2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

آشكاين/أسامة باجي
تستمر جبهة البوليساريو الانفصالية في كشف أوراقها الخاسرة بعد تعثر تنظيم ما تسميه “المؤتمر السابع” عقب عقد دورة طارئة لما يسمى بـ”الأمانة العامة” باءت بالفشل، حيث كانت تؤكد أن المؤتمر الذي يُعقد كل 3 سنوات ولا يُؤجَّل إلا مرة واحدة في مدة أقصاها سنة.
قرار البوليساريو بتأجيل “مؤتمرها الـ17” لمدة عام كامل يكشف صعوبة التوصل إلى توافق داخلي حول القيادة المقبلة، فإبراهيم غالي يطمح إلى البقاء على رأس الجبهة، لكن في المقابل هناك ارتباك داخلي. هذا التأجيل يمنح غالي مزيداً من الوقت، بيد أنه يفضح عمق الخلافات والتصدعات التنظيمية، ويؤكد شرعية الموقف المغربي.
في هذا السياق، يشرح رشيد لزرق، أستاذ القانون العام ورئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث، في حديث لموقع “آشكاين” خلفيات هذا التصدع الداخلي، مورداً أن تأجيل المؤتمر السابع للبوليساريو ليس مجرد تعثر تنظيمي، بل يمكن قراءته باعتباره مؤشراً على أزمة جيوسياسية أعمق.

وحسب الباحث، فإن القيادة الانفصالية تدرك أن أي تجديد في بنيتها قد يفتح الباب أمام تيارات شابة أكثر ميلاً إلى التشكيك في شرعية استمرار الصراع المسلح وفي جدوى الارتهان الكامل للجزائر. هذا التردد في الحسم يعتبره لزرق انعكاساً لتوازنات داخلية هشة، حيث تسعى القيادة المزعومة إلى حماية مصالحها ومواقعها داخل المخيمات، ولو على حساب شرعيتها.
ويرى الأستاذ الجامعي أن هذا التأجيل لا يمكن فصله عن سياقه الإقليمي، وتحديداً الجزائر، التي تلعب دوراً محورياً في إطالة أمد التأجيل، لأنها تعتبر البوليساريو ورقة استراتيجية في صراعها المفتوح مع المغرب.
إذن، فإن السماح بعقد مؤتمر جديد للجبهة قد يؤدي إلى انتخاب قيادة جديدة لا تلتزم بالولاء المطلق للمصالح الحالية للجزائر، وهو ما يُعتبر مخاطرة سياسية وأمنية كبيرة بالنسبة لصنّاع القرار في الجزائر. فظهور تيارات جديدة داخل البوليساريو قد يعيد تشكيل أولويات التنظيم، ويُضعف التحكم الخارجي في قراراته، ويخلق حالة من عدم اليقين في الاستراتيجية الإقليمية التي تعتمد عليها الجزائر.
نفهم من حديث لزرق أن الجزائر تفضل تجميد الوضع للحفاظ على جبهة مطواعة توظفها في معادلاتها الإقليمية، خاصة مع تصاعد التنافس في منطقة الساحل والصحراء وتنامي التهديدات الأمنية العابرة للحدود.
أما على المستوى الجيوستراتيجي، فيشرح المتحدث أن هذا الارتباك يصب في مصلحة المغرب، لأنه يكشف عجز البوليساريو عن التحول إلى فاعل سياسي مستقل أو مؤثر. فالفراغ القيادي والانقسامات الداخلية يضعفان موقع الجبهة في أي مفاوضات محتملة ويعززان وجاهة مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمه الرباط كحل واقعي.
إلى جانب ذلك، يستحضر الباحث استمرار الاستثمار المغربي في مشاريع تنموية كبرى في الأقاليم الجنوبية، ما يرسخ صورة الاستقرار والتقدم مقابل كيان متنازع داخلياً وتابع خارجياً، وهو ما يقوي الموقف المغربي لدى الفاعلين الدوليين.