لماذا وإلى أين ؟

يتيم: خطيبتي ملزمة بارتداء الحجاب نظرا لوضعي الإعتباري

في تصريح مثير بعد تداول مقطع فيديو يظهره مع “خطيبته المزعومة” الشابة بشوارع باريس، قال محمد يتيم، وزير التشغيل، “أوأكد أن السيدة التي خطبتها متدينة، متطلعة إلى تحسين تدينها ومتفهمة وموافقة على كون الوضع الاعتباري لزوجها المفترض يفرض عليها تحولا على هذا المستوى تدريجيا”، وذلك لتبرير سبب إختياره لفتاة غير محجبة وهو أحد قيادات حركة التوحيد والإصلاح، وحزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الإسلامية.

وأضاف يتيم، في حوار له مع موقع “العمق”، أن “الحجاب أو الستر أو الاحتشام ليس شكلا، وإنما ينبغي أن يكون ناتجا عن إيمان ووعي. ومن قناعاتي القديمة التي لم تتغير فإنه كما لا إكراه في الدين أي العقيدة التي هي الأصل فلا إكراه أيضا على السلوك ومنه ارتداء الحجاب الذي يتعين أن يكون صادرا عن قناعة وأن يقع التحول إليه بالرفق والتدرج”، وفق تعبيره. الأمر الذي يظهر الإستغلال الصارخ للدين لتبرير سلوك فردي، ويعكس بوضوح المنطق الذي تتعامل به الحركات الأصولية مع مجتمعاتها، فالحلال والحرام يقف على ناصية رغباتهم لا قواعد مرجعيتهم، كما يكشف عن نظرة يتيم للمرآة بإعتبارها كائنا غير مستقل الذات، وكأنها ملك من ممتلكات الرجل.

وسقط وزير التشغيل في خطأ أفظع من زلة، عندما قارن الزواج بخطيبته، بالزواج بالنساء الكتابيات، أي المسيحيات واليهوديات، لتبرير عدم إرتدائها للحجاب، إذ صرح أنه “كما هو معلوم أباح الإسلام الزواج من الكتابية التي هي على عقيدة أخرى وشريعة أخرى وفيه إشارة إلى أن مؤسسة الزواج هي مؤسسة دامجة بالطبيعة وتوفر فرصة أكبر لتقليص الفوارق على مستوى العقيدة أو الأخلاق أو السلوك”. ألم يجد المسؤول الدعوي بالبيجدي غير هذا المثال الذي يميز بين النساء على أساس الدين، لتبرير سلوك شخصي هو حر في القيام به.

وأردف القيادي الإسلامي: “إننا في حاجة إلى مراجعة عدد من التصورات المحكومة بالنزعة الطائفية أو الانتماء الحركي أو السياسي، وكذلك فعل الإسلام والمسلمون على تاريخهم حين تحولت علاقات المصاهرة إلى التقريب بين الديانات والطوائف والقبائل والشعوب”، يا للعجب، تحرك الملكات الفكرية لمنظر التوحيد والإصلاح، للقيام بمراجعات فكرية، فقط لأن سر “خطبته” لشابة غير محتجة، أفشي، ما هذه الذاتية المريضة، والنرجيسية المقيتة. الفكر تحركه متطلبات المجتمعات، لا سلوكات الأفراد.

وزاد يتيم، أن “مسالة الحجاب التي كانت مرتبطة فيما سبق في الأصل بالانتماء التنظيمي أو الحركي لم تعد كذلك، كما أنها لم تعد كما كانت من قبل معيارًا للتدين والالتزام الأخلاقي، دون أن أعني بذلك أنها ليست عنوانا لها بالنسبة لمن يرتدينه اقتناعا وإيمانا. وهذه مسألة عامة”. إن الربط هنا بين الحجاب والتنظيمات التي ينتمي لها يتيم، يعري معتقده بأنه الإسلام السياسي هو الذي يمثل الجماعة الناجية التي تمتلك الفهم الصحيح للدين، وتعلم ما تخفيه صدور الناس وأفئدتهم.

إن يتيم، لو إتخذ من الصمت مسلكا لكن حكيما، ولو رد بقول الشاعر أن “للناس في ما يعشقون مذاهب” لكان ذكيا، لكنه إختار التبرير المتناقض، الذي زاد الطين بلة. وإلا كيف تكون علاقة الوزير بـ”خطيبته المزعومة”، إذا إختارت بكل حرية واحتراما لقناعاتها الشخصية عدم إرتداء الحجاب، هل سيكون سببا في طلاقه منها، أم أنه سيفرضه عليها بالإكراه، أم أنه سيتسامح معها ليعاملها كما كان سيتعامل مع الكتابية، النصرانية واليهودية؟

فعلا، إن الإسلام السياسي هو الحل…

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x