لماذا وإلى أين ؟

تبعية وديون وفوارق.. نقابيون يعرضون تعثرات الحكومة في سنة 2019

قالت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إن سنة 2019 عرفت ركودا اقتصاديا حادا، أعراضه مست كل المجالات الحيوية، خاصة مع الاستمرار في ارتفاع حجم المديونية العامة وانعدام الأثر ذي الدلالة الإحصائية للمديونية الخارجية على النمو الاقتصادي. ولم تكن هذه الديون في الحقيقة موجهة للاستثمار العمومي ولا للإصلاحات الهيكلية أو لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين ولا لتحسين المستوى التعليمي والصحي والثقافي للمغاربة، بل أغلبها كان موجها لتمويل العجز المتراكم في الميزانية.

وقد رافق ذلك تصاعد في حجم مدفوعات خدمة الدين الخارجي بفوائد مرتفعة بشكل قياسي وانعكاس دلك على أهداف القانون المالي والمشاريع المبرمجة والأولويات الاجتماعية، حيث تبخرت كل الأهداف الطموحة لسنة 2019، وتواضع معدل تنفيذ الاستثمار، فضلا عن كثرة الثغرات وغياب التجانس والاندماج في استراتيجيات التنمية وفي تطوير القطاعات الحيوية، وما صاحبها من الارتجال وفساد وغياب الشفافية في الصفقات العمومية، وهما تأكد من خلال تقارير المجلس الأعلى للحسابات بخصوص فضائح عدد من المؤسسات العمومية التي أصبحت تمثل عبئا ثقيلا على الدولة بسبب سوء الحكامة والديون المرتفعة والتي تغطي سنويا عجزها المالي وخسائرها الفادحة والمتراكمة من ميزانية الدولة، بما فيها قطاع الفوسفاط 116 مليار والسكك الحديدية 50 مليار والمكتب الوطني الكهرباء والماء 60 مليار ووالشركة الوطنية للطرق السيارة 40 مليار درهم ودعم القناة الثانية ب 50 مليار علاوة على ازمة صناديق التقاعد.

استمرار التبعية المتنوعة

وتميزت كذلك السنة التي نودعها، حسب النقابة، بالاستمرار في تعمق تبعية الاقتصادية والسياسية، وانخراطها الأعمى في سياسة اقتصاد السوق والاعتماد أكثر من اللازم على القطاع الخاص وتقليص دور الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، تماشيا وتنفيذا لتوجهات البنك وصندوق النقد الدوليين ونادي باريس ونادي لندن في تقليص النفقات الاجتماعية والخوصصة والتفويت التدريجي للخدمات الاجتماعية خاصة في مجالات التعليم والصحة والنقل والماء والكهرباء وتفويت عقارات كتمويلات ترقيعيه بديلة.

إضافة إلى التحرير المفرط والواسع للأسعار، وارتفاع فوائد المعاملات التي تفرضها الأبناك التي أضحت تجني أرباحا خيالية، التي تعتبر المستفيد الأكبر من السياسة المالية المتبعة والمعيقة للاستثمار الوطني والمثقلة للأسر المغربية بديون فائقة ،مما يؤدي إلى وإفلاس ما يزيد عن 8000 مقاولة صغرى ومتوسطة وصغيرة جدا واستفحال البطالة بأنواعها وتفاقم حدة الفقر وإحداث المزيد من الاختلالات في توزيع الدخل وتعاظم الهوة بين طبقات المجتمع. والتفاوتات المجالية الى جانب غياب العدالة الضريبية لعدم تنفيذ توصيات المناظرة الوطنية حول الجبايات والاستمرار في الإعفاءات الضريبية غير المبررة اقتصاديا واجتماعيا في مجالات الفلاحة والصيد البحري.

مقابل تراجع سياسة الدعم الاجتماعي وضعف الحماية الاجتماعية والتوسع في إجراءات التقشف وتراجع فرص التشغيل مما أدى إلى ارتفاع مؤشر البطالة وخاصة في صفوف الشباب وخريجي الجامعات إلى أزيد من 45 في المائة وتشكل اليوم احد الجذور والأسباب العميقة من جهة لعودة الهجرة السرية عبر مراكب الموت ولارتفاع نسبة الجريمة وللاضطراب الاجتماعية المهددة للاستقرار والتماسك الاجتماعي، فضلا عن تكريس ظاهرة العمل غير اللائق وغير المستدام والهشاشة في الشغل.

الهدر المدرسي

ولم تحقق 2019 إلا الجزء القليل في محاربة الهدر المدرسي (300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا) وارتفاع الهذر الجامعي 43 في المائة من الطلبة يغادرون الجامعة بدون شهادة ،و استمرار ظاهرة تشغيل الأطفال بنسبة 92 ألف طفل ووسط 30 في المائة من سكان المغرب تعاني من الأمية وما زالت التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والحصول على خدمات عمومية ذات جودة من أن أهم القضايا التي تُؤثِّر بشدة على الفقراء والشرائح المستضعفة الذين يعتمدون اعتمادا كبيرا على البرامج والخدمات العمومية. وما زال التفاوت في إمكانية الحصول على خدمات تعليمية وموارد ذات جودة يعوق التنمية البشرية في المغرب، لا سيما بالنسبة للنساء. وفي بلد مازال يواجه تحديات اجتماعية جسيمة، تتأثَّر النساء بشدة من جراء الافتقار إلى تقدُّم اجتماعي 2 واقتصادي في الكثير من المجالات. وأدا استمرت الحكومة على هدا المنوال فإنها ستؤدي بنا إلى للإصلاحات الاجتماعية المُدخلة في إطار عمليات التقويم أو التكيّف الهيكلي، التي أجريت في المغرب خلال الثمانينات من القرن الماضي.

تخلف البنيان الاجتماعي

وتعتبر 2019 سنة تخلف البنيان الاجتماعي، بحسب ترير النقابة، حيث كشفت منظمة “سوشيال بروجرس إمبيراتيف” الأمريكية عن تراجع في مؤشر “التقدم الاجتماعي” في المغرب منتقلاً من المرتبة الـ76 في 2018 إلى المركز الـ82 عالمياً في 2019. من أصل 149 دولة شملتها نتائج الدراسة التي تعكس مستوى التطور الاجتماعي الذي تتمتع به الدول ورفاهية سكانها، والذي يأخذ في الاعتبار 51 مؤشراً؛ بما في ذلك التغذية والسكن والسلامة والتعليم والصحة والحقوق الشخصية والشمولية.

كما سجل المغرب تراجعا في مجال التعليم والوصول إلى المعرفة الأساسية؛ إذ حل في المرتبة ـ101 عالمياً. ويقيس هذا المؤشر معدل القراءة والكتابة لدى البالغين، ومعدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية والمساواة بين الجنسين في الالتحاق بالتعليم الثانوي والحق في الحصول على تعليم جيد. استمرار ارتفاع نسبة الأمية وانخفاض مستوى التعليم بسبب الهذر حيث إن متوسط مدة التمدرس في المغرب يبلغ 4.4 سنوات فقط،. وتهميش المرأة وظاهرة تشغيل الأطفال والتهريب المعيشي والفوارق المجالية والاجتماعية، كما عرفت سنة 2019 الاقصاء الاقتصادي والاجتماعي لقطاعات كبيرة في المجتمع وضعف الخدمات وهزالة الإنفاق الاجتماعي بالأرقام الحقيقية، وارتفاع مؤشرات الفقر المتعدد الأبعاد، أكثر من %45 من المغاربة يعانون من “الحرمان الشديد” والتقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي توقع %13.2من المغاربة معرضون للفقر متعدد الأبعاد فيما %25.6 منهم يعانون من الفقر المرتبط بالصحة و%42.1 يعانون من فقر التعليم، فيما %32.2 يعانون من الفقر المرتبط بمستوى المعيشة.  وتسجل بعض الدراسات ذات مصداقية، أن المغرب يعرف أعلى مستوى للفوارق في شمال إفريقيا، رغم الانخفاض النسبي الذي عرفه هذا المؤشر في العقدين الأخيرين. وضعية غير عادية وغير متوازنة وغير عادلة للثروة الوطنية رغم ارتفاع مستمر للثروة، بحيث ارتفع الناتج الوطني الإجمالي في العقدين الأخيرين من 400 مليار درهما إلى 1200 مليار درهم. إلا أن 10% من الأكثر ثراء، يتمتعون بمستوى معيشة أعلى 12 مرة، من مستوى معيشة 10% لأكثر فقرا، وهو فارق لم يتراجع منذ 1990.

 الفوارق في الأجور والمعاشات بمعدلات مرتفعة تتجاوز 35 مرة الحد الأدنى

سنة 2019 كسابقتها لم تعرف أي تغيير ملموس على مستوى تحسين القدرة الشرائية للطبقة العاملة المغربية، مع استمرار تدني القيمة الحقيقة للأجور والمعاشات في القطاعين العام والخاص وضعف الحماية الاجتماعية وعدم المساواة والفوارق الشاسعة في الأجور والتعويضات، التي لا تزال تُشكِّل تحديات جسيمة في منظومة الأجور بالمغرب رغم كل ما تروج له الحكومة من ارتفاع لكتلة الأجور بمنطقها غير الموضوعي أمام غياب عدالة أجرية واتساع فجوة الفوارق في الأجور والمرتبات والمعاشات والمكافآت والحوافز والعلاوات واتساع فجوة الأجور بين الجنسين بالموازاة مع الارتفاع المهول لأسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية ومستوى ومتطلبات وتكاليف المعيشة فضلا عن استمرار الضغط الجبائي على الأجور والمرتبات والاقتطاعات لفائدة الصناديق الاجتماعية التي يؤديها الأجراء من المنبع بنسبة 76 في المائة.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
Alizawa
المعلق(ة)
1 يناير 2020 01:05

وكل عام نسمع نفس الكلام من النقابات ولكن لاشي تغير وخاصة منذ مجي حكومة البيجيديين والمواطن يتقدم إلى الوراء متجها الى مزيدا من التهميش والفقر والاقصاا كثرة المتسولين في الشوارع وشباب ضااع وشيوخ ينتظرون الموت في المقاهي. يا رايس الحكومة الا تري المجتمع كيف يعيش؟ ام انت ممسوقش؟

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x