لماذا نجتهد ضد الواقع؟

محمد كويمن

كثيرا ما تجد مؤسساتنا العمومية، لا تنعم بمواصفات النظام والنظافة والأناقة..، إلا حين تحظى بزيارة رسمية؟، فهل استقبال الوزير بلباس أنيق و”الكرافاطة” علامة من علامات الاحترام الواجب لشخصه؟، علما أن الأناقة في اللباس شيء جميل لكن إذا كانت فقط “على وجه الوزير” تصبح “عياقة”. فلِم لا يكون واجب الاحترام عادة في مؤسساتنا لا يفرق بين الوزير والغفير؟، ويكون الاستعداد لاستقبال الوزير فعل يومي يكرس قناعتنا بما نقوم به من واجب دون أن يكلفنا ما لا نطيقه تحت سيف الرقابة والمجاملة والنفاق.

وأكثر من اللباس، تجد في مؤسسة صحية عمومية الالتزام بالمعايير الوقائية وبالنظافة المطلوبة، وحتى مشكل الاكتظاظ، يبتكرون له الحلول، فقط خلال زيارة الوزير أو لجنة تفتيش، وكأن النظافة فرض كفاية إذا استمتع بها الوزير فالباقي تسقط عنهم طول السنة.

الغريب، وما الغريب إلا الشيطان، أن الوزير يعلم علم اليقين بأن الواقع اليومي ليس ما يراه في زياراته الرسمية، بل هو على اطلاع بالمشاكل المطروحة ويعجز في كثير من الأحيان عن إيجاد حلول ناجعة لها، ومع ذلك يستمتع بابتسامة مستقبليه وبأناقتهم وبالترحيب الكبير من الضيوف المدعوين، و”ينبهر” بالمنجزات المحققة وبالمشاريع المبرمجة، قبل أن يعود إلى مكتبه ويجد مراسلات عديدة حول واقع آخر يحتاج إلى نقاش صريح للتغلب على إكراهاته، بمجهود تشاركي يرتكز على معطيات حقيقية، لا عيب في كشفها من أجل بناء حلول واقعية مسؤولة وجادة، مع الحفاظ على ما تحقق من إيجابيات دون تبخيسها.

لكن للأسف في كثير من الحالات، لم نعد نكتفي بالكذب على أنفسنا بل صرنا نثق بكذبنا، ونسوقه بكل “سنطيحة” على أنه حقيقة لا تقبل حتى التشكيك في مصدرها.

الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.