2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

محمد الغلوسي*
تواطؤ مفضوح داخل البرلمان للسطو على صلاحيات ومهام السلطة القضائية وعزل المجتمع عن معركة مكافحة الفساد فمن يوقف هذا اللوبي ويفشل مخططاته؟
نحن في الجمعية المغربية لحماية المال العام خضنا معركة قوية ضد سعي وزير العدل ومعه الاغلبية الحكومية لتمرير المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية ،لأننا نعتبر ان تمرير المادتين المذكورتين يشكل مسا بالاختيار الديمقراطي كثابت دستوري وانتهاكا سافرا لمبدأ فصل السلط ،ذلك ان المادة 3 تجسد تدخلا سافراً للسلطة التنفيذية في السلطة القضائية ومسا باستقلالية النيابة العامة ودورها في التصدي للجرائم وضمنها جرائم المال العام في تحد سافر للمقتضيات الدستورية وخاصة الفصل 107 من الدستور.
وبمقتضى المادة 3 سيجد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة نفسه تحت إمراة وسلطة وتوجيهات السلطة التنفيذية مجسدة في المفتشية العامة لوزارة الداخلية والمفتشية العامة لوزارة المالية ،مع ان المادة 25 من النظام الأساسي للقضاة تعتبر ان الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيس النيابة العامة هو الرئيس التسلسلي لقضاة النيابة العامة والذين يخضعون لسلطته ولايمكن لأي دارس لأبجديات القانون أن لا يقف عند الإنحراف التشريعي الخطير الذي تجسده المادتين 3 و7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية.
مادتان تنتهكان الدستور وتعبر عن ميول نكوصية تمنح السلطة التنفيذية سلطات اضافية غير واردة في دستور المملكة كمقدمة للاعتداء على صلاحيات السلطة القضائية ،كما ان المادتين تكرسان تمييزا واضحا وغير مقبول بين المواطنين، اذ تمنح نخبة من المسؤولين الذين يدبرون الشأن العام ويوضع المال العام تحت تصرفهم امتيازا قضائيا وقانونيا في خلاف مع مقتضيات الفصل 6 من الدستور الذي يجعل المواطنين جميعا بمن فيهم المسؤولون العموميّون متساوون امام القانون وأحكامه كما ان المادتين تتعارضان مع اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب ومن شأن تمريرهما ان يقدم بلدنا بكون بلد غير وفي لالتزاماته الدولية وغير ذي مصداقية، ناهيك عن كون المادتين تعيقان جهود مكافحة الفساد بما هو قضية دولة ومجتمع للاسف يبدو ان هناك تواطؤ مفضوح داخل البرلمان لتمرير المادتين رغم عيوبهما الواضحة واصطدام ماورد فيهما بمقتضيات دستورية جوهرية.
تواطؤ يجسد ارادة نخبة سياسية مستفيدة من واقع الفساد والريع والنهب لتحصين من تباع لهم التزكيات من المساءلة والرقابة المجتمعية والمؤسساتية،وهي الممارسة التي أنتجت المغرب الذي يسير بسرعتين مختلفتين وعمقت فقدان الثقة في الفاعلين والمؤسسات وانطلاقا من مسؤوليتنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام فاننا نظمنا احتجاجات وراسلنا جميع الاحزاب السياسية كما عقدنا لقاءات مع مختلف مؤسسات الحكامة، ونبهنا الجميع إلى مايشكله هذا المسعى من انزلاق خطير يهدد مقومات دولة الحق والقانون ويشجع على تعميق واستمرار الفساد والرشوة ونهب المال العام والإثراء غير المشروع ،ونراهن اليوم على الدولة ومؤسساتها وخاصة المحكمة الدستورية للتصدي لهذا الانحراف السياسي والتشريعي الجسيم الذي يجسد تغول لوبي الفساد وسعيه إلى التشريع للأقلية باستغلال سيء وخطير للمؤسسة التشريعية لتمرير نصوص قانونية نكوصية تستهدف تعميق الفساد والرشوة في الحياة العامة والمس بالحقوق والحريات.
انهم يؤسّسون لدولة داخل دولة وهذا أمر في غاية الخطورة الاغلبية الحكومية ومعها جل احزاب المعارضة تواطأت ضد المصلحة العامة واختارت ان تضع نفسها وسلطتها في خدمة مصالح ضيقة لفئة تسعى إلى استغلال مواقع المسؤولية لمراكمة الثروة ،وهو توجه خطير من شأنه أن يعمق مشاعر الظلم والتمييز والغبن، هو سعي واضح لتهديد الدولة والمجتمع من طرف شبكات الفساد، فمن يوقف هذا التغول ويفشل مخططات لوبي الفساد والإثراء غير المشروع وتبييض الاموال ؟
*رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام
*إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها
نظرية
عندما يدخل المال الفاسد الانتخابات من التزكية إلى التصويت نصل إلى المعادلة التالية
كيف يحمي الفساد نفسه إذن إذا لم يكن بواسطة نصوص غير دستورية تخرجه من دائرة المحاسبة