لماذا وإلى أين ؟

إن بعض الفن عفن

سأدخل رأسًا، دون الحَاجة إلى مقدماتٍ لنثر الكلامِ، المهزلة، الشوهة، الفوضَى، فاجعة موسيقية حقيقيّة، عناوين تليق لتوصيف ما أبدعه بعض الفنانين المغاربة من أغانٍ موغلة في الضّحالة، طُرحت يوم الجمعة المنصرم على “اليوتوب”، عكَّروا بها صفاءَ الأذن المغربية، التي ألفت من اللحن عذبهُ و جميلَهُ.

“ليس في إمكان كل من سخم وجهه أن يصير حدادا” مثل شعبي عراقي، ينسحب على فئات سميت زوراً و بهتانا بالفنانين، فباسم الحرية و التحديث و الإبداع، ارتكبت المجازرُ الفنية و الفظاعات، التي لطخت سمعة إرثنا الموسيقي و الفني ـ عموما- الغني بالخالدات و الروائعِ، نستحضر، لا على سبيل الحصر”يَا عوْدِي” لمجموعة السهام،” ياكَ جَرْحِي” لنعيمة سميح…

رواج الشوهة في عصر الويب، دفعت الفنانين إلى أن تصب إبداعاتهم في خانة الفضيحة، في ظل إقبال وطلب متزايد على هذا النمط من الموسيقى الطّارئِ، الذي تفرضه تجارة اللّايكات و المشاهدات، فالنجاحُ بات مقرونا بعدد النقرات، مما ولّد مشاهيرَ من ورق، فالبقاء للأكثر شوهة وحموضة، في خضَمّ تواري و استسلام الفن الأصيل، الذي تحولَ إلى بضاعة كاسدة لا يقبلُ عليها إلاَّ نزرٌ قليل من الأوفياءِ. “لم يبق في عصرنا اليوم من الفن سوى فن التهريج.” يقول نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للآداب في رواية الشحاذ.

في عصر السرعة و البوز، استحوذ وهيمنَ الطارئون و ضعاف الموهبة و التجربة و الغرباء على الفن المغربي، خدشٌ بارزٌ للإرث الموسيقي البهي، وميلاد فن هجين يساورك الخجل و أنت تستمع إليه، ولو على سبيل الصدفة،  و تراجع إلى الوراء الروادٌّ الحقيقيون من موسقيين و ملحنيين و مسرحيين، و انتهى المسير بالبعض منهم على الهامش، يقضون ما بقيَ من العمر في الوحدة، يواجهون متاعب الحياة لوحدهم بعد تحالف نكران الجميل و الإهمال عليهم.

الفنُّ ليسَ لزَامًا عليه أن يكون درسا في القيم النبيلة و الأخلاق الفاضلة، أو يتحول الفنان إلى واعظ أو قديس لكي يصنعَ فنَّا جميلا ذي مواصفات محددة، على الأقل يحترم  بقدر الإمكان ثقافة وذكاء المجتمع و يكون في صف و خدمة القضايا الإنسانيةِ، حتى لا يتنكرَ العفن في هيئة الفن، فلا يمكن للعريِّ الذي يتم الزج به ولو في لقطات نشازٍ و الكلمات النابيَّة، أن تحقق ما الأهداف السَّاميّة للفن.

أفلا تَخْجَلُونَ؟.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Aziz
المعلق(ة)
22 مارس 2018 10:35

لا خوف على الفن الجميل الأصيل من هذه الأغاني الهابطة…فالفن الراقي باق ولو بعد عشرات السنين
أما العفن الحالي فلا يتعدى عمره بضعة أيام

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x