لماذا وإلى أين ؟

تحيين مبادرة الحكم الذاتي يفتح مرحلة جديدة في ملف الصحراء (الخلفي)

أعلن الملك محمد السادس، في الخطاب الذي وجهه ليلة الجمعة، عقب تصويت مجلس الأمن الدولي على القرار الأخير الخاص بالصحراء المغربية أن المغرب سيقوم بتحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي وتقديمها إلى منظمة الأمم المتحدة، لتشكل الأساس الوحيد لأي عملية تفاوض مقبلة حول النزاع الإقليمي بشأن الصحراء المغربية.

وأكد جلالته أن هذا التحيين يأتي في سياق القرار الأممي الأخير، الذي يعزز الطرح المغربي ويكرس وجاهة مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي وقابل للتطبيق، ينسجم مع الشرعية الدولية ومع توجهات المجتمع الدولي الداعمة للمقاربة المغربية.

وقد نصت مبادرة الحكم الذاتي المغربية لعام 2007 على منح سكان جهة الصحراء حق تدبير شؤونهم بأنفسهم من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية منتخبة ديمقراطيا، مع ضمان الموارد المالية اللازمة لتنمية الجهة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك التعليم، الصحة، الثقافة، البنية التحتية، والبيئة.

وتؤكد المبادرة على احتفاظ الدولة المغربية بالاختصاصات السيادية، بما يشمل العلاقات الخارجية، الدفاع، الأمن، النظام القضائي، والاختصاصات الدستورية والدينية للملك أمير المؤمنين، في حين تتولى جهة الحكم الذاتي مسؤوليات واسعة في الإدارة المحلية والتخطيط الاقتصادي والاجتماعي.

وتتضمن المبادرة أيضا إنشاء هيئات الجهة، بما فيها برلمان جهوي منتخب، حكومة محلية، ومحاكم جهوية مستقلة، مع ضمان تمثيل النساء والمجتمع المدني، فضلاً عن مجلس اقتصادي واجتماعي يضم ممثلين للقطاعات الاقتصادية والمهنية والجمعوية.

في هذا السياق، قال مصطفى الخلفي، الوزير الأسبق والخبير في قضية الصحراء المغربية، “إن تحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي يأتي في سياق مستجدات استراتيجية وتاريخية كبيرة على المستوى الوطني والإقليمي”، مؤكدا أن “القرار الأممي رقم 2797 يمثل تحولا استراتيجيا وتاريخيا مهما ويفتح المنطقة على مسار جديد يتجاوز معالجة القضية الوطنية إلى أبعاد أوسع”.

وأوضح الخلفي في حديث لجريدة “آشكاين” أن “المغرب عند إعلانه عن مبادرة الحكم الذاتي عام 2007 قدمها أساسا لتكون إطارا للتفاوض حول صيغة نهائية”، مؤكدا أن “المبادرة كانت مهيأة منذ البداية لتكون منطلقا عمليا للتفاوض، وليست مجرد طرح رمزي للقضية”.

وأضاف الوزير السابق أن “الإعلان عن المبادرة جاء على أساس أن تكون أرضية تفاوضية واضحة لتسريع الحوار السياسي وتحقيق تقدم ملموس نحو حل نهائي”. مشيرا إلى أن “المستجدات الدستورية والقانونية بعد 2007، وخصوصا المتعلقة بالهوية المغربية للصحراوي الحساني ودمج البعد الصحراوي ضمن مكونات الهوية الوطنية”.

وأوضح المتحدث أن “القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهوية المتقدمة واللامركزية إلى جانب قوانين أخرى صدرت بعد المبادرة الأولى، استوجبت ضرورة تكييف المبادرة وتعزيز صلاحيات جهة الحكم الذاتي، بما يعكس هذه التطورات القانونية والدستورية والتي تقدم المغرب في طرحها”.

وأكد الخبير أن المغرب “استلهم أيضا من التجارب الدولية المرتبطة بالحكم الذاتي، خاصة على المستوى الأوروبي، لتطوير المبادرة وتعزيز عناصرها الاقتصادية والاجتماعية والإدارية”، مشيرا إلى أن “التحسينات شملت إعطاء الجهة صلاحيات واسعة في المجالات الاقتصادية والبنية التحتية والإدارة المالية والاجتماعية والتسيير المحلي، بما يجعل المشروع أكثر جاذبية لجميع الأطراف ويؤكد أنه حل متوازن وقابل للتطبيق”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “تحيين المبادرة يضمن أن سكان الصحراء يمارسون الحكم الذاتي داخل حدودهم الترابية، بما يشمل الإدارة المحلية، التنمية الاقتصادية والاجتماعية، البنية التحتية، الثقافة، التعليم والصحة، مع تمثيل كامل في البرلمان الجهوي والمشاركة في الانتخابات الوطنية”.

هذه الصلاحيات حسب الخلفي “تعكس التطور الحقيقي للحكم الذاتي المغربي”. مشددا على أن التحيين يهدف أساسا إلى “تسريع مسار التفاوض حول الحكم الذاتي، وتوفير إطار عملي يضمن الحقوق الكاملة لسكان الصحراء، ويجعل المبادرة المغربية جذابة لجميع الأطراف المعنية، ويعكس استيعاب المغرب للمستجدات القانونية والدستورية والتاريخية”.

وختم الوزير الأسبق تصريحه مؤكدا أن “المملكة المغربية من خلال هذا التحيين تؤكد التزامها بتقديم مبادرة حكم ذاتي حقيقية، مستندة إلى أرضية تفاوضية واضحة، وتستجيب للتطلعات الشرعية والتاريخية لجميع الأطراف المعنية، وتساهم في خلق مناخ الثقة الضروري لإنجاح الحوار السياسي”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x