2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
لماذا اتخذت احتجاجات جيل ”زد” طابعا عنيفا؟ (الوردي يُجيب)

تصاعدت حدة الاحتجاجات التي دعت إليها حركة “جيل زد”، لتتحول في بعض المدن إلى مواجهات عنيفة مع قوات الأمن، تخللتها أعمال تخريب وشغب واسعة النطاق، مما شكل تحولا خطيرا في طبيعة هذه المظاهرات التي انطلقت للمطالبة بإصلاحات اجتماعية.
في هذا السياق، شهدت عدة أحياء في مدن مغربية، لا سيما في مناطق الهامش، أعمال عنف غير مسبوقة، بما في ذلك محاولات اقتحام لمقرات أمنية، إضرام النار في ممتلكات عامة وخاصة، وتخريب لبنوك وسيارات تابعة للدرك الملكي، خاصة في مدن كسلا، انزكان، أيت عميرة، بركان، وجدة، ولاد تايمة، الراشيدية، بني ملال، سيدي بيبي، قليعة مراكش وغيرها…
وأكدت مصادر أمنية أن قوات الدرك الملكي اضطرت، ليلة أمس، لاستخدام الرصاص الحي في القليعة، لصد محاولة اقتحام ثكنة أمنية، مما أسفر عن مصرع شخصين متأثرين بإصابتهما بأعيرة نارية.
في سياق متصل، أعلنت رئاسة النيابة العامة عن متابعة وملاحقة حوالي 193 شخصا للاشتباه بتورطهم في أعمال العنف والتخريب والتحريض.
وتظهر الحصيلة العدد الكبير من الموقوفين الذي تضاعف بعد أن اتخذت المظاهرات، التي يقودها شباب ينتمي لـ “جيل زد”، بعدا عنيفا يبتعد عن السلمية التي دعت إليها الحركة في بدايتها.
يشهد المغرب احتجاجات ومظاهرات، سواء للمطالبة بإصلاحات أو غضبا من مشاريع قوانين مررتها الحكومة لا تروق لفئة معينة، أو حتى تضامنا مع فلسطين؛ لكن لم يسبق أن تحولت هذه الاحتجاجات، على الأقل في السنوات الأخيرة، إلى مواجهات عنيفة، كما شهدناه في الأيام الماضية.
لماذا اتخذت الاحتجاجات بعدا عنيفا جدا هذه المرة؟ وما السبب الذي دفع شبابا إلى الإقدام على أعمال تخريب وحرق وعنف، الذي قد يكلف بعضهم سنوات طويلة وراء القضبان؟

جوابا على هذه الأسئلة، يرى الدكتور العباس الوردي أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، بأن الاحتجاجات الحالية سيقت لها بنية مغايرة عن البنى السابقة، على اعتبار أن الشباب الذين خرجوا إلى الشارع ”ربما غير مؤطرين سياسيا”.
وأوضح الوردي، في حديث لجريدة ”آشكاين”، أن عدم إشعار السلطة المحلية وخلق جو مشحون بين القوى الأمنية التي اضطرت إلى ”القيام بواجبها في إطار قانوني ودستوري حماية للنظام العام والأمن”، لافتا إلى أن ذلك ”لم تستسغه الجحافل العريض لشبابنا وشباتنا غير المطلعين على هذه البنية القانونية”.
وشدد ذات الأستاذ الجامعي على أن الاحتجاجات ”المجهولة الهوية بلغت ذروتها”، مبرزا أن الاحتجاج مكفول بنص الدستور والقوانين الجاري بها العمل لكن على أساس ”منظم واحترام المؤسسات وعدم المساس بالأمن العام والأملاك العمومية والخاصة”، إلا أننا شهدنا أحداث يندى لها الجبين في مجموعة من المدن مثل انزكان والطريق السيار بالدار البيضاء وأيت عميرة وغيرها…، مشيرا إلى أنها ”أشياء مؤسفة لم نكن ننتظرها من الشباب المغربي”.
وأكد المتحدث أن الانفلات الحالي ”سيتم احتواءه عبر بوابة الحوار والنقاش”، لافتا إلى أن ما جرى ”فرصة سانحة للأحزاب السياسية أن تتحدث بصوت مرتفع مع هذا الشباب الصاعد الذي يتطلع إلى العيش الكريم والصحة التعليم الجيدين”، موضحا أن هذه المطالب ”مشروعة ولا أحد ينازع فيها”.
وقال عباس الوردي إن المطالبة بالحقوق، ”يقتضي علينا كمواطنات ومواطنين أن نؤطر أبناءنا وشبابنا وشيبنا من أجل احترام القانون والتعبير عن أصواتنا بشكل حضاري الذي يميز المغاربة”.