لماذا وإلى أين ؟

أهم “الإجراءات العقابية” التي حملها القانون الانتخابي الجديد

كشف وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، عن حزمة من الإجراءات الزجرية والعقابية الصارمة التي يتضمنها مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 المتعلق بمجلس النواب، مؤكدا أن الهدف منها “تكريس تخليق الحياة السياسية والانتخابية” وتعزيز نزاهة وشفافية الاستحقاقات المقبلة.

وأوضح وزير الداخلية، خلال تقديمه لمشروع القانون بمجلس النواب أمس الأربعاء، أن المقتضيات الجديدة جاءت، بعد مشاورات مع الأحزاب السياسية، وفي سياق “تصور شمولي يروم صيانة سمعة المؤسسة النيابية” والانتقال نحو مرحلة متقدمة من المسؤولية والمحاسبة.

وقال لفتيت إن المشروع يستمد فلسفته من التجربة المغربية المتراكمة في تنظيم الانتخابات ومن الممارسات الديمقراطية المقارنة، مشددا على أن “المرحلة المقبلة تتطلب وضع حد نهائي لكل أشكال العبث السياسي والانتخابي”.

وينص المشروع، وفق العرض الذي قدمه لفتيت أمام أعضاء لجنة الداخلية بمجلس النواب، على المنع من الترشح لكل شخص “تم ضبطه في حالة تلبس بارتكاب جرائم تمس المروءة أو سلامة الذمة أو نزاهة العملية الانتخابية”، وكذا كل من صدر في حقه حكم استئنافي بالإدانة يترتب عنه فقدان الأهلية الانتخابية، أو حكم ابتدائي بالإدانة من أجل جناية، إضافة إلى المنتخبين الذين تم عزلهم من مهامهم الانتدابية.

وأوضح الوزير أن المنع من الترشح يسري “من تاريخ إيداع الترشيحات إلى يوم الاقتراع”، وأن أي لائحة تضم مترشحا تم ضبطه متلبسا بارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 57.11، سيتم رفضها أو إلغاؤها حسب توقيت الضبط.

ولمحاربة ظاهرة عودة المنتخبين المعزولين إلى مناصب المسؤولية، نص مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 المتعلق بمجلس النواب على “تمديد فترة المنع من الترشح إلى مدتين انتدابيتين كاملتين”، وهو ما اعتبره لفتيت “إجراء يهدف إلى تحصين المؤسسات المنتخبة من الانزلاقات الأخلاقية وحث المسؤولين على النزاهة والاستقامة”.

ويقترح المشروع، المعروض على أنظار أعضاء مجلس النواب، مضاعفة فترة المنع من الترشح بالنسبة لأطر وموظفي الدولة الذين قد يستغلون نفوذهم خلال مهامهم. فبعد أن كانت المدة سنة واحدة، تم رفعها إلى سنتين في مجموع التراب الوطني، وأربع سنوات في الدائرة الانتخابية التي كانوا يزاولون بها مهامهم. وشدد لفتيت على أن “المقترح يشمل أيضا موظفي وأطر وزارة الداخلية ضمانا لحياد الإدارة الترابية وتكافؤ الفرص بين المترشحين”.

ومن بين أبرز المستجدات أيضا، نص المشروع على تجريد كل نائب يوجد رهن الاعتقال لمدة تتجاوز ستة أشهر من عضويته بمجلس النواب، وذلك “صيانة لسمعة المؤسسة النيابية” ومنعا لأي وضعية تمس صورتها أمام الرأي العام.

ولتفعيل هذا الإجراء، يلزم المشروع المحاكم بإحالة نسخ الأحكام القضائية الصادرة في حق النواب إلى الولاة والعمال داخل أجل ثلاثين يوما، حتى يتم إحالة طلب التجريد إلى المحكمة الدستورية عند الاقتضاء.

ويعطي المشروع للسلطة المكلفة بتلقي الترشيحات، صلاحية “إحالة حالات التنافي إلى المحكمة الدستورية”، كما يمدد أجل تسوية الوضعية من 15 يوما إلى 30 يوما.

وفي الشق الزجري، أكد لفتيت أن المشروع “يعتمد الصرامة في مواجهة كل فعل جرمي يهدف إلى المس بسلامة وصدقية نتائج الاقتراع”، موضحا أنه تم “رفع العقوبات السالبة للحرية والغرامات المالية إلى الضعف على الأقل”، مع إعادة تكييف بعض الجرائم من جنح إلى جنايات نظرا لجسامتها، مثل اقتحام مكاتب التصويت أو الاستيلاء على صناديق الاقتراع أو محاولة تغيير نتائج التصويت.

وأدخل المشروع أيضا مقتضيات جديدة لمواجهة الجرائم الانتخابية المرتكبة عبر الفضاء الرقمي. إذ تم “تجريم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي أو أدوات الذكاء الاصطناعي أو المنصات الإلكترونية لنشر أخبار زائفة أو إشاعات أو تركيبات رقمية بقصد التأثير على الناخبين أو التشكيك في نزاهة الانتخابات”.

وتنص المادة 51 المكررة على عقوبة حبس تتراوح بين سنتين وخمس سنوات وغرامة من خمسين ألف إلى مائة ألف درهم في حق كل من يستخدم الوسائل الرقمية لبث أقوال أو صور أشخاص دون موافقتهم أو لنشر أخبار زائفة تمس الحياة الخاصة أو سمعة المترشحين. كما تطبق نفس العقوبة على كل من يشارك في “نشر أو توزيع إشاعات بقصد التشكيك في صدقية ونزاهة الانتخابات”.

وشدد الوزير على أن هذه المقتضيات “لا تستهدف حرية التعبير، بل تسعى إلى حماية العملية الانتخابية من التضليل والتلاعب”، موضحا أن الهدف هو “تفادي استعمال الذكاء الاصطناعي لإنتاج مواد مضللة تمس نزاهة الاقتراع وشرعية المؤسسات المنتخبة”.

كما يجرم المشروع “نشر الإعلانات السياسية المؤدى عنها على منصات أجنبية”، حماية للمسار الانتخابي الوطني من أي تدخل خارجي أو تأثير غير مشروع.

وفي خطوة غير مسبوقة، نص المشروع على “عدم إمكانية الحكم بالعقوبات البديلة في الجرائم الانتخابية”، باعتبار خطورتها على الثقة العامة وصدقية المؤسسات، مع مضاعفة العقوبات في حالة العود.

ويؤكد لفتيت أن هذه التعديلات “تعكس إرادة الدولة في المضي قدما نحو تأهيل الحياة السياسية والانتخابية”، مبرزا أن مشروع القانون عدل “ثمانيا وعشرين مادة من أصل اثنتين وثلاثين تخص الجرائم الانتخابية”، مما يجسد “تحولا نوعيا في التشريع الانتخابي المغربي باتجاه مزيد من الصرامة والشفافية”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x