لماذا وإلى أين ؟

الداليا السوداء.. الجريمة الأكثر غموضاً في التاريخ

وكالات

قُتِلت منذ 70 عاماً شابة في غاية الجمال في لوس أنجلوس، ظلت جريمة قتلها بدون حل، ولأنها من أكثر الجرائم غموضاً في التاريخ اختيرت قصة للأفلام وطاردتها الكتب بغية كشف غموض هذه الجريمة البشعة لمعرفة القاتل الحقيقي، وبعد كل هذه السنين صدر هذه الأيام، كتاب جديد يقتفي أثر القاتل الذي ارتكب تلك الجريمة التي تُعد أيضاً إحدى أشهر الجرائم في التاريخ.

فجأة شاهدت سيدة تُدعى بيتي بيرسينجر سحابة من الذباب تطن على شيء مطروح على رصيف الشارع، واقتربت السيدة لإلقاء نظرة فاحصة، وكان ما شاهدته في البداية قد بدا وكأنه إحدى ماليكانات متاجر الملابس، لكنها حينما اقتربت أكثر شاهدت شابة شُطر جسدها إلى نصفين. وبعد ذلك تحوّلت المفاجأة إلى رعب متفجر عندما أدركت أنها ليست عارضة أزياء بل جثة آدمية.

لقد كانت الجثة، بالنسبة للسيدة، بيرسينجر، لفتاة غير معروفة، لكنّ مكالمة هاتفية أجرتها السيدة بيرسينجر إلى قسم شرطة لوس أنجلوس قد غيّرت كل شيء.

فيلم وجريمة بشعة

حضرت الشرطة في الحادية عشرة صباحاً لمسرح الجريمة، ليُشعل اكتشاف الضحية إحدى أكبر عمليات المطاردة في التاريخ، خصوصاً أن عرض الجثة هزّ أمريكا. ومن هنا كانت البداية لتحقيق حول أبشع جريمة قتل أمريكية لم يتوصل المحققون إلى حلها. لقد تبيّن أن الجثة تعود لإليزابيث شورت، 22 عاماً، وهي حسناء، حضرت إلى هوليوود من ماساتشوستس لتكون نجمة سينمائية، وانتهى بها الأمر إلى عيش حياة الليل.

وقعت جريمة قتل إليزابيث بعد وقت قصير من عرض فيلم شهير اسمه الداليا الزرقاء، وكانت إليزابيث قد تعودت التجول في هذه الأوقات، مرتدية ملابس سوداء وتعلق وردة في شعرها الفاحم السواد، ما حدا بالسكان المحليين لإطلاق اسم زهرة الداليا السوداء عليها، وبسبب جمالها التقطت الصحف لقبها، حيث وصفتها بأنها الفتاة التي ولدت أسطورة.

غموض رغم الأدلة

وبعد وقت قصير من اكتشاف جثة إليزابيث، تلقى رئيس تحرير صحيفة لوس أنجلوس مكالمة هاتفية غامضة أخبره فيها المتصل أنه يعتزم إرسال محتويات حقيبة يد إليزابيث عندما توفيت، وبعد بضعة أيام، وصل طرد بريدي، احتوى، مثلما وعد المتصل، محتويات حقيبة إليزابيث، مع ملاحظة تقول: هذه ممتلكات داليا، إنها رسالة للمتابعة.

ومن ضمن المحتويات التي أرسلها الشخص المجهول دفتر عناوين ضم شخصيات رفيعة المستوى في هوليوود، غير أن الشرطة رفضت الكشف عنها. وقد لوحظ أن عدداً من الصفحات في دفتر العناوين قد أزيلت. وتلقت الشرطة رسائل عديدة زعم مرسلوها أنهم قتلوها، لكنها اعتبرتها جميعاً محاولات للتضليل. وقد صعب وجود أصدقاء كثيرين لإليزابيث من مهمة الشرطة.

طفولة معذبة

عانت زهرة الداليا السوداء من طفولة قاسية بسبب عائلتها المحطّمة، ما جعلها تفرّ من المنزل وتصل إلى لوس أنجلوس عندما كانت في بداية العشرينيات مدفوعة بحلم بلوغ النجومية. كانت حسناء في غاية الجمال، بقوامها الرشيق وعينيها الخضراوين وشعرها الفاحم السواد، لكنها لم تمتلك الموهبة حسبما رأى البعض.

ويبدو أن عدم تحقيقها النجاح المرجو في السينما، ووفاة حبيبها إثر تحطم طائرته اضطرها للانحراف، فقد أشارت بعض شريكاتها في السكن إلى أنها أشبه بفتاة ليل تخرج مع أشخاص من أفراد العصابات المنتشرة في المدينة. وضمن هذا المحيط وصلت إلى رجال مهمّين في السياسة أو القانون أو في عالم الإجرام وفنانين. ويبدو أنها حملت من إحدى علاقاتها غير الشرعية، ولما طلب منها إجهاض الجنين رفضت فما كان منه إلا أن عاقبها بطريقة تنم عن وحشية وانتقام.

اعترافات بدون نتائج

واعترف ما يزيد على 500 شخص بقتل الداليا، للحصول على نصيبهم من الشهرة التي نالتها إليزابيث والتي حرمت منها في حياتها. وكان من بينهم عريف في الجيش عمره 29 عاماً يدعى جوزيف دوميس، عثر عليه بجيوب ملطخة بالدماء وقصتها المنشورة في الجريدة.

في نهاية المطاف تم حذف دوميس لأنه كان في نيو جيرسي على بعد 2000 ميل من مسرح الجريمة عند مقتلها رغم ادعائه أنه قتل إليزابيث. وهناك مشتبه آخر هو المغني الشعبي وودي غوثري، الذي كان يعاني من داء هنتنغتون. وكان غوثري قد سقط تحت الشبهات لأنه أرسل رسائل جنسية صريحة إلى صديقة له في كاليفورنيا، مع قصاصات من صحف نيويورك التي تنشر جرائم القتل الشنيعة. وفي النهاية استبعد أيضاً، لسبب وجيه وهو أنه لم يكن بولاية كاليفورنيا في وقت حدوث الجريمة.

هل القاتل امرأة ؟

وبحسب الكتاب الجديد فإنه ربما كانت النقطة الأكثر غرابة التي تتبعتها الشرطة أن قاتل الداليا كان امرأة وليس رجلاً. لقد أعطت طبيعة التشويه الذي حدث لجسم إليزابيث، لا سيما جرح السكين العمودي من عظم العانة إلى السرة، دافعاً لبعض المحققين للاعتقاد بأن مرتكب الجريمة شخص مثلي، وبالتالي فيمكن أن تكون إليزابيث قد قتلت على يد عشيقة غيورة.

وكانت المشتبه به الرئيسي في القتل طبيبة صينية مثلية من سان فرانسيسكو اسمها مارغريت أو «مام» تشونغ. وكانت عيادة تشونغ مغناطيساً للنجوم ومثليي الجنس في ثلاثينيات القرن الماضي وعالجت مشاهير كثراً من بينهم الممثلة والمغنية صوفي تاكر. وكانت تشونغ كثيراً ما ترتدي ملابس الرجال وتسمي نفسها «مايك». وخلال الحرب «تبنت» مئات الجنود والبحارة والطيارين، بما في ذلك الشاب رونالد ريغان. كما أنها تجسست لصالح الحكومة الأمريكية. ومع ذلك، لا يوجد أي دليل على أن إليزابيث كانت مثلية ولا شيء يربطها بتشونغ.

أسماء جديدة

بحلول الذكرى السبعين لقتل الداليا، تمت إضافة العديد من المشتبه بهم الجدد إلى القائمة التي تم التحقيق بها أصلاً من قبل الشرطة. وادعى الصحفي جون جيلمور أنه حدد القاتل الذي قال إنه جاك أندرسون ويلسون وهو شخص مشرد ومخبول، حيث زعم الصحفي أن جاك «اعترف» بالجريمة في سلسلة من المقابلات. ولكن ويلسون توفي في حريق في فندق في عام 1982 ولم يتم العثور على أشرطة المقابلة أبداً. وهناك المزيد من المشتبه بهم الرفيعي المستوى يطرحهم الكتاب كالممثل والمخرج أورسون ويلس، ورجل المافيا جاك دراغنا وقطب الورق نورمان تشاندلر.

ومؤخراً كتب ستيف هودل، ضابط شرطة سابق في لوس أنجلوس، سلسلة من الكتب تدعي أن والده، وهو طبيب شرير في هوليوود يدعى جورج هودل، هو القاتل، وكانت نظرية هودل مقنعة بشكل سطحي.

ومع ذلك، حينما تم التعمق في القضية في الكتاب الأخير – من خلال مئات الوثائق التي كشف عنها مكتب التحقيقات الفدرالي ومحامي منطقة لوس أنجلوس، جنباً إلى جنب مع تقارير الصحف المعاصرة – لم تكن هذه الأسماء مرتبطة بالجريمة، بدلاً من ذلك، كان هناك اسم آخر أو اسمان كانا بطريقة أو أخرى دائمي الاتصال باليزابيث في الأيام الأخيرة.

الوصول للقاتل

وتدريجياً حينما جمعت أجزاء اللغز معاً، كشف ما يعتقد أنه الهوية الحقيقية لقاتل إليزابيث: شخص عاطل ومتشرد يدعى ليزلي ديلون، وقد قتلها بأوامر من رجل الأعمال المعروف بلوس أنجلوس مارك هانسن.

ويقول المؤلف: لقد بدا واضحاً لي من خلال البحث أن جريمة القتل قد حلت، أو كانت قريبة جداً من الحل، غير أن السبب المنطقي لإغلاق التحقيق وتسجيل الحالة رسمياً بـ»بدون حل» هو فساد الشرطة. ومع ذلك حتى يومنا تبقى قضية الداليا السوداء جزءاً من أسطورة وخبايا هوليوود.

ويختم الكاتب حديثه: الحقيقة، كما كشفت عنها، هي أكثر من ذلك بكثير رائعة ومؤثرة في الروح أكثر من أي قصة يمكن أن تُتصور، وغريبة أكثر من الخيال.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x