لماذا وإلى أين ؟

منار آسليمي يكشف خلفيات وأسباب تخلي موريتانيا عن “البوليساريو” (حوار)

استنفر الكيان الوهمي “البوليساريو” والدول التي توظفه لمعاكسة المصالح المغربية، أجهزتها بعد إعلان موريتانيا موقفا رسميا جديدا لها من قضية الصحراء المغربية على عهد رئيسها الجديد محمد ولد الشيخ الغزواني.

موريتانيا أكدت في موقفها الجديد أنه “حان الوقت لإيجاد حل للقضية الصحراء”، من دون أن تصفها بـ”الغربية”، وأنها “غير منحازة لأي طرف”، وهو ما يعتبر تخل عن البوليساريو بعد التنصل من الموقف السابق الذي كان يعتبر، إلى حد ما دعم لهم.

وقال وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يوم الخميس (7نونبر)، بعد اجتماع وزاري ترأسه الغزواني، “إن الوقت حان لإنهاء النزاع في الصحراء وإيجاد حل عادل ودائم ومقبول لدى جميع أطراف هذا الصراع”، مشددا على أن “هذا الملف هو سبب تجميد اتحاد المغرب العربي”.

لتسليط مزيد من الضوء على الموقف الموريتاني الجديد، استضافت “آشكاين” في فقرتها “ضيف السبت” عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الاطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الامني، وأجرت معه الحوار التالي:

بداية، مرحبا بك دكتور عبد الرحيم وشكرا على قبولك دعوة “آشكاين” لاجراء هذا الحوار.

بدوري أشكركم في موقع “آشكاين” على هذه الدعوة الكريمة من أجل مناقشة موضوع يهم كل المغاربة ويهم القضية الوطنية الأولى.

كيف تقرؤون الموقف المورتاني الأخير والذي صرح به وزير خارجية هذا البلد بخصوص قضية الصحراء المغربية؟

واضح جدا أننا أمام تحول كبير في الموقف الموريتاني من نزاع الصحراء ، فالرئيس الموريتاني الجديد محمد ولد الشيخ الغزواني يصحح أخطاء الرئيس السابق ولد عبدالعزيز، وقد بدأ تصحيح أخطاء الرئيس السابق من نيويورك أمام الجمعية العامة لما تجاهل الإشارة إلى نزاع الصحراء لينتقل بعد ذلك وزير خارجيته اسماعيل ولد الشيخ أحمد  إلى تقديم تصريح  يتضمن تغييرا جذريا من النزاع بتغيير دبلوماسي  للموقف و التوصيف، وهذه إشارة قوية من رجل دبلوماسي محنك، موقف تم  ربطه بقراءة التأثيرات المحتملة لاستمرار النزاع على السياق الإقليمي والمغاربي، والإشارة إلى أن موريتانيا اليوم داخل الحياد الايجابي، فتصريح وزير الخارجية الموريتاني تعبير عن انتقال من تواطؤ ضمني مع البوليساريو  في مرحلة  الرئيس السابق ولد عبدالعزيز إلى حياد إيجابي يحمل دعما ضمنيا للمغرب سيتضح أكثر في الشهور المقبلة، وقد لاحظنا كيف حاول الرئيس الموريتاني السابق  ولد عبدالعزيز تصحيح الخطأ  بتصريح متأخر  في نهاية ولايته، لكن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ووزير خارجيته اختارا بوضوح دعم المغرب والحل السياسي العادل الذي تعني به موريتانيا الحكم الذاتي، لأنه لايوجد حل تطرحه الأمم المتحدة منذ ثلاثة عشر سنة في ستة عشر قرار سوى حل واحد موصوف بالجدية والمصداقية هو الحكم الذاتي، وواضح جدا أن موريتانيا تتجه نحو إعلان تأييدها بوضوح لمقترح الحكم، فهي تراقب التحولات الإقليمية و اتضاح الوضع في الجزائر بعد نهاية بوتفليقة .

 ماهي العوامل التي قد تكون دفعت موريتانيا إلى تغيير موقفها من نزاع الصحراء؟ 

عوامل كثيرة تفسر هذا التحول الكبير في الموقف الموريتاني من قضية الصحراء، منها  ان موريتانيا يخاطبها اليوم مجلس الأمن كطرف رابع في ملف الصحراء، ويبدو أن طريقة الموائد المستديرة في محادثات نزاع الصحراء جعلت موريتانيا تقف على حقيقة أن النزاع مغربي جزائري ، لذلك فهي  تغير موقفها آلان ، فلا يمكن أن تكون موريتانيا معنية في قرارات مجلس الأمن دون أن تغير موقفها، كما أن القيادة الموريتانية تستشعر تحولا قادما في الملف ليس فقط بسبب المكتسبات القوية للمغرب في قرارات مجلس الأمن الأخيرة ولكن أيضا بالاشارات الجديدة القادمة من نخب جزائرية مقربة من صانع القرار الجديد في الجزائر.

أضف إلى ذلك أن الخارجية الموريتانية تطلق هذا الموقف في وقت تشعر فيه أن البوليساريو يتجه نحوها بعد أن بات أمامه الموقف الجزائري غامض، فموريتانيا تصد بقوة البوليساريو وتغلق أمامه كل مناورة لاستعمالها وتوظيفها لفك العزلة القاتلة التي يعيشها إبراهيم غالي وجماعته وهم يشعرون بتغييرات قوية وسريعة تفكك كل الأوهام والأساطير التي صنعوها.

هل كان للخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 44 للمسيرة الخضراء وما حمله من رسائل اقتصادية وسياسية دور في تغيير مورتانيا لموقفها من الصحراء المغربية، خاصة وأن هذا الموقف إعلن عنه يوما بعد الخطاب المذكور؟

أعتقد أن موريتانيا تعود إلى عمقها الاستراتيجي المتبادل مع المغرب وتقوم بهدم العمق الاستراتيجي الخاطىء الذي كان الرئيس السابق يحاول بناءه مع اأطراف آخرى، فسنوات حكم الرئيس السابق ولد عبدالعزيز شهدت صراعا قويا بين مجتمع موريتاني تجمعه روابط روحية ودينية وتاريخية وعائلية مع المغرب وبين الرئيس السابق ولد عبدالعزيز الذي حاول إضعاف هذا الارتباط بتبني البوليساريو وفتح الطريق عبر شمال موريتانيا لابراهيم غالي ومليشياته للوصول إلى المحيط الاطلسي، هذه المغامرة تنتهي اليوم، فالقيادة الموريتانية الجديدة تلتقط  رسائل الخطب الملكية الأخيرة ومنها خطاب المسيرة الخضراء ، وتفهم منها جيدا ان المغرب يسعى لبناء أمة مغاربية ومحيط مغاربي متكامل، وأن ما يقوم به المغرب ببناء نموذجه التنموي في الأقاليم الجنوبية يهم موريتانيا التي ستكون المستفيد الأول من الحكم الذاتي في الصحراء ،فعلاقات موريتانيا مع غرب أفريقيا تبدأ من جنوب المغرب .

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x