لماذا وإلى أين ؟

الرياضي: تساهل السلطات يشجع الاعتداء على مفطري رمضان

ضيفة “آشكاين” في هذه الدردشة الرمضانية لهذا اليوم هي الناشطة الحقوقية اليسارية، خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والقيادية في حزب النهج الديمقراطي، والحاصلة على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سنة 2013، حيث خصصنا هذه الفقرة لتسليط الضوء على كيف تعيش أجواء رمضان وموقفها من بعض الظواهر التي تبرز خلال هذا الشهر.

 كيف تقضين أيام رمضان ؟

بالنسبة لي كل ما يتغير في رمضان هو التوقيت الإداري وأيضا الاجتماعي، مما يفرض ملاءمة تواقيت الاجتماعات والأنشطة معها. لكن اليوم أقضيه كما العادة في العمل خلال التوقيت الإداري وبعده أباشر مهامي الحقوقية في إطار الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مما يستوجب الحضور إلى المقر بعد الدوام، خاصة أن الجمعية انهت قبل شهر مؤتمرها الوطني بنجاح كبير وبقدر حجم نجاح المؤتمر بقدر حجم المهام التي سطرها خاصة في هذه المرحلة التي تتعرض فيها المكتسبات الحقوقية لهجمة مخزنية قوية. كما أنشغل بمهامي السياسية في إطار حزب النهج الديمقراطي وخاصة قطاعه النسائي الذي يستعد لعقد مؤتمره الوطني الثاني نهاية هذا الشهر، مما يجعلنا كمسؤولات عنه أمام برنامج عمل مكثف لذا نتسابق مع الزمن لربح رهان إنجاحه أكثر من النجاح المميز الذي عرفه مؤتمرنا الأول قبل ثلاث سنوات خاصة الندوة الدولية التي افتتح بها.

وتوقيت رمضان يساعد أيضا على القراءة وإن كان أحيانا على حساب فترة النوم التي تتقلص كثيرا في هذا الشهر، لكن بالنسبة لمن لا يشاهد التلفزة مثلي يستفيد كثيرا من الوقت الذي يضيع عادة أمام التلفاز. فهذا يجعلني أتوفر على إمكانية إنجاز المهام النضالية في البيت وأيضا ترك وقت للاطلاع والقراءة.

طبعا لم أكلمك عن الطبخ والأكل الذي غالبا ما يثار في الحوارات الرمضانية، لأنه بالنسبة لي الطبخ والأكل هي أمور نقوم بها لنعيش لكن أنا كلمتك عن الأمور التي نعيش لنقوم بها.

 ما رأيك في ما يسمى الترمضينة؟

إذا كان معنى الترمضينة هو الحالة النفسية السيئة التي يوجد فيها بعض الناس خلال رمضان بسبب الصيام وقلة النوم وتغيير نمط وتوقيت الأكل … وخاصة الحالة النفسية التي تضر بالآخرين وبمصالح المواطنين والمواطنات إما بسبب نقص في الإنتاجية أو التغيب عن العمل الإداري أو بسبب الاشتباكات مع الناس في الفضاء العام أو التسبب في حوادث السير … فإذا كانت هذه الحالة النفسية حالة مرضية ناتجة عن الصيام فعليهم الا يصوموا لأن صيامهم فيه ضرر كبير للمجتمع. وإذا قرروا الصيام رغم ذلك فعليهم الانعزال عن الناس خلال الشهر حتى لا يؤذوهم، بأخذ عطلتهم السنوية خلال رمضان مثلا.

 ما هو موقفك من الإفطار العلني لرمضان والإعتداء على المفطريين؟

الصيام هو واجب ديني لمن يعتبر نفسه مسلما. ولا يمكن أن يطلب ممن هو ليس بمسلم. واعتناق أي ديانة هو فعل اختياري ولا يمكن أن يفرض بالقوة والقمع. فكما نحن نريد أن تحترم الدول غير الإسلامية القناعات الدينية للمسلمين واحترام حقهم في ممارسة عباداتهم بحرية في الفضاء العام ــ سواء الذين يهاجرون إليها من الدول الإسلامية أو الذين يعتنقون الإسلام من مواطنيها ــ فعلينا أن نطالب أيضا باحترام القناعات الدينية لغير المسلمين في بلادنا سواء الذين يأتوننا من بلدان غير مسلمة أو الذين لا يريدون اعتناق دين الأغلبية في بلادنا من بين مواطنينا ومواطناتنا، منهم من اختار اعتناق دين آخر ومنهم من يرفض اعتناق أي دين، فهذه حريات شخصية يجب أن تحترم في أي مكان وللجميع. لا يمكن أن نكون مع الحرية عندما نكون نحن من سيستفيد منها وضدها حين نكون نحن المطالبين باحترامها لصالح الآخرين المختلفين عنا.

أما الاعتداءات التي تتم ضد المفطرين فهي جريمة يعاقب عليها القانون، فحتى بوجود فصل في القانون الجنائي يجرم الإفطار العلني يبقى الاعتداء على الأشخاص في الشارع بأي سبب كان هو أيضا جريمة يجب أن يعاقب مرتكبها. وتساهل السلطات مع مرتكبي هذه الاعتداءات هو الذي يشجع عليها، بل أحيانا حتى السلطة تتعامل بعنف مع من تعتقلهم بسبب الإفطار العلني.

ومن جانب آخر لا بد من التذكير أن احترام حرية العقيدة كانت ضمن قيم المغاربة في زمن سابق. القوانين التي تجرم الإفطار العلني في رمضان هي قوانين أتى بها الاستعمار الفرنسي على مستوى التشريع، ثم كرسها الفكر الوهابي في المجتمع وفي العقليات بعد أن اكتسح إعلامه وكتبه مختلف الفضاءات في مجتمعنا بإرادة السلطة بالمغرب، مما أدى إلى نشر ثقافة الانغلاق والتشدد والعنف. فلا الفكر الاستعماري ولا الفكر الوهابي جزء من ثقافتنا، كلاهما دخيلان عن مجتمعنا ومناقضان لقيم التسامح والتعايش التي كان المغاربة معروفين بها منذ زمن بعيد. علينا استرجاع قيمنا ومواجهة ثقافة الإقصاء ورفض الآخر المختلف التي انتشرت في مجتمعنا بإرادة الحاكمين الذين يشجعون الصراعات الجانبية في المجتمع ويربنون الإنسان المنغلق المتعصب المنشغل بما يلهيه عن السياسة الحقيقية أي سياسة الحقيقة كما سماها الشهيد المهدي بن بركة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x