لماذا وإلى أين ؟

تجزئات فوق مقابر وأحياء مهددة بالانجراف.. حقائق صادمة عن تصميم طنجة (حوار)

تفاعل حقوقيون مع مسطرة البحث العلني الخاص بمشروع تصميم التهيئة بطنجة المعروض للعموم إلى نهاية الشهر الجاري، والذي يُعاد طرحه بصيغة جديدة أمام أنظار العموم للمرة الثانية.

ولهذا الغرض، ينتظر أن يعقد كل من المجلس الجماعي ومجالس المقاطعة الأربعة، دورات استثنائية، خلال شهر يناير المقبل، لتدارس المشروع الجديد الذي يعد الثالث من نوعه، بعد إلغاء مشروعين خلال سنتي 2017 و 2018.

وقد كشف رئيس رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين بجهة طنجة تطوان الحسيمة، محمد المنصور، وجود كمّ هائل من الخروقات والملاحظات التي لم يتفاعل معها مجلس المدينة والمصالح المعنية رغم تدق ناقوس الخطر منذ سنوات.

 

ما قراءتكم  الأولية لمشروع تصميم التهيئة لطنجة؟

سجلنا فظاعات بالجملة، إذ ركز التصميم على توزيع الأراضي وتغيير المناطق فقط. حيث إلى جانب التراجعات الكبيرة على أرض الواقع لا يوجد تحديد واضح لوضعية ومستقبل عدد من المناطق، إذ يتم وضعها في إطار مناطق صناعية أو سياحية مثلا ستقام عليها مشاريع لكن بدون توضيحات أكثر. وهذا ما سيمكن ملاك العقارات من فعل ما يريدون.

الخطير هو أن المناطق المقترحة من قبل للحفاظ عليها تم التشطيب عليها في التصميم الجديد، ولم يتم الإبقاء إلا على حوالي 30 في المائة من المجال الغابوي، ويتم التحايل على ما تبقى لتحويلها إلى مناطق مشاريع. لأن التصميم يفتح كل المناطق أمام التعمير خدمة لخواص ومستفيدين، على حساب المصلحة العامة. هناك تشوه على المستوى البيئي، لا معالم توجد، الطرق الرئيسية لا تنطبق عليها المواصفات، إذ توجد مسالك ثعبانية تهرب من مصالح الخواص والمستفيدين.

على العموم لا تختلف ملاحظاتنا على ما ملاحظات مشروع تصميم التهيئة بطنجة سنة 2016، فقط بتغييرات قليلة. خلاصة مطالبنا أن تعطى الأولوية لحفظ كيان المدينة من الضياع والانهيار والتراجع إلى ما لا نهاية. فلابد من حفظ حقوق الأجيال المتعاقبة من خلال بلورة مفهوم حقيقي للتنمية المستدامة وتوفير الضمانات الكافية لحماية المدينة إقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا. وفي هذا السياق نتوجه بالخطاب إلى كل الجهات المتدخلة في قطاع العمران بدءا بوزارة التعمير والإسكان، ووزارة الداخلية، ووزارة الثقافة، والمندوبية السامية للغابات، وانتهاء بولاية طنجة تطوان الحسيمة، والمجلس الجماعي بطنجة، والوكالة الحضرية ، وممثلي كل القطاعات من أجل تحمل المسؤولية تجاه هذا الموضوع الذي يهم حاضر ومستقبل المدينة ككل.

على ماذا ركزتم في مقترحكم حول التصميم الجديد؟

ركزنا على ضرورة استحضار المصلحة العامة، عبر إنجاز مرافق عمومية، لأنها بدأت تنعدم. ركزنا على إحداث طرق تتماشى والمواصفات المعروفة، وليس هذه التي لا تتوفر على شروط السلامة. كما نطالب بتصحيح مسارها… هناك عشوائية واضحة سيضطر بسببها السكان إلى تغيير مساكنهم.

لقد مرت سنوات من الفراغ، تم فيها خرق التصميم السابق، وهذا ما يطرح سؤال هل هناك إرادة ونفس طويل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ لا يمكن ضمان حصول هذا بحكم درايتنا ومن خلال تركة الرخوقات التي وُرثت.

ما الجهات المسؤولة في نظركم؟

كل الأطراف المصالح، من وكالة حضرية ومجلس المدينة وحتى المحافظة العقارية، فإذا رجعنا إلى سجل التحفيظ السابق نجده أسود. وهو ما أدى إلى غياب مواصفات التعمير، وهذا ما أدى إلى تعميق هذه الفظاعات المتراكمة، بشكل سيدمر الأجيال القادمة.

يسجل عن التصميم إغراقه في العموميات وغياب التوزيع الدقيق للمناطق العمرانية التي قدمت على طابق من ذهب لكي يخضع تدبيرها للمساومات والتدخلات المجانبة للصواب. واعتماده المعايير المزدوجة في التعاطي مع مكونات المجال والمناطق العمرانية، وانحيازه إلى جانب مخططات الجهات النافذة والمتحمكة، مما يجعله محملا ببصمات التدخل والصنعة المتمثلة في رسم بعض العقارات بدقة في الوقت الذي تم تجاهل حالات مماثلة، وهو شيء لا يمكن أن يتم إلا بمعرفة مسبقة بطبيعة العقار وحدوده.

ما حدود تدخل ذوي النفوذ والمصالح في إعداد التصميم إذا استحضرنا وجود بارونات وخواص يهيمنون على عدد من المشاريع والعقارات؟

هذه الفئة تحل مشاكلها على المستوى المركزي، بفضل المحاباة والمحسوبية والتدخلات وترضية الخواطر.. إن غياب عدالة مجالية فتح المجال أمام الخواص وأصحاب المصالح، رغم أن مجلس المدينة فتح المجال لبحث علني أمام الجميع لإبداء ملاحظاتهم واقتراحاتهم، وأعطاهم حق التعرض، كما تدخل المجتمع المدني، وهذه مبادرة محمودة نشيد بها لكن لا تكفي.

أذكر لنا أمثلة أثارت انتباهكم في التصميم الجديد؟

هناك مقبرة مشيدة في حي عشوائي وضع التصميم تجزئة وسطها، كما أن ما سُمي “مقبرة نموذجية” وضعها التصميم في مكان بعيد وجبلي يصعب على أي وصولها. وهذه المقابر تنضاف إلى أربعة مقابر تعيش كارثة بمعنى الكلمة، وبالتالي فإن حرمة الموتى لم تسلم من التصميم. وقد اقترحنا إحداث مقبرتين كبيرتين على صعيد قطاع العوامة، وقطاع منطقة مغوغة ، حيث يتوفر الوعاء العقاري لأراضي الجموع، مع التعجيل بإعداد المشروعين وتحصينهما قانونيا. كما أطالب بفتح تحقيق في ما يخص انتهاك حرمة المقابر.

لقد أدت العشوائية والتراخيص المشبوهة والتلاعبات وضبابية عمل لجنة الاستثناءات إلى ظهور أحياء مهددة الآن، حيث توجد الآلاف من الأسر في منحدرات مهددة بالانجراف.

كما سجلنا تغير معالم تصاميم التجزئات السكنية، وانتصاب عمارات من أربع طوابق في منطقة الميناء. وغيرها من الأمور. والمثير أيضا أن معالم التصميم وحيثيات إنجازه غير متاحة للعموم، إذ لا يمكن لأي كان أن يطلع عليه، لذلك من بين مطالبنا خلق لجنة خاصة للتواصل مع المواطنين حول قضايا التعمير تحت إشراف رئيس المجلس الجماعي تتولى مهمة إرشاد وتقديم الخدمات للمواطنين الراغبين في الاطلاع.

نطالب بالأخذ بملاحظاتنا هذه المرة، لأن الوضع خطير والمدينة وأحياؤها مهددة، إذ إن الوعاء العقاري يُستنزف سنة بعد أخرى، وهناك أحياء مهددة بالانهيار، في منطقة مغوغة مثلا، فيما مساكن أخرى تحيط بها المزابل…

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
Ali
المعلق(ة)
6 يناير 2020 01:47

هذه شبه مدينة قد تم تشييدها على الملأ على أرض متهاوية لطبيعتها الجيولوجية الهشة.. السؤال : مَن رخّص لهذه المصيبة؟ نعلم أن تراخيص البناء ليست أحادية حتى يُلام رئيس مكتب واحد على هذه الكارثة!! كيف سمح مهندسو الجماعة الحضرية بقبول طلب تصميم البنايات بل كيف سمحوا لأنفسهم التلاعب بأرواح المواطنين بإنجازهم لتصاميم مقبرة جماعية لا لحي سكني؟ أين دور المقاطعة في مراقبة مجالها الترابي من هذه الخرقات وأين هي العمالة أيضا وسهرها على سلامة أرواح الناس؟ يبدو أنها أبطال هذه الكارثة أقوى من أن ينكشف الأمر

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x