لماذا وإلى أين ؟

حارس هيبة الدولة النقدية في مواجهة الضغوط الدولية

عبد اللطيف الجواهري

إنه ذلك الرجل الذي خرج من المدرسة التقليدية العريقة، عبد اللطيف الجواهري، الذي أسميه بـ «المحافظ على التيار الضامن لهيبة الدولة»، في ظل تحولات الأحداث العالمية، ما بين تعويم وقيود تفرضها الهيئات والمؤسسات النقدية الدولية. فهو الرجل الوحيد الذي أراه قادرًا على قول كلمة “لا” بلا خوف وبكل جرأة.

لقد فضح مجموعة من الأرقام الصادرة عن هيئة تنفيذية منتخبة من الشعب، وآخرها تصريحات نائب رئيس السلطة التنفيذية أثناء تقديم حصيلة أربع سنوات، حين قال إن البطالة انخفضت بنسبة مئوية واحدة، ليخرج الجواهري، الرجل الأصيل وصاحب كلمة “لا”، ليصرح في تقريره أن بطالة الشباب تصل إلى 46.9٪، ما أثار جدلًا حول انعدام الشفافية والمصداقية في الأرقام التي تقدمها ثاني أهم مؤسسة في الدولة بعد المؤسسة الملكية: الحكومة.

فباعتباره الواصي على بنك المغرب منذ 23 أبريل 2003، يظل الجواهري الرجل الوحيد الذي لم يصدر عنه أي تصريح يمس بهيبة الدولة، على عكس الحكومة التي من المفترض أن تكون أرقى المؤسسات.

وهنا تطرح أسئلة بريئة لكنها محورية: لماذا يسعى البعض إلى إزاحته من رأس هذه المؤسسة؟ ومن المسؤول عن هذا القرار؟ هل هي مؤسسات النقد الدولية التي لا يريد لها أن تتحكم في سياسات الدولة النقدية؟

ومن يتحكم في تعويم أو تقنين الكريبتو وغيرها من القرارات التي قد تكون غير صائبة وغير في مصلحة الدولة؟ إن هذه المؤسسات الدولية تهدد وجود الدولة وهيبتها التي استمرت لقرون. فلماذا يُضحى بالأحرار؟

أول خطوات الانتقال نحو علمانية حديثة قد تكون تنحي عبد اللطيف الجواهري عن رأس أعلى مؤسسة نقدية في المغرب، وتنحي أحمد لحليمي العلمي عن أعلى مؤسسة لإصدار الأرقام الحقيقية، المندوبية السامية للتخطيط، فهو الرجل الذي خرج مرارًا وتكرارا لتكذيب الإحصائيات الحكومية، وتم التخلي عنه ليحل محله مسؤولون آخرون، مثل بنموسى، الذي تسبب في أزمة قلبية لقطاع حيوي في الدولة.

فمن سيدير قطاع النقد المغربي بعد ذلك؟ مهما كان الحال، سيكون من الصعب عليه قول “لا”، لأن العقد الذي سيمضيه قد يحتوي على عبارات ملزمة مثل “ضمان استقرار الدولة وأمنها القومي وحمايتها من الاختراق الدولي”، إذ غاية هذه المؤسسات النقدية العالمية، مثل البنك الذي يرأسه الهندي الأمريكي أجاي بانغ وصندوق النقد الدولي الذي تديره كريستينا جورجييفا، واضحة ومباشرة.

فهل تفكرون فيما أفكر فيه؟ القروض التي يحصل عليها المغاربيون والعرب من صندوق النقد الدولي ستخدم أجندات قد تبدو اجتماعية أو بيئية، لكنها في الحقيقة قد تفرض سياسات خطيرة على مستوى الدولة.

في حكومة 2021، غير اسم وزارة الطاقة والمعادن إلى وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ما يظهر جليًا في سلسلة القرارات المتتالية من “الطاقة والمعادن” إلى “الانتقال الطاقي”. هل هذه مجرد تغييرات شكلية، أم هي جزء من سياسات تهدف إلى إفراغ مؤسسات الدولة من استقلاليتها؟ السؤال الأهم: من يحمي الحليمي والجواهري من شبح القرارات التي قد تضرب سيادة الدولة؟

*إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x