2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

يبدو أن قدر اليسار المغربي هو الإنشقاق وتعثر مشاريعيه الوحدوية، التي رفع لها شعارات رنانة، فمناسبة هذا الكلام هو المخاض الذي تعيشه مكونات فيدرالية اليسار الديمقرطية التي تضم حزب الطليعة الإشتراكي وحزب الإشتراكي الموحد والمؤتمر الوطني الإتحادي، بشأن إندماجها في حزب واحد.
رفض للإندماج أم ضرورة التريت
انقسمت الأصوات داخل الأحزاب الثلاث المكونة للفيدرالية، بين من يطالب بالتريت في الإندماج إلى ما بعد الإستحقاق الإنتخابي لسنة 2021، بدعوى أن الشروط الذاتية والموضوعية للإندماج لم تتوفر بعد، بحيث أن الأجهزة التنفيذية والتقريرية للفيدرالية لم تنجز مهامها بعد، ولم تعقد ندوات محلية لتمهد للإندماج، ونظرا لكون أن حل الأحزاب للنفسها لتشكيل حزب واحد تفتح الباب على المجهول في ظل وجود إختلاف في تدبير المرحلة الأولى بعد الإندماج.
وبين من يشدد على أن الإندماج توفر شروطه وأن أي تأخر فيه يؤدي إلى فشل هذا المشروع الوحدوي، خاصة أن ما كان متفق عليه داخل أجهزة الفيدرالية هو ان تكون الوحدة بين الأحزاب الثلاث قبل إنتخابات 2021، كما يرى أن ما يقف عائقا أمام الإندماج هو أوهام الزعامة لدى قيادات أحزاب الفيدرالية.
المؤتمر الإتحادي إم الإندماج أو الإنسحاب
هدد عبد السلام العزيز، الأمين العام للمؤتمر الوطني الإتحادي، في ندوة نظمتها “شبيبات فيدرالية اليسار”، بحضور كل من نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الإشتراكي الموحد، وعلي بوطوالة، الكاتب العام لحزب الطلية الديمقراطي الإشتراكي، بالإنسحاب من مشروع الفيدرالية إذا لم يتم الإندماج قبل الإنتخابات المقبلة، ولعل أن هذا التهديد، بنظر لمكانه ومناسبته، يؤشر على درجة التوثر والأفق المغلق الذي وصلت له قيادة الفيدرالية في تسوية النقاط الخلافية فيما بينها.
الإشتراكي الموحد..من الإندماج إلى الإنقسام
رغم أن هذا الحزب إنبنى على أساس روح الوحدوية بين بعض القوى اليسارية منذ مطلع العقد الماضي، إلى أنه شهد خلافا بين هذه المكونات بشأن عدة قضايا، عمقه الإختلاف حول توقيت اندماجها في الفيدرالية بشكل أصبح يهدد بإنشقاقه، إذ منذ المؤتمر الأخير أصبح ظاهرا أن هناك صراع بين تيارين: الأول يضم مجموعة محمد مجاهد الأمين العام السابق للحزب ذاته، ومجموعة عمر بلافريج، النائب البرلماني، والتيار الثاني، الذي يضم مجموعة نبيلة منيب، ومجموعة اليسار المواطن ومجموعة محمد مجدي.
هذا الصراع الذي غدته نزعات الإنتماء ات السابقة، قد يفتح الباب في حالة عدة وقوع إندماج في الفيدراليةّ، على التشظي خاصة في ظل التخندق والإستقطاب الحاد الذي يعيش فيه، وتأثيره على قطاعاته الموزاية.
الطليعة..نندمج لكن..
لا يخرج المناخ العام داخل حزب “رفاق الشهداء”، عما يعيش فيه شركائه، فهو بدور إنقسم حول الإندماج، مع أغلبية بسيطة داخلة لجنته المركزية التي تشد على عضد الوحدة، لكنه يشترط للسير قدما في الإندماج لابد أن تكون القيادة في المحطو الأولى مشتركة بين الأمناء العامين للأحزاب الثلاثة لا أن ينفرد بها أمين عام واحد يتم التوافق عليه، على أن يتم إختيار الأمين العام في المؤتمر الثاني للفيدرالية بشكل ديمقراطي.
في ظل هذه الصراعات والإختلافات، يطرح التساؤول حول إمتداد هذه الأحزاب داخل المجتمع وتأثيرها فيه، إذ في الوقت الذي تضيعه فيه الوقت والمجهودات في التسابق والصراع الجانبي، تهمل فيه واجباتها في تأطير المواطنين، وتعجز عن الإنغماس والتواصل الفاعل والمنتج مع مختلف فئات المجتمع.
أتمنى أن يبقى الحزب الاشتراكي الموحد منفصلا عن الأحزاب الأخرى لانه الحزب الوحيد النشيط و المؤثر في الفيدرالية، وله مستوى وازن من الناحية السياسية و الاجتماعية وحتى الفكرية في مقابل حزب لا وزن له كالمؤتمر الوطني الاتحادي الذي يرغب فالاستفادة سياسيا من الاحتكاك بالحزبين الآخرين.