لماذا وإلى أين ؟

لماذا تدفع وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات إلى إضراب مفتوح؟

يخوض موظفو وموظفات وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات، منذ أكثر من 3 سنوات، أشكالا احتجاجية سلمية للتعريف بملفهم وتبيان المظلومية التي تطالهم جراء إقصائهم من حقهم العادل والمشروع في الترقية وتغيير الإطار على غرار زملائهم الذين سبقوهم قبل 2015. وعوض أن يتجاوب مسؤولو وزارة التربية الوطنية مع هذه النضالات، ويفتحون حوارا جادا ومسؤولا يفضي إلى تسوية هذا الملف تسوية شاملة وعادلة، يرفع الضرر والحيف عن كافة المعنيين، فضلوا اللجوء للأساليب القديمة التقليدية في مجابهة الاحتجاجات، عبر انتهاج سياسة الآذان الصماء، والقمع الممنهج والمقصود، والاقتطاعات القياسية غير القانونية من الأجور، وأساليب التهديد والترهيب للمضربين والمضربات…
ورغم النداءات المتكررة للتنسيقية الوطنية للأساتذة حاملي الشهادات، عبر عدة بيانات وبلاغات، ورغم الأشكال الاحتجاجية التنبيهية لما يقارب عن 3 سنوات، والمراسلات التي بعثت قصد رفع كل أشكال اللبس والغموض في هذا الملف، لم تتجاوب الجهات المعنية بشكل إيجابي معتقدة بأن الأساليب القديمة البالية هي الناجعة والكفيلة لمواجهة جميع الاحتجاجات مهما اختلفت طبيعتها وقوتها ومدى قدرة مناضليها على الصمود.

واليوم، بعد أكثر من 3 سنوات من التضحية والمرابطة بشوارع الرباط، وبعد أن تأكد لجميع المتضررين والمتضررات، غياب أي نية صادقة لدى الجهات المعنية لتسوية هذا الملف تسوية شاملة وعادلة على غرار جميع موظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات قبل 2015، وطي هذا الملف بشكل نهائي، أصبح من المفروض عليهم تصعيد احتجاجاتهم وفتح الباب على جميع الخيارات النضالية بما في ذلك الإضراب المفتوح، والتوجه لمقاطعة الامتحانات الإشهادية بجميع مراحلها، على مستوى الإقتراح والحراسة والتصحيح وتسليم النقط.

فالأساليب التي ينهجها وزير التربية الوطنية في هذا الملف، تدفع المعنيين للدخول قسرا في الإضراب المفتوح، فهو لم يكتف بسياسة الآذان الصماء في مواجهة نضالات الأساتذة والأستاذات، بل تعدى ذلك إلى إطلاق تصريحات أقل ما يمكن القول عنها أنها تصريحات غير مسؤولة وتنم عن نية الوزارة في الالتفاف على نضالات حاملي الشهادات والإجهاز على حقوقهم المكتسبة. فعندما يقول السيد وزير التربية الوطنية وهو بالمناسبة استاذ جامعي، كان إلى وقت قريب يسلم الشهادات الجامعية التي نطالب نحن اليوم بالاعتراف بها ولدينا شهادات موقعة باسمه عندما كان رئيسا لجامعة محمد الخامس بالرباط، بأن الشهادة لا تخول الكفاءة! فهذا يطرح عدة علامات استفهام، فهل السيد الوزير كان يسلم شهادات لطلبة تنقصهم الكفاءة؟ أو بتعبير أدق هل كان يسلم شهادات لطلبة لا يستحقونها؟

وحتى البلاغ الصادر عن وزارة التربية الوطنية بعد جلسة الحوار القطاعي ليوم 25 فبراير 2015 مع الكتاب العامين للنقابات التعليمية، والذي سرد مخرجات اللقاء بخصوص بعض الملفات المطروحة على طاولة الحوار، تأكد بالملموس نية الوزارة في ضرب وحد نضالات حاملي الشهادات في انتظار الإجهاز النهائي على حقوقهم. فمقترح الوزارة الوارد في البلاغ بخصوص ملف حاملي الشهادات، يريد أن يشتت الأساتذة ويجعلهم شيعا متفرقة بقطاع التربية والتكوين. فالوزارة تقترح ترقية في نفس الإطار مع منح تغيير الإطار في بعض التخصصات فقط مع مراعاة حاجيات الوزارة، و هو ما يؤكد نية الوزارة في ضرب وحدة صف التنسيقية لا أقل ولا أكثر.

فالوزارة الوصية، تعلم علم اليقين، أن ملف الترقية وتغيير الإطار لا يطرح أي إشكال، بالعكس فهو في صالح مدبري القطاع ويساعدهم على تجاوز العديد من الإشكالات في المنظومة التعليمية وعلى رأسها طبعا مشكل الخصاص في الثانوي التأهيلي. واليوم، نسبة كبيرة من الأساتذة حاملي الشهادات مكلفون بالتدريس في الثانوي التأهيلي لتخفيف الخصاص بناء على شهاداتهم الجامعية الحاصلين عليها بإمكانياتهم الذاتية. وحتى إن كان ما تدعيه الوزارة صحيحا بخصوص وجود فائض في بعض التخصصات في الثانوي التأهيلي، فهذا الأمر مردود عليه، فالوزارة مطالبة باللجوء للطريقة القديمة في تدبير ملف تغيير الإطار، وهو قبل الإعلان عن أي مباراة توظيف جديدة، تقوم بإحصاء حاملي الشهادات بسلكي الابتدائي والاعدادي حسب تخصصاتهم، ولا تعلن عن مناصبهم في الثانوي التأهيلي وتعوض ذلك في الابتدائي والاعدادي، وهذا ما كان معمولا به في القطاع لسنوات طويلة.

فالوضع اليوم في قطاع التعليم يعرف غليانا واحتقانا غير مسبوق، و لا يمكنه أن يتحمل أكثر، والوزارة الوصية بأساليبها القديمة في مواجهة هذه الاحتجاجات التي لا تطالب إلا بتمكين أصحابها من حقوقها المسلوبة، تصب الكثير من الزيت على النار المشتعلة، وتزيد في تعميق الأزمة والاحتقان. لذلك، فغياب أي حوار جدي ومعقول اليوم مع جميع الفئات المتضررة، وعلى رأسها طبعا ملف موظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات المطالبين الترقية وتغيير الإطار الذي عمر أكثر من 3 سنوات، يفتح مستقبل الموسم الدراسي على المجهول، ويجعل جميع خيارات النضال أمام المتضررين ممكنة بما في ذلك اللجوء للإضراب المفتوح والتوجه للأسف لسنة بيضاء دراسيا وسوداء نضاليا.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

6 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
عبد الحميد
المعلق(ة)
8 أبريل 2019 13:43

الدولة التي تقمع و لا تحاور هي دولة فاشلة.
حل مشاكل موظفي التعليم ليست بالشيء الصعب، لكن ليست لدى الدولة ارادة حقيقية للاصلاح

المصطفى العياطي المسناوي
المعلق(ة)
6 أبريل 2019 01:33

الترقية وتغيير الاطار حق مشروع لحاملي الشهادات العليا بوزارة التربية الوطنية كما في باقي الوزارات،فلماذا الكيل بمكيالين ياترى؟

محمد
المعلق(ة)
5 أبريل 2019 19:02

مقال يشرح بكيفية دقيقة ملفنا العالق، نتمنى أن تعيد هده الوزارة الإعتبار لأساتدة عن طريق الترقية وتغيير الإطار

أحمد
المعلق(ة)
5 أبريل 2019 17:00

الوزارة التعليم تتعامل مع موضفيها كالعبيد في كل مرة تزحف على مكتسب من مكتسباتها.لا نرى مشاكل مثل هذه في وزارة العدل و المالية و الداخلية والتجهيز و النقل و … بل و لا نرى موضفون يحتجون إلا في وزارة التعليم و الصحة لما الجواب واضح هناك ضلم هناك هضم للحقوق هناك فوارق بين الوزارة نفسها مع الموضفين أنفسهم.موضف حامل للشهادة مرقى و موضف حامل لنفس تلك الشهادة غير مرقى لمذا الخبار فراسكم.لا أنصح أبدا الشباب الإشتغال كأساتذة لأن هذه الدولة أفقدتهم شأنهم و إحتقرتهم لدرجة تدمع لها العين.أصبح وزارة التربية الوطنية كسرك للحيوانات في كل مرة تجلد فئة.

مراد
المعلق(ة)
5 أبريل 2019 16:52

الوزارة حاولت منذ البداية تعقيد المشكلة فهل من المعقول أستاذين في نفس الإطار و نفس التخصص و نفس الكفائة و نفس الدبلوم أحدهما راتبه 7000 درهم و الأخر 4800 درهم أين تكافؤ الفرص و لما هذه العبثية في تسيير النضام لا يوجد هذا المشكل إلا في وزارة التفقير التي تحاول في كل مرة تبئيس موضفيها .

Aardi
المعلق(ة)
5 أبريل 2019 14:29

مقال رائع …..الترقية بالشهادة و تغيير الاطار بدون قيد أو شرط ……استاذ حامل شهادة عليا اعرضي حسين

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

6
0
أضف تعليقكx
()
x