لماذا وإلى أين ؟

عصيد يكتب: الوباء ، الطائفية والاخلاق

ما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي من شماتة أحد الإسلاميين في المناضل الحقوقي والمحامي السيد الحبيب حاجي والسيدة زوجته بسبب إصابتهما بفيروس كورونا، وتمنيه أن يصيب الفيروس السيد محمد الهيني المحامي كذلك، يذكرنا بما فعله أربعة من أتباع حزب العدالة والتنمية عندما شمتوا في مقتل السفير الروسي بتركيا من طرف أحد المتطرفين الإسلاميين الذي كان حارسا شخصيا له، حيث نوهوا بالمجرم القاتل  وتمنى أحدهم أن يقوم الحارس الشخصي للسيسي بنفس الشيء، أي باغتيال رئيسه كذلك، معبرا عن فرحه وسعادته.

وعلاوة على ما في مثل هذه المواقف المتهورة واللاإنسانية من انحطاط أخلاقي لا غبار عليه، لا يمكن أن تصدر إلا عن روح إجرامية، فإن ما فعله هذا الشخص في سياق يعرف تضامنا وطنيا وتآزرا ضد الوباء الذي يمثل تهديدا للجميع، يكشف عن الوجه الحقيقي للإسلام السياسي، الذي لا يؤمن بالرابطة الوطنية ولا الإنسانية، بل فقط بالرابطة العقدية الدينية، أي الطائفية، يفسر هذا لماذا يدعو الإسلاميون لأنفسهم وللمسلمين فقط، متمنين الهلاك لغيرهم، كما فعل عدد من الدعاة ليس في مساجد الشرق فقط بل وفي كندا والعديد من البلدان الغربية، دون أن ننسى العصيان السلفي في بعض المدن المغربية، والذي عبر بالملموس عن مقدار الاستهتار بالدولة وبالرابطة الوطنية.

وفي الوقت الذي يقول فيه المواطن البسيط إن ذلك لا علاقة له بالدين الإسلامي، نجد المتطرفين يُصرون على استعمال نصوص دينية لشرعنة مواقفهم الطائفية، كمثل الحديث الذي يعتبر الوباء رحمة للمسلمين ورجزا وعذابا لغيرهم.

إن الإسلاميين معلمون ممتازون للكراهية، فهم الوحيدون الذين يستطيعون أن يجعلوا الإبن يكره أباه وأمه، والأب أبناءه وإخوته وأقاربه وأصدقاءه، وهذا شيء عشناه ونعيشه في أوساطنا منذ عقود، وهو أمر مفهوم تماما، إذ أن لعبة السلطة والكراسي تحتاج إلى أكثر الأسلحة قذارة، ولكنهم سيكونون أكثر انسجاما مع أنفسهم عندما يتوقفون عن الحديث عن “القيم” و”الأخلاق”، لأنهم آخر من يمكن أن يفهم دلالات هذه الكلمات النبيلة.

لقد قدمت الصين درسا رائعا للإسلاميين لا أعتقد أنهم قد استوعبوه (وهي الدولة التي لا تقيم أي اعتبار للعقائد الدينية) عندما أهدت للمغرب طائرات محملة بكل أنواع المساعدات لمواجهة الفيروس، بعد أن تخلصت منه في بلدها، لم تفكر الصين في عقيدة المغاربة، ولا في أعراقهم ولا مذاهبهم، بل قدمت لهم ولغيرهم الدعم بوصفهم بشرا يستحقون الحياة.

إنها مرة أخرى مشكلة تربية، وعلينا أن ندرك بأن من أهم دروس الوباء أنه ينبهنا إلى تقصيرنا في التأطير المواطن للمغاربة حتى يفلتوا من براثن التطرف بكل أنواعه، ومن فخاخ الولاءات المُخرّبة، ويدركوا قيمة الانتماء إلى وطن، وإلى دولة وحضارة.

نتمنى الشفاء العاجل للسيد حاجي وزوجته، والصحة والسلامة للسيد الهيني، وكذا للإسلاميين ولجميع المغاربة، ولكل شعوب الأرض، بغض النظر عن ألوانهم وألسنهم وأديانهم وأصولهم وأنسابهم.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

10 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
مغربي مغربي
المعلق(ة)
31 مارس 2020 13:22

ما لا يفهمه المتزمت هو ان طبيعة الوجود تقتضي حتما الاختلاف. وبما ان عقول الكثير برمجت لقرون ان لا وجود لزاوية أخرى لمعالجة الأشياء فالإقصاء يبقى هو الحل الوحيد بطبيعة الحال.
مع الأسف لهولاء ولحسن الحظ المغرب يتطور / العالم يتطور والعلوم تتطور والحل لكورونا لن يأتي على أية حال من أي من مراجعهم. بعدها سيقولون ” اوا هاذ الشئ كاع عندنا” ….

جمال
المعلق(ة)
الرد على  ماشي عصيد
31 مارس 2020 12:16

جل اصحاب الشطابات هم اطفال كبار . اي لم ينضجوا بعد ولو بلغوا 80سنة . الانسان يختلف عن البهائم بالعقل فقط . فمن لا يستعمل عقله او لا يملك تفكيرا ويضل حبيسا للخرافة والاساطير والمحفوضات البالية فهو طفل او قاصر عقليا.
وحال جميع تجار الدين وسماسرة العقيدة فهم لا يفكرون ولا يفيدون المجتمع في شيء بل هم وعاء لحفض اشياء قديمة وفقط

ماشي عصيد
المعلق(ة)
31 مارس 2020 09:33

حال عصيد المسكين يقول…. .

أنا أنتقد الإسلاميين.. إذا أنا موجود.

Ali
المعلق(ة)
31 مارس 2020 07:29

ما حاجة العلماني أو بتدقيق أشد الملحد للأخلاق والقيم والمبادئ مادامت الحياة في نظره مادة وطفرة عرضية وليدة الصدفة ولا شيء غير الصدفة التي هي الأصل في الوجود؟ هل الأخلاق والقيم ابنة الصدفة وتطور الصدفة بعد الصدفة الأولى؟ لماذا لا يركن الملاحدة لأخلاق الصدفة وصدفة الأخلاق مادامت العلائق الانسانية مجرد تطور طبيعي لباعث اعتباطي أول لا أخلاق أو قيم تحكمه؟ لماذا يصر الملحد على الاخلاق بينما الحياة فى اعتقاده مادة ولاشيء غير المادة والأخلاق شيء معنوي لا تتحكم فيه المادة بتاتاً؟ إذا سلّم ملاحدة النفاق والشقاق بوجود الأخلاق فإنهم ينسفون مزاعمهم بأن لا وجود إلا للمادة لأن الأخلا ق والقيم والمبادئ ليست بالمادة؟ عن أي أخلاق يتحدث فيلفوسنا هههه وهو يدعو للمثلية والسحاق والرضائية الجنسية؟

متتبع عن قرب
المعلق(ة)
31 مارس 2020 01:35

يشرف كل موقع إعلامي ان ينشر كلام الأخ احمد عصيد لانه داىما في الموعد ليعبر عن آراىه الكونية دون تحفظ ودون تجريح أو كراهية على عكس “الإسلاميين معلمون ممتازون للكراهية”. دمت منارة للنور والتنوير وأعزك الله!

أنس
المعلق(ة)
31 مارس 2020 01:23

على السلطات اعتقال مول الشطابة كما اعتقلت قبله كل مثير الشغب و دعاة الفوضى ومحاكمته بتهم التحرض على العنف والتميز بين المواطنين على اساس ديني وافضلية عقائدية . وهذا قد يجر على البلاد وبالا نحن في غناء عنه فبين الفعل و رد الفعل تضيع مصالح الناس ويخدش الامن والاستقرار وتثار النزعات ورغبات الفوضى والتخريب والانقام
اتمنى صادقا ان يتم اعتقال مول الشطابة وقبله مول الكتان . شيوخ الضلال ومشعوذين وتافهيين لا يقدمون شيء للمجتمع وليس لهم لا مهمة ولا وظيفة سوى بيع الكلام المجاني والاسترزاق باللحية والجلباب والسمسرة بالمحفوضات البالية.
هؤلاء قوم شرهم اكثر من خيرهم

احمد
المعلق(ة)
31 مارس 2020 01:11

اه لو كان لدينا في المغرب عشرة فقط من امثال المفكر الأستاذ أحمد عصيد.
اضيف الى ما قاله ان جايحة كورونا اثبتت ان الفكر الظلامي خطر على الدولة نفسها.
تصوروا لو استسلم الحداثيون والتقدميون وبقيت الدولة وحدها في مواجهة امثال ابي النعيم والسلفيين وجماعة العدل والاحسان والعدالة والتنمية….
على الاقل الحداثيون يؤمنون بمفهوم الدولة وبسلطتها وبسيادة القانون.
فهل خرج اي حداثي او يساري او ليبرالي ليحرض ضد اجراءات الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية.
اذا اصيب الحبيب حاجي فهو انسان وقد مات بسبب كورونا أئمة مساجد
والحبيب حاجي انسان قوي وسينتصر على كورونا رغم كل دعوات خصومه السياسيين المختفين وراء مظاهرهم او لحاهم القذرة.

جمال الصحراوي
المعلق(ة)
31 مارس 2020 00:52

صحيح فما قاله عصيد هو كلام في محله . فلقد استغرب كثير من المغاربة من تصريح احد صبيان الكهف المظلم وشيوخ الضلال عندما تجرأ ونشر جهله وقلة عقله وانعدام مروءته وغياب ادميته عندما يتشفى في اناس اصابهم الاذى بل ويتمنى ان يصيب اشخاص اخرين
والصدمة الكبرى والطامة العظمى هي لصحف اوردت تفاهة وسخافة ذالك المعتوه على انه خبر . ان صدمة نشر التفاهة اشد وقعا من السخافة نفسها وذناءة صاحبها.
مخبر المخزن مول الشطابة الذي يسمي نفسه زورا وبهتانا بشيخ او شيخة معروف لدى القاصي والداني بخرجاته الطائشة وتصرفاته الصبيانية التي الغرض منها هو اثارة الانتباه فقط و النهيق والنعيق كلما سنحت له الفرصة بذالك

حسن
المعلق(ة)
31 مارس 2020 00:28

لا أتفق على نعت من أخطأ بالإسلامي.انعته بمتطرف،متنطع،خاطيء مخطئ..إلا اذا كان القصد سيساويا..نسأل الله عز وجل الشفاء العاجل لكل مصاب أو مبتلى،والعفو والعافية لهم ولنا ولجميع المغاربة ولجميع المسلمين وللإنسانية جمعاء.

Publirana
المعلق(ة)
31 مارس 2020 00:12

Amén…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

10
0
أضف تعليقكx
()
x