2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
قبل يوم من دخولها حيز التنفيذ، غدا الإثنين 8 دجنبر الجاري، وخلال مشاركته في ندوة علمية احتضنتها المحكمة الزجرية بالدار البيضاء يوم الجمعة الماضي، وقف وزير العدل والحريات السابق مصطفى الرميد، على أهم مستجدات قانون المسطرة الجنائية الجديد مقدماً بعض الملاحظات و”الانتقادات”.
وذكر الرميد، في بداية مداخلته بالسياق الذي سبق إقرار القانون، مؤكداً أنه كان “نتيجة عمل تراكمي عبر السنين، منذ مناظرة مكناس سنة 2004، مروراً بتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة سنة 2005، ومقتضيات الدستور الجديد لسنة 2011، وتوصيات الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة سنة 2013”.
وعاد الرميد بالذاكرة إلى أهم المحطات الأخرى، موضحاً أنه “بمجرد مصادقة جلالة الملك على توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، بدأ الاشتغال على النسخة الأولى لهذا القانون.. وبعدها، تم تشكيل لجنة علمية”، تكونت من كل المتدخلين والمهنيين بهذا النص.
وقال الوزير السابق: “وقد أسفرت الجهود الجماعية لهذه اللجنة عن إنجاز المسودة التي تحمل تاريخ 2015، هذه المسودة هي أصل المشروع الذي تم إدخال تعديلات جيدة عليه عبر السنوات الماضية، وبالأخص في المرحلة الحالية، بقدر ما أُدخلت عليه تعديلات غير مستحسنة، كما هو الحال بالنسبة للمادة الثالثة والسابعة وغيرهما”.
ومن ضمن الملاحظات التي أبداها الرميد على النص الذي سيتم الشروع في تنفيذه ابتداء من يوم غد الإثنين، أنه “كان يفضل عرضه على المحكمة الدستورية لتقول كلمتها بشأن العديد من مقتضياته الملتبسة”.
تعزيز حقوق الدفاع وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة
وتجلت مسألة تعزيز حقوق الدفاع، وفق مصطفى الرميد، “في عدة أحكام جديدة، تشمل جميع مراحل المسطرة، وصلت أحياناً مدى محترماً، إلا أنها أحياناً أخرى تركت فراغات ونقائص ينبغي استدراكها في القادم من السنين”.
ويرى الرميد أنه “من أهم ما ورد في هذا السياق، هو أنه أصبح من واجب وكيل الملك إشعار المحامي، وعند الاقتضاء الضحية أو المشتكي بالمال، بالإجراءات المتخذة بشأن الشكايات المتوصل بها داخل أجل أقصاه خمسة عشر يوماً من تاريخ اتخاذ القرار”.
وتابع: “كما أنه في حالة الحفظ، يمكن لمن يهمه الأمر التظلم من قرار وكيل الملك أو نائبه لدى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف، كما قررت ذلك المادة 40”.
واستطرد شارحاً: “لقد نص القانون الجديد في المادة 74.1 على أحقية المحامي في الحضور للاستنطاق الذي يخضع له المتهم أمام النيابة العامة، كما كان مقرراً في القانون القديم، إلا أنه إضافة إلى أحقّيته أيضاً في التماس إجراء فحص طبي على موكله، والإدلاء بالوثائق، يمكنه طرح الأسئلة وإبداء الملاحظات، وكل ذلك بعد الانتهاء من الاستنطاق، وهو تطور حقوقي مسطري يعزز حقوق الدفاع بشكل مفيد”.
وتوقف الرميد على عدد من المستجدات الأخرى، من ضمنها: التنصيص على حالات محددة تهم الوضع تحت الحراسة النظرية، التأكيد على أن حق المتهم في الصمت ليس “اعترافاً ضمنياً بما هو منسوب له”، منح الموقوف الحق في الاستفادة من المساعدة القانونية، التسجيل السمعي البصري للمشتبه فيه أثناء قراءة تصريحاته المضمنة بالمحضر ولحظة توقيعه أو إبصامه أو رفضه.
وأشار الرميد إلى أن من بين المستجدات أن “أمد الاعتقال الاحتياطي أصبح في حدود شهر واحد، قابل للتمديد مرة واحدة فقط، وهو ما يعني الاقتصار على شهرين في الحد الأقصى في الجنح، عوض مدة ثلاثة أشهر التي كانت مقررة في القانون القديم”.
ومن جملة المستجدات التشريعية التي ستؤدي إلى تعزيز حقوق الدفاع، وفق الرميد، ما نصت عليه المادة 139 من وجوب وضع ملف القضية المعروض على قاضي التحقيق، ورقياً أو على دعامة إلكترونية، رهن إشارة محاميي المتهم والطرف المدني قبل كل استنطاق أو استماع. كما نصت أيضاً على حق محامي أي طرف منهما في الحصول على نسخة من محضر الشرطة القضائية وباقي وثائق الملف، دون قيد أو شرط، شريطة عدم تسليم أي نسخة من المحضر أو الوثائق للغير تحت طائلة العقوبات المقررة في الفصل 446 من القانون الجنائي، وذلك باستثناء قضايا الإرهاب والمس بأمن الدولة التي تم تنظيم موضوعها بمقتضيات خاصة.
تعزيز نجاعة العدالة الجنائية والرفع من مستوى تحديثها
وقررت المادة 41.1 من القانون الجديد، وفق ما ذكر الرميد، “إمكانية سلوك مسطرة الصلح إذا تعلق الأمر بجنحة معاقب عليها بسنتين حبسا أو أقل، وبغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى مائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، أو بجنحة من الجنح المنصوص عليها في مجموعة من الفصول على سبيل الحصر، أو إذا نص القانون صراحة على ذلك بالنسبة لجرائم أخرى”.
وبذلك، وفق الرميد، سيتسع الصلح ليشمل الكثير من الجنح المتعلقة بالعنف، والجرائم المالية كالنصب وخيانة الأمانة وإصدار شيك بدون مؤونة وغيرها.
وأكد الرميد أن مسطرة الصلح توقف إقامة الدعوى العمومية، “غير أنه يمكن لوكيل الملك إقامة الدعوى العمومية في حالة عدم الوفاء بالالتزامات المتصالح عليها”.
ومما قررته المقتضيات الجديدة، ذكر الرميد، ما ورد في المادة 304 من إمكانية الاستفادة من النظام التقني المعتمد لتسجيل كل ما راج بالجلسة، حيث تفرغ التسجيلات في محاضر قانونية تكون لها نفس حجية المحاضر المحررة يدوياً.
تقوية الآليات القانونية لمحاربة الجريمة
واستطرد الرميد، في هذا الباب، قائلاً: “إن من ضمن الاختصاصات الجديدة للنيابة العامة ورئاسة المحكمة، كون وكيل الملك أصبح بإمكانه أن يطلب من رئيس المحكمة إصدار أمر في إطار الأوامر المبنية على طلب، بعقل عقار مرتبط بفعل جرمي، ويقبل هذا الأمر الطعن بالاستئناف داخل أجل ثمانية أيام من تبليغه، دون أن يكون للطعن بالاستئناف أثر موقف للتنفيذ”.
ووفق المقتضيات الجديدة، قال الرميد: “يحق لوكيل الملك الأمر بإجراء بحث مالي مواز، في الجرائم التي يشتبه في كونها تدر عائدات مالية لتحديد مصدر وتاريخ تملك الأموال وعلاقتها بالجريمة، وله أن يأمر بحجز جميع الأموال والممتلكات المتحصلة من الجريمة”.
وتابع: “وقد تعززت سلطات النيابة العامة بأن أصبح من حقها الأمر بإجراء خبرة جينية أو بيولوجية للأشخاص المشتبه فيهم، والإذن بالولوج إلى الأنظمة المعلوماتية، وبإجراء خبرة تقنية لتحليل الآثار الرقمية لاستخراج البيانات والأدلة الإلكترونية والرقمية ذات الصلة بالجرائم”.
مستجدات مختلفة
ووقف الرميد على المستجد الذي أثار الكثير من الجدل، وهو المادة 3 من القانون، وقال: “ومن ذلك كما هو معلوم، ما قررته المادة 3 من أن النيابة العامة بكافة مكوناتها لم يعد بإمكانها الأمر بإجراء الأبحاث أو إقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا إذا طلب منها ذلك رئيس النيابة العامة، وهو بدوره لا يجوز له ذلك إلا بناء على الإحالة من المجلس الأعلى للحسابات وغيره من المؤسسات التي عددها النص. غير أنه إذا تعلق الأمر بحالة التلبس، فإنه يكون من حق النيابة العامة المختصة أن تمارس اختصاصاتها العادية في الموضوع”.
وزاد: “أما الجمعيات، فلم يعد بإمكان القضاء أن يقبل انتصابها طرفاً مدنياً، إلا إذا حصلت على إذن بالتقاضي من وزارة العدل، بناءً على ما سيتم تحديده من كيفيات بواسطة نص تنظيمي”.
ومنح القانون الجديد، وفق ما ذكر الرميد، “النيابة العامة الحق في إطلاع الرأي العام على مستجدات القضايا والإجراءات المتخذة بشأنها، بشرط عدم تقييم الاتهامات الموجهة إلى المشتبه فيهم حفاظاً على قرينة البراءة، كما يجوز للنيابة العامة أن تأذن في ذلك للشرطة القضائية بشرط عدم الكشف عن هويات المشتبه فيهم”.
وبالنسبة للأحداث، اعتبر الرميد أن أهم ما تم النص عليه في القانون الجديد، فيما يخص مرتكبي الجنح، أنه لا يمكن إيداعهم في مؤسسة سجنية إلا إذا استوفوا سن ستة عشر سنة كاملة.