلة بوابة إفريقيا، وطنجة جسرًا بين القارات.
ملكٌ لم يختر المكوث في قصره، بل اختار الميدان، فكان حيث يكون الألم، وحيث يكون الأمل.
جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، لا يُعرّف فقط بما تحقّق في عهده من منجزات بنيوية كبرى، بل يُعرّف أساسًا بما أحدثه من تحوّل عميق في مفهوم الدولة نفسها؛ دولة ترتكز على شرعية الإنجاز، وقوة القرب، ومشروعية الإصغاء.
ستة وعشرون عامًا… مجدٌ يُكتب بماء الذهب
في ستة وعشرين عامًا، انبعث المغرب من جديد، على إيقاع متسارع من الإصلاحات الجريئة، والمشاريع المهيكلة، والتحولات الاستراتيجية.
شهد الوطن ولادة الأوراش الملكية الكبرى: من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى مشاريع الطاقات المتجددة، إلى رؤية التغطية الصحية الشاملة، ومن تأهيل البنيات التحتية، إلى تمكين المرأة والشباب، ومن إشعاع إفريقيا، إلى تثبيت الوحدة الترابية.

وما بين طموح الداخل، وتموقع الخارج، استطاع المغرب بقيادة جلالته أن يفرض احترامه، وأن يصون كرامته، وأن يحجز لنفسه مقعدًا وازنًا في مجلس الدول الراشدة والمستقلة القرار.
العرش… رمز الاستمرارية ووحدة المصير
عيد العرش في المغرب ليس لحظة احتفال رسمي، بل هو تجسيد عميق لمعنى الدولة في بعدها العريق.
فالعرش المغربي، الممتد في الزمن منذ أكثر من اثني عشر قرنًا، لم يكن يومًا أداة حكم فقط، بل كان حاضنًا للهوية، وحاميًا للوحدة، ومرآةً تعكس وجه الأمة، في لحظات المدّ كما في لحظات الجزر.
وفي شخص محمد السادس، تجلّت هذه الاستمرارية في أبهى صورها: ملك ابن ملك، وسليل عرش، لكنه أيضًا ابن هذا الشعب، ورفيق آماله، وساهر على أحلامه.
مملكة الشموخ في ظل ملك الشموخ
في هذا العيد المجيد، نرفع الأكفّ إلى الله شكورين على نعمته، مُعاهدين جلالته على مزيد من التلاحم، وعلى دوام البيعة الراسخة.
فالمغرب، كما أراده قائده، ليس بلدًا يركض خلف العابر، بل وطنٌ يبني ذاته بذاته، بثقةٍ في تاريخه، واعتزازٍ بمؤسساته، وولاءٍ لملكه الهمام
*إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها