2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
أمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، بفتح بحث قضائي في موضوع “طحن الورق”، وذلك على خلفية التصريحات التي أدلى بها رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أحمد التويزي، خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026.
وكان أحمد التويزي، رئيس فريق ”البام” بمجلس النواب، قد قال، أمس الثلاثاء، خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، إن بعض الشركات المسؤولة عن دعم القمح تقدم دقيقا مدعما شكليا فقط، أي “تطحن الأوراق فقط”، دون أن يصل فعليا إلى المستفيدين الحقيقيين من الفئات الفقيرة، مما يهدّر موارد الدولة التي تبلغ حوالي 16.8 مليار درهم سنوياً.
وجاء فتح التحقيق تجاوبا مع مطالب شعبية واسعة بضرورة تدخل الجهات المعنية، وخاصة النيابة العامة، للتحقيق في ما صرح به التويزي، وما إذا كانت المعطيات التي كشف عنها تتعلق بجرائم تمس المال العام ودعم الدقيق المدعم.
وضمن إفادة لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أكد مصدر من داخل النيابة العامة أن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط كلف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالاشتغال على الملف.
التحقيق، وفق المعطيات الأولية، سيهم بالأساس موضوع “طحن الورق مع الدقيق”، لكن أسئلة كثيرة تطرح حول ما إذا كان سيمتد أيضا إلى ما أشار إليه التويزي من “تلاعبات في الفواتير والوثائق المتعلقة بالدعم العمومي”، باعتبارها شبهة تهم المال العام وتمس دافعي الضرائب؟
الغلوسي: التويزي مبلّغ وليس متهما
في تعليقه على الخطوة، قال رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، إن “فتح التحقيق خطوة جيدة، وتندرج في إطار تفاعل النيابة العامة مع البرلمان، والتحقيق في تصريحات تتحدث عن قضايا ذات طابع إجرامي”.
وأضاف الغلوسي في تصريحه لجريدة “آشكاين” الإخبارية أن “التويزي لم يتم اتهامه بأي شيء إلى حدود الساعة، ولا يمكن متابعته بعدم التبليغ لأن تصريحه في البرلمان يعتبر في حد ذاته تبليغا”، مشيرا إلى أن “التحقيق سيطال كل ما صرح به التويزي، سواء بخصوص التلاعب بالدقيق من خلال خلطه بالورق، أو بالمال العام من خلال التلاعب بالفواتير والوثائق”.
وأوضح الغلوسي أن “التويزي سيكون مطالبا بتوضيح ما المقصود بالطحن، وهل يملك وثائق تثبت ما قاله”، مبرزا أن “المطلوب هو أن يذهب البحث في الاتجاه الصحيح وبالفعالية المطلوبة، لأن من غير المقبول أن يلعب أي طرف دور المعارضة الطارئة بإثارة قضايا تخلق الفتن والهلع وسط المجتمع”.
وشدد الغلوسي على ضرورة أن “يشمل التحقيق أيضا حجم الدعم العمومي الموجه للدقيق ومصيره والمستفيدين منه، مع ترتيب الجزاءات القانونية المناسبة في حال ثبوت أي اختلال”.
بلاغ التويزي: المقصود مجازي وليس حرفيا
وفي وقت سابق، أصدر أحمد التويزي بلاغا توضيحيا للرأي العام، قال فيه إن “العبارة التي استعملها حول طحن الورق لم يكن المقصود منها المعنى الحرفي أو المادي، وإنما كانت تعبيرا مجازيا يقصد به التلاعب في الوثائق أو الفواتير المقدمة للحصول على الدعم العمومي”.
وأضاف في البلاغ نفسه أن “من غير المنطقي اقتصاديا ولا واقعيا الحديث عن طحن الورق بالمعنى الحرفي، لأن قيمة الورق مرتفعة مقارنة بسعر الدقيق”، معبرا عن أسفه “لتحريف الكلام عن سياقه واستغلاله من طرف بعض الجهات الباحثة عن الإثارة والبوز”.
وأكد التويزي أن هدف مداخلته “كان لفت الانتباه إلى ضرورة مراقبة جودة الدقيق المدعم وآليات صرف الدعم العمومي”، مشددا على أنه سيواصل “الدفاع عن إصلاح منظومة الدعم العمومي وتوجيه الدعم مباشرة إلى الأسر الفقيرة والمستحقة في إطار العدالة الاجتماعية”.
حصانة برلمانية لكن مسؤولية سياسية
يشار إلى أن الفصل 64 من الدستور المغربي ينص على أنه “لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان، ولا البحث عنه، ولا إلقاء القبض عليه، ولا اعتقاله، ولا محاكمته، بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه، إلا إذا كانت الآراء المعبر عنها تمس بثوابت المملكة أو بالمؤسسات الدستورية أو تتضمن سبا أو قذفا أو تهديدا”.
ويرى متابعون أن هذا المقتضى يمنح التويزي حصانة برلمانية بخصوص مضمون مداخلته داخل قبة البرلمان، لكنه لا يمنع النيابة العامة من التحقق من المعطيات التي وردت على لسانه إذا كانت تشير إلى شبهات بجرائم تمس المال العام أو تدبير الدعم العمومي.