لماذا وإلى أين ؟

العجلاوي: مقترح البوليساريو لغوتيريش بخصوص الصحراء ‘مناورة سياسية تعكس خطاباً انهزامياً مضطرباً”

قدمت جبهة البوليساريو مقترحا جديدا إلى الأمين العام للأمم المتحدة واعتبرته مبادرة حسن نية واستجابة لقرارات مجلس الأمن في محاولة منها لإعادة إحياء خيار استفتاء تقرير المصير رغم تزايد الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي المغربي.

وقال البيان الصادر عما تسميه الجبهة ممثلها في نيويورك أن “مقترحا كانت قدمته في ابريل 2007 يدعو الى استفتاء تحت إشراف أممي والاتحاد الافريقي مع استعداد للتفاوض مع المغرب حول علاقات استراتيجية مشتركة”.

واستخدمت الجبهة عبارة “تقاسم فاتورة السلام” في محاولة لتقديم نفسها كطرف منفتح على التسوية شرط توفر إرادة سياسية لدى المغرب. كما أكدت “استعدادها للدخول في مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة وفق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي”.

ويأتي بيان البوليساريو في ظرف دبلوماسي يتسم بتعزيز الاعتراف الدولي بمبادرة الحكم الذاتي التي أطلقها المغرب سنة 2018. ويشير هذا الخطاب الى محاولة لإعادة التموضع في مواجهة تحول ميزان الدعم الدولي نحو المبادرة المغربية باعتبارها المسار النهائي المرجح لتسوية النزاع. غير أنه في مضمونه ومفاهيمه لا يزال يعكس النزعة الانفصالية التي لا تريد البوليساريو التخلي عنها.

الدكتور الموساوي العجلاوي، الأستاذ الجامعي والخبير في العلاقات الأفريقية، يرى أن “بيان الأمانة العامة لجبهة البوليساريو يعكس ما يمكن وصفه بـ”الهروب إلى الأمام”.

وقال العجلاوي في تصريح لجريدة “آشكاين أن الرسالة التي وجهتها  البوليساريو إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش “مناورة سياسية لا تنفصل عن الارتباط البنيوي للجبهة بمراكز القرار في الجزائر”. وأوضح أن “البوليساريو، منذ تأسيسها سنة 1974، لم تمتلك استقلالية القرار السياسي، وظلت خاضعة بشكل كامل لتوجيهات النظام الجزائري”.

وأشار المتحدث إلى أن “المتغيرات الإقليمية الحالية، خاصة مع وجود دينامية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية لحلحلة النزاع في المنطقة على أساس مبادرة الحكم الذاتي، وضعت البوليساريو في حالة ارتباك واضح، في ظل غياب وضوح في الموقف الجزائري الرافض أو المتحفظ على هذا الحل”.

واعتبر الأستاذ الجامعي أن “هذا الغموض يجعل كل المواقف الصادرة عن الجبهة، أو عن النظام الجزائري، بعيدة عن مسار التسوية الواقعية”، مشيرا إلى أن “قيادة البوليساريو تلجأ إلى دبلوماسية البيانات والإعلانات لطمأنة الرأي العام الجزائري والمحتجزين في مخيمات تندوف، في ظل تراجع الدعم الدولي واشتداد العزلة الإقليمية”.

ولفت  المحلل السياسي إلى أن “التخبط داخل الجبهة تجسد في تسريب مسودة المشروع الأمريكي من طرف وكالة أنباء مستقلة تابعة لجناح داخلي مرتبط بخارجية البوليساريو”، ما يعكس وفق تعبيره “حالة الانقسام الداخلي وضعف القدرة على التحكم في مسار الخطاب السياسي والإعلامي”.

وكانت مسودة لمشروع قرار مجلس الأمن الدولي بشأن قضية الصحراء المغربية قد أكدت أن مبادرة الحكم الذاتي، التي قدمها المغرب سنة 2007، تمثل الإطار الواقعي والوحيد الكفيل بالتوصل إلى حل نهائي ودائم لهذا النزاع الإقليمي. فيما أوردت أن أن “الدول الأعضاء جددت دعمها الواسع للمبادرة المغربية لما تتسم به من جدية وواقعية، مشيرة إلى أنها تشكل الأساس الأكثر مصداقية للتسوية السياسية العادلة والمستدامة، وفق مقاربة تنسجم مع قرارات الأمم المتحدة ومبادئ احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية”.

ودعت المسودة “الأطراف المعنية إلى الانخراط الفعلي في مفاوضات جادة ومسؤولة دون تأخير أو شروط مسبقة، استنادا إلى مقترح الحكم الذاتي المغربي، بغرض التوصل إلى اتفاق سياسي متوافق عليه يضمن حلاً عملياً للنزاع ويعزز الاستقرار والتنمية بالمنطقة”.

العجلاوي يعتبر أن ما صدر عن الجبهة يحمل خطابا “انهزاميا مضطربا، مع استعمال مفاهيم ملتبسة مثل الحديث عن بلدين، في الوقت الذي يتعلق فيه الأمر بإقليم خاضع لسيادة دولة واحدة”. منتقدا في نفس “الوقت التعاطي مع الرسالة التي تحاول تكريس مصطلح الطرفين بدل الأطراف، رغم أن النزاع ذو بعد إقليمي متعدد الأطراف”.

وخلص العجلاوي إلى أن “النظام الجزائري لا يبدو مستعدا للإنخراط في مخطط التسوية الأمريكي إلا في حدود عودة العلاقات مع المغرب، بينما تبقى البوليساريو محاصرة بعزلتها الدولية والقارية، وغير قادرة على تقديم بدائل واقعية أمام تقدم مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الخيار الوحيد المطروح بجدية على طاولة الحل”.

الجدير بالذكر أن ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، أعلن عن توقعاته بتحقيق “اتفاق سلام” بين الجزائر والمغرب في غضون ستين يوما. وجاء هذا التصريح في مقابلة له ضمن برنامج “60 دقيقة” (60 Minutes) على شبكة “سي بي إس” الأمريكية، حيث كشف عن جهود فريقه لتهدئة بؤر التوتر في المنطقة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x