لماذا وإلى أين ؟

بوريطة يدشن دبلوماسية تواصلية غير مسبوقة لتعزيز حيويتها

أجرت وزارة الخارجية تغييرات استراتيجية جديدة للتواصل تهدف إلى مواكبة الثورة الإعلامية الرقمية الحالية، أملتها تحديات كثيرة ودراسات قامت بها مؤخرا تدفع إلى ضرورة تغيير طريقة الاشتغال، وتأمل في أن يواكب هذا المخطط ديناميتها اللافتة وأوراشها المكثفة.

فلا يعقل أن يبقى الموقع الالكتروني الرسمي للوزارة “جامدا” وغير محين منذ تقريبا شهر غشت الماضي وكأن لا شيء يقع. والحال أن أحداثا كثيرة تعاقبت من ذلك التاريخ الى الآن كان من الواجب إبرازها وتأريخها ضمن الموقع. والأمر نفسه ينطبق على علاقة الوزارة بمواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا تويتر وفايسبوك، حيث بدت بدورها “آوت”، وهذا ان احتكمنا لأهمية قطاع الدبلوماسية السيادي فالأمر لا يُغتفر.

وزارة الخارجية تسعى إلى مواكبة ثورة الإعلام الرقمي وهذا ما يجعلها تبحث عن بروفايلات ملائمة تعمل على تكريس المجهودات الدبلوماسية المبذولة ومشاركتها على أوسع نطاق، عبر الحدود والقارات. ولتنزيل هذا الورش الطموح، عملت الخارجية المغربية على فتحت باب الترشيح أمام جميع الكفاءات المغربية، من داخل الوزارة وخارجها، للتباري على الظفر بمنصب المسؤولية لأجل تنزيل هذه الخطة التواصلية الجديدة، والتي وضعت لها الخارجية دفتر تحملات نموذجي وطموح.

فقد أظهرت دراسة حديثة قامت بها وزارة الخارجية أن 80% من المعلومات المرتبطة بها تروج على المستوى الوطني، وهذا يدفعنا إلى التأمل، لأن ضعف التواصل مع الإعلام الدولي والتأثير في صناع القرار الأجانب تسبب في تشكيل وجهة نظر وحيدة عن المغرب خارج حدوده، بطريقة أو بأخرى، في وقت لا تنفك الجهات المعادية في استغلال أي شيء يضرب مصالح المغرب. وهذا جاء نتيجة ضعف التواصل ومواكبة أنماطه التكنولوجية الحديثة الذي يبدو أن الوزارة لم تستوعبه على نحو جيد.

هذه المعطيات التي وقفت عليها الخارجية تظهر مفارقة عجيبة، ليست في صالحها طبعا، لأن المنطق لا يقبل ان تكون هناك حيوية للديبلوماسية المغربية وصداها يبقى حبيس الجدران الداخلية.

فمثلا، القرار السيادي الأخير لترسيم الحدود البحرية، فتح المجال للترويج لوجهة نظر واحدة، بألسنة متعددة، للتحدث عما يسيء للمغرب، حينما نصبت وسائل إعلام إسبانية نفسها المصدر الوحيد والمطلع على حيثيات وسياقات القرار، بشكل جعل الصحافة الوطنية، في سابقة غريبة، تلجأ إليها للبحث أو ترويج أو تصحيح معلومة عن هذا الموضوع السيادي الوطني.

موضوع الحدود ليس وحده الذي يستدعي ضرورة رؤية دينامية الوزارة من زاوية أخرى. فهناك في أمريكا اللاتينية حدثت وتحدث ثورة دبلوماسية قادتها الوزارة على مدى السنتين الماضيتين، ولا يمكن لأحد أن ينكر هذا، فقد تغيرت مواقف دول ظلت طيلة عقود في خانة أعداء القضية الوطنية. لكن يحق لنا أن نتساءل هل سوّقت الوزارة جيدا لانتصاراتها على المستوى الخارجي، وأظهرت للعالم بكل اللغات ما فعلته لتغير تلك المواقف المتجمدة عن قضيتنا الوطنية؟

وموازاة مع هذا الاختراق في امريكا اللاتينية، شرعت أكثر من دولة في فتح قنصلياتها في حواضر الصحراء المغربية، العيون والداخلة، وهو ما أصاب أعداء القضية بنوبات سياسية.. ومرة أخرى نتساءل: هل سوّقت الوزارة سياسيا لهذا المكتسب غير المسبوق الذي يسير فيه المغرب طولا وعرضا خارج حدودنا وكيف؟

خلاصة القول أن ثورة الإعلام الرقمي المتواصلة والمتسارعة، باعتبارها سلاحا ذو حدين، يجب أن يدفع إلى تقوية وتعزيز دور أقطاب ومديريات التواصل بوزارة الخارجية لإخبار الرأي العام الوطني طبعا ولكن خاصة لملء الفراغ القاتل وإيجاد موطئ قدم، دائم وفعال، لإسماع صوت المغرب والتأثير في وسائل الإعلام والرأي العام بالخارج، وصناع القرار الدوليين، الحكوميين وغير الحكوميين، وهذا يكتسي طبيعة الراهنية والملحاحية، مع ضرورة اعادة هيكلة قسم التواصل بالوزارة وتوفير كل ما يلزمه من وسائل لازمة لتحقيق الرهان الجديد. وهذا ما تعهد ناصر بوريطة بالعمل على تحقيقه.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Belbachir
المعلق(ة)
20 يناير 2020 12:59

Quand on a une cause;la question Nationale;en l’occurrence……on n’a pas le choix …il faut tout mobiliser.Il
va du destin de la Nation.MERCI

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x