2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
بوصوف يقرأ مضامين خطاب الثورة لسنة 2019

لـقد تعلمنا أنه لا يُـمكن قــراءة الخطب الملكية بــدون الرجوع إلى مضامين الخُطب السابقة، وأن هنــاك خيــطا رابــطا بين جميع الخطب الملكية ، وبالتالي فان أي قـــراءة لا تأخــد بعين الاعتبار الخطابات السابقة تبقى قـراءة معيبـة وتــزيغ عن الصواب…
لــذلك فإن خطاب ثورة الملك والشعب لسنة 2019، لم يخرج عن هـذه القاعدة سواء من حيث قــوة مضامينه وأسلوب السهل الممتنع في صياغة مضمونه وكذا في تشخيصه العميق للوضع الحالي مع طرح ترتيبات وحلول استراتيجية للخروج من مرحلة عرفت إنجازات هامة في عقدين من الزمن، لكـن مازال هناك الكثير من العمل يجب إنجازه حتى تستفيد جميع طبقات الشعب المغربي…
عندما نقــرأ خطاب 20 غشت 2019 ، فإننا نستحضر بشكل اتوماتيكي خطبا ملكية أخـرى حملت معها ثورات هادئة في مجالات الإدارة العمومية والديبلوماسية والجهوية المتقدمة ومراكز التكوين المهني والتعليم و مراكز الاستثمار الجهوي وميثاق اللامركزية…وغيرها من المجالات التي تهدف تحسين حياة المواطن وتجويد الخدمات العمومية وتسعى إلى تحقيق مقومات التنمية الاجتماعية والاقتصادية…
كما نقرأ في خطاب الثورة المتجددة والمتواصلة لسنة 2019 ، تأكيدا على أن هــذه ” الثورات الهادئة ” التي يقودها جلالة الملك محمد السادس أو الاوراش الوطنية الكبرى يجب أن تتم بشكل تشاركي واندماجي يضمن انخراط جميع القوى الوطنية الحية…
إن النموذج التنموي الجديد هو البوابة الكبيرة لمرحلة جديــدة ، وهــو عـنوان لعقـد اجتماعي جديد يشارك فيه كل مؤسسات وأبناء هذا الوطن ، لذلك فإن الخطاب حرص على تحديد العمل الجبار الذي ينتظر اللجنة الخاصة بهذا النموذج في مهمة ثُـلاثية : تقويمية واستباقية واستشرافية ، مع اقتراح آليات التفعيل والتنفيذ والتتبع ، وكذا اقتراح مقاربة تجعل المغاربة يتملكون النموذج وينخرطون بشكل جماعي في انجاحه…
وهنـا نقف على العلاقة الكبيرة بين خطاب العرش لسنة 2019 والذي تناول بشكل أكبر النموذج التنموي الجديد وخطاب ثورة الملك والشعب لسنة 2019 والذي جاء بمضامين تفصيلية جديـدة ســواء حول النموذج التنموي الجديد المغربي – المغربي وهدفه للسعي في تحسين ظروف عيش المواطنين والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية ، أو حول لجنته الخاصة والكشف عن فلسفة اشتغالها وطابعها الوطني…
لــقد جــاء في أكثر من خطاب ملكي أن تشريح وتشخيص الواقع بكل جرأة وموضوعية ليس نـقـدا هــداما ولا يـدخــل في خانـة جلد للــذات لكنه نـقـد بنــاء خاصة وانــه مرفــوق دائما بالاقتراحات والحلول الاستعجالية و الاستراتيجية…وهو ما لمسناه من خطاب اليوم بإثارته لإشكاليات العالم القروي وضواحي المدن باعتبارها أكثر الأماكن معاناتا واحتياجا للمزيد من الاهتمام والاستجابة لحاجياتها الملحة.. المتمثلة في الشغل وتسريع وثيرة الخدمات الاجتماعية و دعم التمدرس و محاربة الفقر و الهشاشة ، و في نفس الآن دعى الخطاب الى استغلال الفرص المنتجة للدخل وفرص العمل الغير الفلاحي كالسياحة القروية و الصناعات المحلية و حرف الصناعة التقليدية..
ويؤكد خطاب الثورة لسنة 2019 تأكيد جلالة الملك على عنصر التكوين و خاصة التكوين المهني و العمل اليدوي لما يوفره من امكانات التشغيل و الادماج و كذا التكوين وتوفير كفاءات وطنية في مجالات السياحة والخدمات و المهن الجديدة والتكنولوجيات الحديثة ويرفع من عنصر المنافسة ومواكبة التطورات العالمية…
في كل خطاب ملكي نتعلم حكمة وكل خطاب جديـد هــو لـبنة جديدة لــبناء مجد هـذه الامة و أُسُسُ عيش كريــم للمواطن ، في وطن لا يعرف فوارق اجتماعية و مجالية ، و حكمة خطاب ثورة 2019 هي بليغة و عميقة عنوانها الكسب و العمل…”ما كسب رجل كسبا أطيب من عمل يــده “.
فالعمل والاعتماد على المواطن المغربي و على المؤسسات المغربية وقطاعها العام والخاص والقوى الحية في البلاد هو من سيضمن ميلاد نموذج تنموي جديد ، والتكوين المهني للشباب هو من سيضمن خلق كفاءات تبني هــذا الوطن و تضمن فرص العيش الكريم و ترفع المنافسة ، والعمل على تصحيح الاختلالات الإدارية وإيجاد الكفاءات المؤهلة هو من سيرفع التحديات الجديدة ، والعمل على التطبيق الجيد و الكامل للجهوية المتقدمة و لميثاق اللاتمركز الاداري هو الذي سيرفع من الاستثمار الترابي و الدفع بالعدالة المجالية…
وهنا أيضا نقف على العديد من الخطب السابقة حيث شدد جلالة الملك على محاربة كل مظاهر الريع و الفساد…فما كسب رجل كسبا اطيب من عمله يده…انها دعوى للعمل لان المسؤولية مشتركة ولا وقت للتردد أو الأخطاء بل يجب الاستفادة منها ونتخذها دروسا لتقويم الاختلالات وتصحيح المسار، فحي على العمل….