2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

آشكاين من وجدة
تشهد مدينة وجدة في الآونة الأخيرة دينامية عمرانية لافتة، تعكس رؤية واضحة لدى المسؤولين لإعادة صياغة ملامح المدينة وتثبيت مكانتها كعاصمة للشرق وواجهة حضارية واقتصادية واعدة. فالمشاريع المنتشرة على امتداد شوارعها وساحاتها ليست مجرد تدخلات عابرة، بل تدخل ضمن مخطط حضري متكامل يسعى إلى جعل وجدة مدينة حديثة تواكب تطلعات ساكنتها وتحافظ في الوقت ذاته على هويتها التاريخية.

يراهن المسؤولون على إعادة تأهيل المداخل الرئيسية للمدينة باعتبارها الواجهة الأولى التي تعكس صورتها أمام الزوار والمستثمرين. وتشمل هذه الأشغال توسيع الطرق وإعادة تهيئة الأرصفة وتحسين الإنارة العمومية، إلى جانب إنشاء فضاءات خضراء تمنح المدينة لمسة جمالية حديثة. وتهدف هذه المبادرات إلى تحقيق انسجام عمراني يربط بين قلب المدينة وأحيائها الحديثة، مما يجعلها أكثر قدرة على استقطاب الاستثمارات وتعزيز موقعها الاقتصادي داخل الفضاء المغاربي.

ولا تقتصر هذه الحركية على المحاور الكبرى فحسب، بل تمتد إلى الساحات العمومية التي تعد متنفسا للساكنة. فقد شرع المسؤولون في إعادة تصميم فضاءات الراجلين وتوسيع المساحات الخضراء، في إطار رؤية حضرية تراعي البعد الإنساني وتضع المواطن في صلب الأولويات. هذا التوجه يعكس حرصا على مصالحة وجدة مع تاريخها الألفي، من خلال الحفاظ على روحها التراثية ودمج مقومات الحداثة والمعاصرة في هندستها العمرانية.

ورغم ما تسببه هذه المشاريع من ارتباك مؤقت في حركة السير وتأثير على بعض الأنشطة التجارية، يؤكد المسؤولون أن هذه المرحلة الانتقالية ضرورية لتحقيق التحول المنشود. وتعمل المصالح المختصة على تسريع وتيرة الإنجاز لتقليص مدة الأشغال، مع اتخاذ تدابير لتيسير حركة المرور وتخفيف الضغط على المحاور الحيوية، حتى لا تتأثر الحياة اليومية للمواطنين بشكل كبير.

تسعى هذه الرؤية إلى ما هو أبعد من مجرد تحديث البنية التحتية، إذ تراهن على بناء مدينة متكاملة تجمع بين الجمالية العمرانية والجاذبية الاقتصادية والتوازن البيئي، إضافة إلى تحسين جودة الحياة عبر توفير فضاءات اجتماعية وإنسانية تليق بتطلعات الساكنة. وهكذا ترسم وجدة اليوم ملامح مرحلة جديدة من تاريخها، حيث تتحول شوارعها وساحاتها ومداخلها إلى ورش مفتوحة لإعداد مدينة الغد: مدينة عصرية، جاذبة، ومتجددة، تعكس مكانتها كعاصمة للشرق وواجهة للمغرب في عمقه المغاربي والإفريقي.
