لماذا وإلى أين ؟

إعلان الناظور للسلام يربط نجاح العدالة الانتقالية بـ “الإرادة السياسية الصادقة” ومساءلة الانتهاكات الاقتصادية

أصدرت نخبة من المثقفين والمفكرين الدوليين، من مختلف أنحاء العالم، “إعلان الناظور للسلام والعدالة الانتقالية” على هامش فعاليات الدورة الرابعة عشرة للمهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة، وتحت شعار “ذاكرة السلام”. وجاء هذا الإعلان في “ظرف عسير”، كما وصفه المشاركون، على خلفية حرب الإبادة التي تتعرض لها غزة، مؤكداً على أن العدالة الانتقالية تمثل الطريق الأنجع لتحقيق التحول الديمقراطي وبناء مجتمعات السلم والعدالة.

وشدد الإعلان على أن العدالة الانتقالية، التي أثبتت التجارب المتعددة في أوروبا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا فعاليتها في تحقيق السلم المجتمعي، لا يمكن أن تتحقق أو تنجح في مهامها إلا بوجود إرادة سياسية حقيقية وصادقة من الدولة والمجتمع المدني والسياسي معاً. وحدد المشاركون ركائز أساسية لإحداث التغيير المنشود تبدأ بـ كشف الحقيقة والمساءلة، مروراً بـ جبر الضرر وتعويض الضحايا، وصولاً إلى تحقيق المصالحة الوطنية، مع التزامها باعتماد مبادئ التسامح وتجنب أي لجوء إلى الانتقام والثأر. وفي هذا الإطار، طالب الإعلان بضرورة إصلاح النظام القانوني والقضائي والأمني لضمان عدم تكرار ما جرى، مشدداً على أن إصلاح المؤسسات وضمان عدم التكرار يُعدّان من القواعد المؤسسة لنجاح العدالة الانتقالية.

وفي سياق التعامل مع التجارب الدولية، أكد المشاركون على أن نجاح العدالة الانتقالية يتطلب التناسب بين الآليات المقترحة وطبيعة الانتقالات، مشددين على أنه لا يمكن بحال من الأحوال استنساخ أو اقتباس تجربة بلد وفرضها على بلد آخر، رغم وجود قواسم مشتركة في تحديد المسؤوليات ومعرفة حجم الانتهاكات. كما أكد الإعلان أن المصالحة هي الحجر الأساس الذي تقوم عليه كل تجارب العدالة الانتقالية، مشترطاً لتحققها وجود سلام حقيقي وعادل وأمن وأمان، ومنوهاً بالتجربة المغربية كـ “خير مثال” على ذلك.

ودعا الإعلان إلى عدم الاكتفاء بمعالجة الانتهاكات ذات الصلة بالحقوق المدنية والسياسية، بل يجب إيلاء اهتمام كبير للانتهاكات المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما شدد على أن الهدف من العدالة الانتقالية لا يقتصر على مجرد دفع تعويضات مادية، بل يجب ضمان تمتع الضحايا بكُامل حقوقهم كمواطنين وعلى رأسها حق المشاركة في مسار الإصلاحات لتعزيز السلم والتنمية وبناء دولة الحق والمؤسسات. وشدد الإعلان على ضرورة معالجة الانتهاكات التي تعرضت لها النساء وضمان مشاركتهن المتساوية، معترفا بما عانينه وفق مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. وخلص المشاركون إلى أن الثقة التي يجب أن تخلقها العدالة الانتقالية بين الفرد والدولة وبين المجتمع والدولة هي المحدد الأساسي لنجاح أو فشل أي تجربة تحول سلمي.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x