2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
لنجعل الحب الهدف والوسيلة(3)

بقلم: زورا تانيرت
في هذه النافذة يقدم الموقع الإخباري “آشكاين”، سلسلة من رواية “يوميات أرملة”، تحكي من خلالها الشاعرة والفنانة “زورا تانيرت” زوجة المرحوم الفنان عموري مبارك، عن حياة أرملة شابة بعد وفاة زوجها، ومعاناة المرأة مع نظرة المجتمع إلى الأرملة، حيث تهدف الكاتبة من خلال هذه الرواية إلى وضع نقطة في بحر التغيير في مجتمعاتنا، خصوصا “تغيير المرأة لتفكيرها اتجاه نفسها أولا واتجاه جنسها”.
الحلقة الثالثة:
في تلك الليلة البيضاء، استغرق إدراكي لِما اقترفه الموت في حقي وقتا طويلا، لم يسبق لي أن رأيت منظرا شبيها لذلك، أن تنفصل روح عن جسد أمامي، أجهل تفاصيل حدث كهذا وحيثياته، ليس خوفا من الموت بل حبا في الحياةـ فحتى أبي امتنعتُ عن رؤيته حتى لا تبقى تلك الصورة تترصدني، كما تترصدني الآن صورة نصفي الثاني وهو يرحل، فما أصعب تلك اللحظة، وما أضعفني أمامها.
دخلتْ الممرضة وعرفتْ أنه قد فارق الحياة، وأنا كما أنا، مصعوقة أمام هول الألم، شاردة الذهن، وكيف لا أكون؟ إنها روحه حين تُقتلع من جسدي.
كان صمتا رهيبا جمَّد الدم في عروقي، وقفتُ أنظر إليه كتمثال مجرد من كل الأحاسيس، وفي نفس الوقت هائج المشاعر، أخرجني أحدهم من الغرفة، وانتظرت بماذا سيبرِّرون خروجي، انتظرت أن يبشرني أحدهم بعودته للحياة، أو بمزاح الموت الثقيل على قلبي، خرجوا بعدها وهم يجرُّون سريره إلى مكان ما، مطأطئين رؤوسهم والحزن بادٍ على محياهم، ورغم ذلك لم أفهم، أقصد أنني تجاهلت فهم كل شيئ، تمنيت لو أنني كنت مجنونة لحظتها، كي لا يتسلل لعقلي أي نوع من أنواع الإدراك والفهم لما يحصل، أخذوه بعيدا، وتركوني.
جلست على الأرض مصدومة ولسان حالي يقول، لم لا توفون بوعودكم لي، لم ترحلون عني تباعا؟ نهضت كالميتة وحيدة، المستشفى خال من الناس، لقد خلد المرضى والكل إلى النوم، وبقيت أنا وطيف الموت عابسا في وجهي، ساخرا من حزني.
تبعتهم أبحث عمن يجيبني عن سؤال واحد، حينها عثرت على ممرضة أعرفها في الطابق السفلي؛ فسألتها وأنا أكتُم داخلي عذابا أشد من شهقة الموت؛ هل دقت ساعة منتصف الليل؟ اجابتني نعم نحن الآن الواحدة ليلا لماذا؟ قلت لها والدموع ملأت جفوني؛ أريد أن احتفل معه بعيد الحب، الليلة هي الرابعة عشر من فبراير، وقد اعتدت مباركته لهذه الليلة، وغناءه لتايري تگريت اسطا، فهل أستطيع أن أراه؟
يتبع…
إنه تعبير صادق ، يخرج من قلب مكلوم بل جريح لفراق الحبيب ، كم أود أن اغوص مرات و مرات لولوج هذا الإحساس العميق الذي تختزنه كل نفس بشرية ، ولكني أرى هنا تعبيرا شامخا جمع في كلماته سموا في الحب و الحزن على الفراق .