لماذا وإلى أين ؟

الإرادة الدولية… تنصف المغرب… وتفيد الجزائر…

طالع السعود الأطلسي

نهاية هذا الأسبوع، ستُعلن الإرادة الدولية، عبر قرارٍ لمجلسِ الأمن الأُممي، وضع نزاع الصحراء المغربية في مسار الحل النهائي، الواقعي، السِّلمي والدائم، بإعمال الحكم الذاتي للإقليم موضوع النزاع، ضمن السيادة المغربية…

وهم الانفصال في الإقليم سيُسمَع له دوي السقطة الأخيرة… ولا تملك البوليساريو إلا “فَيْنة” محدودة للترنُّح ولقليل من الحشرجة… الإرادة الدولية باتت مُستعجِلة في فرض حل النزاع الذي أدامته الجزائر، وهي الراعي الأول والرسمي للبوليساريو، عبَثاً ولنصف قرن…

الجزائر، اليوم، أمامها أن تتفاعلَ مع نداءات الملك محمد السادس لحوارٍ أخوي، يُوفِّر لها خروجًا مُشرفًا من وَضع قابل لأن تكون فيه مهزومة… ولديها دعوة الرئيس الأمريكي للدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب، محددة آجال التوصل إلى نتيجة إيجابية… ملك المغرب حريصٌ على عدم تشييد انتصار المغرب، في دفاعه عن حقِّه الوطني الوحدوي، على أنقاض انهزام جزائري مُؤلِم…

حكمة الملك المغربي تُلح على امْتلاك الجزائر في مَشروع تنموي مغاربي موحد، شامل واستراتيجي… الدولة المغربية شحنت سياستها بصبر استراتيجي، طويل النَّفَس، مع الجزائر… وهو ما يوفِّر اليوم إمكانية ضخ المستقبل في العلاقات الجزائرية-المغربية… امتنع المغرب عن القيام بأي إجراء عدائي، أو انتقامي، مع الجزائر، على مدى هذا النصف قرن من منازعتها له في حقِّه الوطني الوحدوي، رغم أن انفعالات الجزائر ضد المغرب بلغت مُستوى غير مَسبوق في العلاقات البينية العربية والإفريقية، من نوع الإغلاق التام للحدود بينها وبين المغرب، برّاً وبحراً وجوّاً…

الحكمة، التي هي مِن مُكوِّنات الثقافة السياسة للمغرب، توجّه الدولة المغربية نحو العمل على تحويل الإقرار الدولي بشرعية مَسعاها الوطني، إلى طاقة جاذبة لاقتحام مُستقبل نوْعي لعلاقاتها، خاصة، مع الجزائر، لفائدة البلديْن والشعبيْن ولعموم دول وشعوب المنطقة المغاربية… من منطلق أن ما يكسبه المغرب من “الدَّمغة الدولية” على شرعية صموده في الدفاع عن وحدة الوطن المغربي، لم تدْحَر، وحسب، وهم الانفصال، بل من شأنها أن تفرض على الجزائر التخلي عن وهم عزل المغرب وتقزيمه في شمال إفريقيا، وهو ما كان يُغذّي الحماسة الجزائرية لوهم الانفصال ضد المغرب…

القرار، النوعي والتاريخي، لصالح الحق المغربي، المتوَقّع أن يُعلِنَه مجلس الأمن، تُنبئ مؤشرات “التسخينات” السياسية، المحضِّرة له، بأنه سيكون بإجماع الدول الخمس المتمتعة بحق النقض… روسيا التي امتنعت عن التصويت على القرارات السابقة لمجلس الأمن الخاصة بنزاع الصحراء المغربية، من المرجّح أن تصادق بالإيجاب على القرار المتوقَّع أن يصدر يوم 30 أكتوبر الجاري… وهو ما يُفيد تفهمها للمسلك المغربي، وتقديرها للفاعلية المغربية، أساسا في شمال إفريقيا، واعتباراً لمصالحها الثنائية مَعه، وآخر تعبيراتها تجديد اتفاقية الصيد البحري معه. فضلاً على عراقة العلاقات المغربية-الروسية، والتزامها التاريخي بالاحترام المتبادل، رغمًا عما عَرض لروسيا، خلال الحرب الباردة وما بعدها، من صدامات في توترات دولية…

الجزائر قالت إنها لن تشارك في التصويت على قرار مجلس الأمن، وبذلك سيحوز القرار على تصويت إجماعي ليكون قرارا تاريخيا، من الاعتبار القانوني ومن زاوية مؤدَّاه السياسي… بما يمكنه من “التمتع بقوة الشيء المقضي به”… سيكون قرارًا نافذًا بشرعيته القانونية وحمولته السياسية، المعبرة عن صدقية إجماع الإرادة الدولية في تمكين المغرب من حقه الوطني، وفي فَض نزاعٍ شاذ عن تحوّلات الوضع الدّولي ومَصدر مَخاطر على السلم في شمال إفريقيا، بدون مسوِّغات مبرَّرة…

القرار الأممي سيكون في شكل “كناش تحملات” مسار الحل النهائي لنزاع الصحراء المغربية… لن تستسيغه الجزائر، ومعها البوليساريو، ولكن لا بد من الانْضباط لمَضمونه… ولضيق هامش المناورة أمام مُعارضيه…

الجملة المفتاح في القرار هي “ضمن السيادة المغربية”… وما عداها قابل للتفاوُض وللحوار لتثبيت الحق التاريخي… وقابِل لأن تُليّنه وتُيسّره إرادة كسب المُستقبل لفائدة الشعبيْن الجزائري والمغربي، أو تعقّده وتشاغب ضده، عبثا، إرادة التمتْرُس خلف تهيُّؤات من هواجس ماضٍ موبوء ولَّى…

الحماس الدولي، الوازن، المتعدد، المتنوع والعارم المنتصر للحق الوطني المغربي… وقد لاحظ الصمود المغربي في الدفاع عنه لنصف قرن… يؤشر على أن القرار النوعي والتاريخي لمجلس الأمن، هذا الخميس، يحمل في ثناياه التأهب لاستعجال الأخذ به وملئِه بحرارة الواقع، وتعقيمه ضد تمييعه أو شل تنزيله في النفاذ به حلا للنزاع…

ساعة الحقيقة دقّت… الانفصال إلى زوال… وما بين المغرب والجزائر الأفق مفتوح على عظيم الآمال…

*إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x