لماذا وإلى أين ؟

“الترويكا” الأفريقية تنقل الاختصاص في نزاع الصحراء من موظفي الاتحاد إلى الساسة الأفارقة

في متم يونيه من السنة الماضية اتخذ الاتحاد الأفريقي خلال القمة 31 للقادة والرؤساء المنعقدة بنواكشوط ( موريتانيا القرار 693 بخصوص نزاع الصحراء، وكان ذلك بعد تلاوة موسى فكي، رئيس لجنة الاتحاد لتقرير أعده في الموضوع الاتحاد الأفريقي.

وبمقتضى ذلك القرار اصبح التداول ومناقشة ملف النزاع بموجب قرار تلك القمة من اختصاص حصري ل”الترويكا الافريقية”، وهي لجنة ثلاثية تتكون من رئيس القمة السابق ورئيس اللجنة ورئيس القمة الممارس، أي الحالي، والتي استحدثتها القمة .

فقد أوكل الأفارقة في تلك القمة، وبذلك القرار على وضع الملف بين يدي جهة سياسية متعددة الأطراف، ونزعه من بين يدي موظفي الاتحاد الأفريقي، بما فيهم رؤساء بقية اللجان، وبما فيه مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي يترأسه الجزائري، واصبح محرما على رئيس مجلس الأمن والسلم الأفريقي وكذا رئيسا اللجنة والمفوضية وغيرهم من أشخاص وأجهزة الاتحاد الخوض في ملف نزاع الصحراء خارج ذلك الاطار.

أولا: القرار ينزع ولاية النظر في نزاع الصحراء من موظفي الاتحاد الأفريقي ويضعها في أيادي الساسة:

يعتبر نقل اختصاص النظر في نزاع الصحراء م النقل والتمليك تفتيت واعادة توزيع للقرار الأفريقي في علاقة بملف نزاع الصحراء، حيث تم نزعه من موظفي الاتحاد الأفريقي، ووضعه بين لجنة سياسية متعددة الأطراف تجمع بين في هيكلتها رئيس القمة السابق، ورئيسها الحالي الممارس مضاف اليهما رئيس المفوضية، وتضم حاليا المصري المنتخب في الدورة الأخيرة عدد 32، والرئيس السابق المنتهية ولايته بول ماجامي، رئيس رواند، ورئيس المفوضية موسى فكي .

ثانيا: نقل القرار الأفريقي بخصوص الصحراء للجنة سياسية ثلاثية يخلق هدوء يفيد المغرب:

يعتبر نزع الاختصاص من التقنيين والموظفين في أجهزة ومؤسسات الاتحاد الأفريقي، وجعله تحت حيازة واشراف لجنة سياسية ومتعددة الأطراف، وتحريم مناقشته على شكل عرضي وخارج اللجنة ذات الولاية لتدبير ذلك وتنظيمه، مكسبا وانتصارا لصالح المغرب.

إذ يفيد ذلك التحول النوعي والكمي الديبلوماسية المغربية كثيرا، إذ لم تعد تلاقي مناقشة ملف النزاع في كل مناسبة، وداخل جميع اجهزة الاتحاد الافريقي وفي كل المنتديات، كما يعتبر ذلك ضمانة لدرء خروقات وتعسف بعض موظفي الاتحاد الافريقي واستقوائهم بوظيفتهم ضد المغرب.

ثالثا: احتكار “الترويكا” مسك ملف نزاع الصحراء يوفر للاتحاد الأفريقي جهدا لباقي قضايا عموم افريقيا:

وفي ذات الوقت، فان هذا النزع وتحويل ولاية النظر والاختصاص يفيد في نفس الوقت الاتحاد الأفريقي نفسه، لان ذلك سيساهم في فسح المجال له للانكباب على باقي المواضيع والاهتمامات والانتظارات والقضايا الافريقية المشتركة والتي تهم عموم البلدان الافريقية، سواء تلك المواضيع التي تندرج داخل استراتيجية” افريقيا مزدهرة متكاملة وآمنة”.

رابعا: افريقيا تدعم الاشراف الأممي في نزاع الصحراء، وملتزمة بالعون والمساعدة في ادراك الحل:

ان دعم الاتحاد الأفريقي لمسار الأمم المتحدة في تدبير ملف نزاع الصحراء والاشراف عليه، ودعم عمل المبعوث الشخصي للأمين العام في قمة الاتحاد الأفريقي بنواكشوط، يصب في النهاية لصالح الامم المتحدة.

فاعتبارها وبدون منازع ولا معارض صاحبة الولاية والاختصاص الحصريين للنظر في النزاع وتسييره والاشراف على العملية السياسية برمتها، بحيث لا يشاركها فيه الاتحاد الأفريقي الذي ينتمي اليه النزاع تنظيميا وجغرافيا، كل ذلك يعزز عملها ويساعد على انجاحها.

خامساً: تطابق الموقف الأفريقي والأوروبي في دعم الأمم المتحدة في نزاع الصحراء، ليس صدفة بل نتيجة مجهود:

يسير الاتحاد الأوروبي في نفس الاتجاه الذي نهجه الأفريقي من خلال تجديده لاتفاق الصيد البحري والفلاحي مع المغرب بعد مصادقة البرلمان عليه واجازة المجلس عليه.

وبذلك يكون السياسي والتشريعي الأوروبي يتجاوز سابق محاولة خلق اجتهاد قضائي اوروبي، الذي يقيم تمييزا في النطاق الجغرافي لإقليم المغرب، بالقول أن النطاق الجغرافي لتنفيذ الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية لا يشمل اقليم الصحراء.

والمؤكد أن هذا العمل المتوازي التنسيق بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، هو ثمرة سابق الاجتماعات والمشاورات الذي قام به هورست كوهلر، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريز مع هذين التنظيمين القاريين لحشد الدعم والمساندة لجهوده لإنجاح العملية السياسية.

على سبيل الختم؛

و تظهر بذلك مؤشرات وعلامات وجود تنسيق خفي بين هذه المكونات التنظيمية، يعطون على إثره الأولوية للطابع السياسي لحل نزاع الصحراء، ويدعمون عمل الأمم المتحدة وجهودها واختصاصها الحصري .انسجاما مع سابق تذكير وتوجيه مجلس الأمن، من أن المطلوب من الأطراف هو اتفاق سياسي توافقي واقعي وعملي واحد؛ في جوهره سياسي وفي شكله قانوني.

*محامي بمكناس خبير في القانون الدولي_ الهجرة ونزاع الصحراء

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x