لماذا وإلى أين ؟

تمرين ديمقراطي في تونس

تابعت أمس مناظرة المترشحين للرئاسيات التونسية نبيل القروي وقيس سعيد على القناة الأولى التونسية. و هذه المناظرة غير المسبوقة ،وهذا التمرين الديمقراطي٣والتواصلي يسجل لصالح اشقائنا في تونس  وخلافالآراء بعض أساتذة القانون الدستوري وعلم السياسة،المرشح قيس سعيد بدأ واضحا ومتمكنا من النصوص والفصول ولديه رؤية حيال جملة من القضايا الأساسية. استعماله للفصحى لايجب أن يفهم بأنه لايعرف استراتجية التواصل. شخصيا أعتقد أن فصاحته وصدقه ونزاهته ونقاءه هي ماجعل منه شخصية تحظى بالاحترام. قد نلحظ بعض الشعبوية في خطابه، لكنها ليست مقصود هي في نظري نابعة من إفراطه   في الثقة في الشباب وقدرتهم على احتراح المشاريع. لكن وبعيدا٣عن أي مجازفة الرجل يمتلك كل مواصفات رئيس الدولة. سلاسة لغوية. عمق فكري  إلمام بالقانون وبصلاحيات الرئيس، بل أبان عن ذكاء عندما اعتبر نفسه رئيسا لكل التونسيات والتونسيين .الرجل عنده كاريزما ورغم محاولة المرشح نبيل القوري تبخيس وتتفيه كثيرا من تصريحات قيس، إلا أن هذه الأخير يتقن السجال المبني على المعرفة.

اما المرشح نبيل القروي الخارج للتو من السجن والذي يسنده حزب سياسي يحمل إسما لايختلف عن أسماء الأحزاب الشعبوية “قلب تونس”والذي احتل المرتبة الثانية  ،فإنه  حرص على أن يبدو براغماتيا وعمليا وعزف أكثر من مرة على وتر الفقراء والمهمشين وأن همه وأولويته هي تمكين هؤلاء من العيش الكريم، مستندا في ذلك على خبرة في العمل الخيري من خلال المؤسسة التي تحمل إسم إبنه الراحل. كما حاول المرشح القروي أن يجعل من جلب الإستثمار الرهان الأول. ماعدا هذا لم يكن في بندقية القروي ذخيرة إضافية. فقد نسي أن الأمر يتعلق بدولة لها مؤسسات ومرافق وأن هذه الدولة مسؤولة اجتماعيا لتأهيل القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والتشغيل ،وهذا ما كان يركز عليه المرشح قيس سعيد. علاوة على ذلك يصعب على نبيل القروي أن يصبح رئيسا الدولة لأنه يفتقد إلى عددمن العناصر والمواصفات والمقومات. هو رجل أعمال قد يصلح وزيرا للمالية أو للإستثمار والتجارة الخارجية، لكن رئيس دولة هو كاريزما وتكوين وقدرة على التحاور والتفاوض وفهم حاجيات الدولة والمجتمع والقدرة على التجميع واتخاذ القرارات بصورة سليمة. إن رئيس الدولة ليس موضوعا للمزايدة  والبوليميك السياسوي والعواطف الجارفة ، لأن العواطف أصلا لاتخلق استراتيجيات، ولاتبني مؤسسات ولاتصوغ قوانين ولاتنزل دساتير.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
أحمد التوري
المعلق(ة)
12 أكتوبر 2019 23:42

تحتاج البلادالعربية الى من يخدمها بصدق و كذلك من يوقف النزيف الذي تعاني منه المالية ، أما الخطابات الفارغة فهي لا تغني و لا تشبع من جوع . تريد الشعوب العيش الكريم مع تقديم كل الخدمات الضرورية من أمن وتعليم و صحة و شغل و ترفيه .

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x