لماذا وإلى أين ؟

على هامش مرض ناصر الزفزافي

فوزية لهلال 

أعاد مرض ناصر الزفزافي في زنزانته الانفرادية إلى الواجهة، قصة شباب خرج إلى الشارع ذات قهر .. وذات تهميش.. وذات طحن، ليصرخ بالحقيقة المرة فنعت بالانفصال والخيانة، لفقت إليه أثقل التهم وعوقب بأحكام عكست أقبح وجه للسلطة.

وفي رمشة عين وكثير من التشويش والتدليس تحولت مطالب الريف الاجتماعية إلى ملف أمني وبامتياز.

قضية مرض ناصر الزفزافي نوقشت بداية هذا الأسبوع تحت قبة البرلمان الأوروبي ودعا حزب بو ديموس الإسباني الاتحاد الأوروبي إلى إرسال وفد للتحقيق في الحالة الصحية للزفزافي خصوصا بعد رفض إدارة السجن منح نسخة من ملفه الطبي لوالده.

بعد مضي أزيد من سنة نكرر نفس السؤال: هل كان من الحكمة اختيار طريق الاعتقالات والمحاكمات في حراك طالب بإصلاحات اجتماعية واقتصادية، وهي بالمناسبة مطالب عبرت عن كافة المغاربة وليست مطالب ريافة وحدهم؟

إن الوضع بمنطقة الريف هو الذي خلق الحراك وليس العكس، والمطالب هي مطالب شعب بأكمله على لسان منطقة عرفت بشجاعة أبنائها، فكان أن عوقب هؤلاء بأحكام لا منطقية وفاقدة لبعد النظر وبعيدة عن توقعات الشارع، أحكام عادت بنا إلى سنوات الجمر والرصاص ومن أوسع الأبواب.

الصوت.. لم يكن صوت الريف وحده، لقد كان صوت كل المغاربة الذين همشوا في بلادهم ونهبت ثروات وطنهم وهم ينظرون.

وأما الزفزافي فقد تعرض للتعذيب، والسجن الانفرادي، والمرض، من أجل مطالب آمن بأحقيته بها كمواطن وأحقية منطقته..

ولم يرها المخزن كذلك..

وضع كل مستقبله  وحياته جانبا وراهن على قضية آمن بأنها عادلة..

ولم ترها السلطة كذلك..

راهن على شجاعته وإخوانه، وعلى محاربة الفساد واسترداد الحقوق..

وراهن النظام على الآلة القمعية، في اختيار ظالم.. وغير موفق.

الزفزافي كان مرشح المرحلة النهائية لجائزة ساراخوف لحرية الفكر، مما يمكن أن نعده انتصارا سياسيا لناصر وصفعة موجعة يتلقاها المغرب، فالجائزة تنطوي على رسائل توبيخية للأنظمة الديكتاتورية التي لا تحترم حرية الفكر والحق في التعبير والرفض والاحتجاج.

مؤسف جدا أن يرشح ابن من أبناء المغرب لهكذا جائزة!

مؤسف أن تختار الدولة اتجاه القمع مع أبنائها، اتجاه يتبناه ناهبوا المال العام المحتكرون لثروات البلاد، اتجاه السجن والاعتقال وإخراس الألسنة بالعنف، اتجاه “طحن مو”، أفلم يكن أمام الدولة خيار الجلوس على طاولة الحوار، والإنصات والاستجابة لمطالب تنموية مشروعة؟

خيار الإصلاح والمصالحة؟

الوزير السابق لحقوق الإنسان والمحامي محمد زيان تحدث عن مبادرة كان يقودها مؤخرا لطلب العفو الملكي عن معتقلي الريف، مبادرة لم تتم، وقال عنها زيان: “طلب العفو الملكي عن المعتقلين لم يتم لأن خصوم المغرب أقوياء علينا، ولهم نفوذ كبير، ويحيطون بمراكز القرار، وهم من منعونا “.

خصوم المغرب.. وخصوم الشعب، يصوغون القرارات والمحاكمات ويتحكمون في رقاب 40 مليون مغربي رغم أنوفهم.

خصوم ارتأوا أن مكان ناصر ورفاقه السجن، واختاروا للوطن اتجاه الطحن والقمع و..”تمخزنيت ” ..

هم حقا خصومنا، خصوم كل المغاربة، وليسوا خصوم معتقلي الحراك وحدهم!

إنهم خصومنا إلى يوم الدين!

ندعو بالشفاء للزفزافي، ونطالب بإطلاق سراحه وكافة معتقلي الرأي.

صباحكم حرية أحبائي.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
فؤاد معروف من عمالة إقليم فجيج
المعلق(ة)
10 فبراير 2019 09:51

قال لي العامل السابق لإقليم فجيج المسمى محمد رشدي والعامل الحالي لإقليم الدريوش داخل مكتبه وبحضور شهود عند توصله بالرسالة التي وجهتها إلى المفتشية العامة لوزارة الداخلية حول اغتصاب حقي في النجاح في امتحان الكفاءة المهنية، قال: هذي راه جريمة إلى جبتني غادي نطحنك. لذلك أستغرب عدم التحقيق في القضية التي وجهت فيها أدلة إلى كل من السيدين رئيس الحكومة ووزير الداخلية ضد كل من العامل المذكور والكاتب العام المتقاعد المسمى عبد الهادي اوكيك. ولذلك أؤكد تشبثي بحقي في النجاح والتحقيق في القضية وإعطاء كل ذي حق حقه.

مدوخ
المعلق(ة)
10 فبراير 2019 04:01

ما الذي تغير منذ ذلك الحين الى يومنا هذا سوى امتلاء السجون؟

مهاجر
المعلق(ة)
9 فبراير 2019 23:35

شجاعة و مقال جميل المزيد

كاره الظلاميين
المعلق(ة)
9 فبراير 2019 23:24

تحية لك أيتها الحرة…لقد تحدثت بلسان كل المغاربة الأحرار والمغربيات الحرائر
لدينا نظام لم يكفيه تجويع شعبه وتفقيره ونهب ثرواته بل نظام قام بالإنتقام من شعب مسالم عبر قمعه ومحاكمته محاكمات صورية وزع خلالها مئات السنين على خيرة شبابه…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x