لماذا وإلى أين ؟

من يريد تحويل “سحابة صيف” العلاقات المغربية السعودية إلى أزمة ديبلوماسية؟

بمجرد ما نشرت إحدى الوكالات الأجنبية خبرا عن سحب المملكة المغربية لسفيرها من العربية السعودية، حتى سارع محترفي الاصطياد في المياه العكرة إلى النفخ في هذه القضية، وإعطائها طابع الأزمة الدبلوماسية التي تهدد بقطع العلاقات بين المملكتين الشقيقتين.

فالعلاقات الثنائية بين النظامين والشعبين المغربي والسعودي لها جذور تاريخية، فهما حليفين تقليديين تاريخياً في الكثير من الملفات، حيث تعتبر السعودية وفق معطيات رسمية، الشريك الاقتصادي العربي الأوّل للمغرب، وهذا الأخير وفر لها فرص عدة للاستثمار، وطالما اتخذ البلدان مواقف مناصرة لبعضهما البعض، وداعمة لقضاياهما الداخلية والخارجية.

العلاقات المغربية السعودية تجاوزت علاقة دبلوماسية بين بلدين إلى علاقة أخوة وصداقة بين أسرتين ملكيتين، تجسدت في أواصر الأخوة التي جمعت ملوكها، والتي عبرت عن نفسها في عدة مناسبات رسمية وغير رسمية، وتوطدت بشكل كبير في عهد الملكين محمد السادس والملك سلمان ابن عبد العزيز.

بالمقابل، فالعلاقات التاريخية، المغربية السعودية، لا تعني عدم احترام ثوابت البلدين، فالمغرب مملكة لها استقلالية ومكانة إقليمية ودولية، ولن تقبل المس بتوابتها الوطنية، ومهاجمة وحدتها الترابية، كما فعلت إحدى القنوات المحسوبة على الإعلام الرسمي السعودي، ورده (المغرب) يكون دائما بأساليب دبلوماسية لبقة، تراعي ود العلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة، وهذا ما فعله بالضبط عندما تراكمت بعض الملفات مع العربية السعودية، حيت استدعى سفيره من أجل التشاور ولم يسحبه، وهذا عرف دبلوماسي معمول به في كل البلدان العالمية، من أجل إعطاء إشارة للدولة المعنية بأن هناك أمور يجب أن تعود لنصابها.

لكن ورغم كل التوضيحات، بل حتى أن وزارة الخارجية المغربية لم تعطي للأمر أهمية، استمر النفخ في “سحابة الصيف” التي طفت على سطح العلاقات المغربية السعودية، واستعملت فيه كل الأساليب، من بينها أساليب إعلامية ملتوية، وأخرى غير أخلاقية، كفبركة تغريدة لأحد المسؤولين السعوديين، والمعروف بنشره لتغريدات سابقة مهاجمة للمغرب، لها علاقة بملف ترشيح المغرب لتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم، التي ندينها ونعتبرها تغريدات لا تمثل الشعب السعودي، إلا أنها لم تصل إلى حد التقليل من الاحترام الواجب للملك محمد السادس، كما تم تداوله في تغريدة منسوبة إليه حول قضية استدعاء السفير، وذلك بهدف جر الشعبين إلى حرب تدوينات وتغريدات، في أفق تحويلها لحرب إشاعات، لكن شعبي البلدين أكبر من أن يقعا في مثل هذه المكائد.

النفخ في هذه القضية اتخذ طابعين، الأول تجلى في النفخ فيها من قبل إعلام لم يستوعب بعد عمق العلاقات الثنائية المغربية السعودية، والتي مهما حصل فيها من مناوشات وتوترات، لن تصل إلى حد القطيعة بين النظامين والشعبين، ومهاجمة مصالح البلدين، لأنها علاقات ذات جذور متينة ورصينة، أما الطابع الثاني فيتجلى في النفخ في الموضوع من قبل  إعلام خصوم الوحدة الترابية، والذي سخر كل إمكانياتها لتحويل “سحابة الصيف” إلى أزمة دبلوماسية صورها وكأنها حرب عسكرية على وشك الاندلاع؟

ومهما طال “الخصام” أو “سوء التفاهم” لابد للعلاقات الثنائية المغربية السعودية أن تعود لطبيعتها، وبالتأكيد سيتم تجاوز هذه السحابة العابرة، لأن هذه العلاقات الثنائية أكبر من بعض التقارير الإعلامية.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

6 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Alae
المعلق(ة)
11 فبراير 2019 21:23

أتمنى أن تكون هذه بداية قطع علاقة مستمر

Youssef
المعلق(ة)
10 فبراير 2019 11:08

LE premier pays ( gouvernement) qui se rejouisse ,eh bien c est ALGER de Bouteflica
Le ” marocain” rebelle qui nie son origine ,
OUJDI de naissance
Nadromi de racines
Nadroma est une localite de Tlemcen qui relevait du territoire du Maroc annexe par
L Algerie Francaise.

محمد ايوب
المعلق(ة)
10 فبراير 2019 08:30

السيد الادريسي:
اعتقد انك بالغت في ذم النظام السعودي وتجاوزت فيه الحد المنطقي باتهامات لا تراعي خصوصيات الدولة السعودية الشقيقة..هل المغرب مثلا دولة ديمقراطية؟اتهمت السعودية بالقتل و التعذيب والسجن:راجع التاريخ وقارن وستعرف من له باع طويل في ذلك..لا تنسى أن قضية بنبارك لم يتم حلها لحد الآن..لا تنسى تازمامارت واخوته..وكونه يشتري الإعلام لتحسين صورته فهذا فعل تقوم به دول أخرى تدعي الديموقراطية..لا يغرنك ما يتمتع به بلدنا من حرية تعبير صورية ومن ديمقراطية ديكورية لا تتعدى كونها(ماكياج ديموقراطي) يخفي سيطرة ذوي السلطة والنفوذ وأصحاب القرار على ثروة وطننا واحتكارها لأنفسهم ولابنائهم.. لا تنسى اننا دولة الريع بامتياز والذي يعتبر من أسس نظامنا..لا تغرنك ما تشاهده من انتخابات واحزاب ونقابات وجمعيات…الخ…فاغلبها باع(الماتش)..اقول: من كان بيته من زجاج فلا يقذف بيت جاره بالحجارة فنحن والسعودية وكافة بلاد العربان متشابهون في غياب الديموقراطية الحقيقية كما هي موجودة لدى البلدان الديموقراطية الحقيقية..

فارسي
المعلق(ة)
9 فبراير 2019 23:00

تقارب مغربي قطري هو سبب هذا تشنجر مع سعودية

مغربي
المعلق(ة)
9 فبراير 2019 20:33

آل سعود أنهم قالوا في شأن بشار الأسد رئيس سوريا حتى ولم يبقى لديهم ريال واحد حتى يسقطوا الرئيس .وهذا قاله آل أل سعود قبل سلمان .وأمير سعود جهز التحالف بتدمير دمشق بعشرات آلاف من القنابل لتدمير سوريا وهذا موجود في الإعلام الغربي بالحرف ومولوا العصابات وجمعوها من اوروبا وأمريكا ودول العربية والإسلامية كبكستان فخاب ضنهم .
اما ما فعلوه بالسوريا ت في تركيا والأردن ومصر موثق لدى الأعلام .مستغلين شغف العيش في المخيمات إنهم شر قوم

احمد الادريسي
المعلق(ة)
9 فبراير 2019 19:46

احترم وجهات النظر لكن لا لتزييف الحقائق في فيما لخص علاقة بين بلدين ر غم كوني اعتبر ان النظام السعودي نظام متعنث غير ديمقراطي ولا حقوق للانسان لديع غير القتل والتعذيب والسجن لذا لا اكن له اي احترام وهذا من حقي ,فهو
يشتري البشر ومعهم الصحافة الرخيصة والدول الضعيفة المحتاجة للمساعدة لنحسين صورته التي هي الان في الحضيض ولكم ان تطلعوا على الصحافة الجادة عبر العالم وانتم من موقعكم الادرى بما يجري

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

6
0
أضف تعليقكx
()
x