2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

يتحول الأمان إلى خوف، وينقلب ذلك الضجيج الذي يحدثه الصبية في الأزقة إلى صمت مخيف بعد حلول الظلام.. لدرجة أن سائق الطاكسي سيرفض رغبتك في الذهاب إلى هذا الحي، وينصحك بعدم اقتراف هذا “الجرم”. وإذا شفق لحال أجنبي لا يعرف الحقيقة فإنه يشترط إنزالك في مدخل الحي ليعود أدراجه مخافة أن يتكرر معه مع حدث لزميل له تعرض مؤخرا للاعتداء وسط الحي ذات ليلة.
إنه “الكورص”، الحي الجانبي الواقع في مدخل مدينة خنيفرة الذي كسّر أمان المدينة وأضحى شوكة في خاصرتها، حتى أصبحت دوريات الأمن ضيفا يتردد باستمرار على أهل المكان الذي استوطنه القادمون من جنبات المدينة ومحيطها، خصوصا من قبائل أيت عطا وأيت حديدو المنتشرة في الأطلسين الكبير والمتوسط. وهو ما جعل الحي يمتد طولا وعرضا بشكل عشوائي، حتى أصبح عبارة عن أزقة ودروب بلا أسماء فقط أرقام. أزقة تُفرق بين منازل صغيرة مُعوجة التصميم متكدسة جنبا إلى جنب بلا تنظيم، تؤوي سكانا يمتهنون حرفا يدوية وموسمية وتجارة عبارة عن غرف صغيرة تم فتحها لعرض مواد الاستهلاك والدجاج والخضر والحلاقة وبيع تجهيزات الهاتف…
“لقد استطاعت دوريات الأمن أن تخفف نوعا ما حدة هذا الفزع والترهيب الذي لصق “الكورص”، لكن ليس إلى درجة زيرو كريساج واعتداء”، يقول أحد سكان الحي الذين التقتهم “آشكاين”، والذي أشار إلى أن سائق طاكسي أدى تجرؤه على التوغل في الحي إلى الاعتداء عليه وعلى من كانوا معه، من قبل شبان هم سبب هذا الفزع الذي استوطن المكان.
وتابع قوله: “لا تفكر في أن تأتي إلى هنا عند غروب الشمس، خصوصا إذا كنت تقصد أسرة تقطن في عُمق الزنقة 8، وكذلك الزنقة4، عليك أن تكون هنا قبل حلول الظلام وإلا فأنت تبحث عن مشكل”.
غير أن مفتش شرطة ممتاز في دائرة أمن المدينة شدد في حديثه لـ”آشكاين”، على أن مستوى الإجرام نزل بشكل كبير جدا منذ تعزيز الوجود الأمني في المدينة، شارحا أن حي الكورص وبعض الأحياء الهامشية القريبة منه، استنفرت السلطات الأمنية على أعلى مستوى، ليتقرر إيفاد عناصر أمن جدد من مستوى الدرجات إلى المدينة، بهدف محاربة الجريمة التي ظهر أنها ارتفعت نسبيا. كاشفا أن السدود القضائية في مدخلي المدينة يراقبان كل من دخل، عبر التأكد من بطاقة تعريفه، وهذا الإجراء لا يستثني الطاكيسات الكبيرة. وختم شهادته قائلا إن حالة الكورص تم التعامل معها باستنفار كبير، وهو ما مكن من خفض معدلات الاعتداء والسرقة والشجارات إلى أقل مما كانت عليه.
في المقابل، أشارت سيدة إلى أن الموضع الذي انتصب عليه الحي لا يساعد عناصر الأمن في التمشيط ، لأنه عبارة عن هضبة تغطيها مساكن يطل بعضها على البعض، وهو ما يتيح لشبان الحي الاحتماء بالشّعب والأركان القصية بعيدا عن أعين الأمن، للتربط بالمارين.
ولفتت إلى أن خنيفرة تعيش منذ حوالي شهرين، حالة أمنية غير مسبوقة، حيث لا تتوقف الحملات الأمنية والتمشيطية، ويظهر عناصر الأمن في كل مكان، وهو ما استحسنه سكان المدينة، الذين استشعروا مدى التغير الحاصل. إلا أن سكان “الكورص” لا يرون ذلك، إذ يؤكدون على أن مُستقرهم هذا مازال يعاني من حالات اعتداءات وانفلاتات تحدث ما بعد غروب الشمس، منادين بتكثيف الحملات الأمنية أكثر من أي حي آخر في خنيفرة.