لماذا وإلى أين ؟

صبري: أي تعديل يطرأ على مقترح الحكم الذاتي لا يغير من جوهر الأمر

عرف مشروع القرار الأمريكي الجديد حول الصحراء المغربية، الذي وزعته واشنطن على أعضاء مجلس الأمن، تعديلات في صيغته النهائية تمهيدا للتصويت عليه في 30 أكتوبر الجاري. وشملت أبرز التغييرات حذف عبارة “الوحيد” من الفقرة التي كانت تصف مقترح الحكم الذاتي المغربي بأنه الحل الوحيد، في خطوة تعكس رغبة الولايات المتحدة في تمرير القرار بأقل قدر من الخلافات وإرضاء مختلف الأطراف.

في هذا الصدد، أوضح الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء صبري لحو أن “المسودة الأولى لمشروع القرار الأمريكي حول الصحراء المغربية كانت تحمل اعترافا واضحا بسيادة المغرب الكاملة والتامة على أقاليمه الجنوبية، وهو ما اعتبره مكسبًا جوهريًا للمملكة”.

وأوضح لحو في تصريح لجريدة “آشكاين” أن “الأهم بالنسبة للمغرب هو الاعتراف الأممي بالسيادة باعتبارها الأساس الذي يمنح الشرعية للحقوق المغربية”، وميز المتحدث بين “السيادة كأصل ثابت والحل السياسي كآلية تدبيرية قابلة للتطوير”.

وأوضح المتحدث أن “أي تعديل يطرأ على النص أو على مقترح الحكم الذاتي لا يغير من جوهر الأمر، لأن الحكم الذاتي هو القاعدة والأساس والنهاية القابلة للتطوير في إطار السيادة المغربية غير القابلة للتنازل أو المساومة”.

وأشار الخبير إلى أن “مجلس الأمن ليس محكمة للفصل في المنازعات، بل هيئة تنفيذية تصدر مواقف ذات بعد سياسي وأممي، وأن بلوغ مرحلة الاعتراف بالسيادة المغربية يعني عمليا حسم النزاع وتجنيب المنطقة أي غموض أو التباس”.

وأضاف في السياق ذاته أن “أي حل خارج هذا الإطار، أو يتجاوز سقف السيادة المغربية، سيكون مرفوضا، لأن المغرب منفتح على تطوير مبادرته للحكم الذاتي ضمن حدود واضحة وضمن الوحدة الترابية”.

وشدد المصدر على أن “المجتمع الدولي بات أكثر إدراكا لمشروعية الموقف المغربي، وأن المرحلة المقبلة ستشهد تحول الضغط نحو الأطراف الأخرى، خاصة في ظل تنامي القلق الدولي من قضايا الإرهاب والتمثيلية والمسؤولية الإقليمية، وهو ما يجعل الجزائر والبوليساريو في موقع حرج أمام الأمم المتحدة”.

وأوضح لحو إلى أنه “لا يشعر بأي تخوف من المستقبل، بل يعبر عن يقين مطلق بأن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي استوعبا جدية المغرب وجهوده الهادفة إلى إيجاد حل واقعي للنزاع”، مضيفا أن “الزخم الدولي الداعم لمقترح الحكم الذاتي يعكس وعيا متقدما بحقوق المغرب وسيادته”.

وكشف “أن على المغرب ألا يكتفي بالإشراف الأممي في تدبير أي مفاوضات مقبلة، بل أن يطالب بمشاركة الدول المؤيدة لمبادرته لتكون طرفا مشرفا على المسار التفاوضي”.

وعلاقة بمفهوم “تقرير المصير” شرح الخبير في القانون الدولي أن هذا المفهوم “لم يعد مرتبطا بالاستفتاء كما كان سابقا، بل تطور في ضوء قرارات مجلس الأمن ليصبح مرتبطا بالاتفاق السياسي بين الأطراف، وبالأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة المغاربية والساحل”.

واسترسل المصدر أن “هذا المفهوم انتقل من الطرح النظري إلى الواقعية، حيث أضحى يعني تمكين الأطراف من التوصل إلى حل سياسي متوافق عليه، وهو ما يجعل مبادرة الحكم الذاتي المغربية تتماشى تماما مع التصور الأممي الجديد لتقرير المصير باعتباره قاعدة مكملة تسمح للأطراف بالتفاهم ضمن احترام السيادة المغربية الكاملة على الصحراء”.

تأتي هذه المستجدات في سياق دقيق تعرفه قضية الصحراء المغربية داخل أروقة الأمم المتحدة، حيث تسعى القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى تمرير قرار متوازن يراعي التوافق داخل مجلس الأمن دون المساس بجوهر المرجعيات التي تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي الحل الواقعي والأكثر جدية.

ومع ذلك، فإن النقاش حول حذف أو تعديل بعض العبارات يظل مؤشرا على دينامية المواقف الدولية وليس على تراجع في الموقف الأممي من سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

ولعل المتغير الأبرز اليوم هو إدراك المجتمع الدولي لطبيعة المرحلة وارتباطها بالتحديات الأمنية في المنطقة، ما يجعل من الحل السياسي الواقعي تحت السيادة المغربية خيارا أكثر إقناعًا واستقرارا.

فالمسار الأممي، رغم تعقيداته، يبدو متجها نحو ترسيخ الاعتراف بسيادة المغرب كمنطلق لأي تسوية مستقبلية، وهو ما يمنح الرباط أفضلية دبلوماسية واضحة في ظل تراجع مصداقية الطرح الانفصالي.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x