2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
مغرب بسرعتين.. بين مشاريع ملكية تُنجز بدقة ومبادرات سياسية تتعثر في المسار

محمد الهروالي*
لا يكاد يمر عام دون أن يُعلن عن مشروع ضخم بإرادة ملكية سامية، مشاريع تترجم رؤية استراتيجية بعيدة المدى، يُراهن من خلالها على تحويل المغرب إلى منصة اقتصادية إقليمية ودولية: من القطار فائق السرعة “البراق”، إلى الموانئ العملاقة كطنجة المتوسط، ومن الطرق السيارة الحديثة إلى المشاريع الطاقية المتجددة والصناعات المستقبلية. هذه المشاريع، وبشهادة الخصوم قبل الحلفاء، تُنجز بجودة وصرامة واحترام للآجال.
في المقابل، تطفو على السطح تجربة مغايرة تماماً تقودها المجالس المنتخبة والسياسيون المحليون، حيث لا تخطئ العين مظاهر التردد، وسوء التدبير، بل والتبذير أحياناً، كما حصل في مشروع “الحاضرة المتجددة” بمراكش، الذي رُوّج له كرهان كبير لتحسين البنية الحضرية، قبل أن يتعثر في التنفيذ وتظهر فيه اختلالات جسيمة موضوع تقارير افتحاص وتحقيقات.
هذا التفاوت الصارخ بين “المشاريع الملكية” و”المشاريع السياسية” يعيد إلى الواجهة السؤال الجوهري: هل يكفي التمويل والرؤية؟ أم أن غياب النجاعة وربط المسؤولية بالمحاسبة هو السبب الحقيقي وراء مغرب يسير بسرعتين؟
بين قطار فائق السرعة يتحرك بدقة أوروبية، ومجالس جماعية تُعطِّل مشاريع تنموية أساسية، يبقى المواطن هو الخاسر الأكبر، والتفاوت المجالي هو الخطر المتصاعد.
*فاعل حقوقي
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها

لقد برزت في العشرين سنة الاخيرة هوة سحيقة بين رؤيتين: رؤيا ماكرو اقتصادية تدبر باحترافية من خلال برامج مضبوطة يواكبها اخصاىيون وتقنيون في مختلف التخصصات وتؤطرها الاستراتجية الملكية من حيث رسم الاهذاف والاجال رغم يايشوب التنفيد من اختلالات تكون احيانا تحت السيطرة او الحسم، ورؤيا متعترة بالجماعات الترابية والتي لا تساير الركب او يدخل اصحابها في مطبات مالية تنعكس سلبا على التدبير لما يشوب التنفيد من تعتر يعود إلى نقص الخبرة وتغير المنتخبين، او يعود لعمل مدبر يروم سلوك طرق مشبوهة للتحايل على القانون في تدبير الصفقات. وهذه المفارقة تقتضي إعادة النظر في طرق تدبير الجماعات الترابية بأسلوب أكتر عقلانية، كأن يتوفر المنتخبون على شروط اضافية للترشيح تمكنهم إما من الحصول على تكوين خاص في التدبير قبل إعلان ترشحهم، او وجوب توفرهم على طاقم من دوي الاختصاص في تأطير الشان المحلي وتدبير الصفقات. وهذا لايستقيم إلا بمواكبة لسيقة من الجهات الوصية لمتابعة الاجراءات العملية بشكل دوري، وإيقاف التجاوزات في وقت مبكر.
كاتب المقال تناسى المشاريع الملكية التي تعثرت والنموذج الصارخ هو مشروع الحسيمة الذي رمى بالعديد من أهل المنطقة في السجن لمدد طويلة. يُمكن الإفتخار بالTGV وليستمر أغلب المغاربة في التنقل داخل وخارج المدن بوسائل نقل غير قانونية أو بدائية تعتمد على الحيوان. سنقول أن المجالس المنتخبة والسياسيين المحليين هم المشكل ولكن بالرجوع إلى صلاحيات هاته المجالس(قانونيا) سنذرك أنها محدودة وأن السلطة “العمومية”(التي يتم تعيينها من طرف الملك أو وزارة الداخلية) من والي أو عامل أو قائد هي التي تتحكم في كل شيء،وإذا أردنا أن نردد بأن المجالس المنتخبة هي السبب في عدم تخلص العاصمة الإقتصادية من “الكرينات” والبناء العشوائي فلنا الحق في ذلك،ولنعش على فكرة أن الملك يُريد لكن الآخرين(الذين عينهم الملك) لايريدون وللتستمر بلادنا في المركز المعلوم في مجال التنمية البشرية.
نص يعكس ما نعيشه فعلا