لماذا وإلى أين ؟

الفزازي يرد على جهل العثماني في افتتاحية التيجيني

تفاعل الدكتور عبد السلام فزازي، الأستاذ الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن زهر بأكادير، مع افتتاحية الإعلامي محمد التيجيني التي انتقد فيها طريقة تدبير الحكومة لأزمة كورونا وتناقض تصريحات رئيسها سعد الدين العثماني، والتي اعتبر أن صاحبها (التيجيني) “استفزه ولكن ما أجمله من استفزاز” كما قال.

وهذا نص التدوينة:

السي التيجيني أول مرة اسمع لك بعقلي وقلبي..أسلوبك كان عبارة أساليب وأنت تنتقد الكثير من المواضيع بل وتساهم فيها بآرائك الشخصية التي كانت بصفة أو أخرى تحاول امتطاء الحجاج إرضاء لنفسك أولا ثم للمتلقي ثانيا فكنت بين هذا وذلك ممسكا مرة العصا من الوسط ومرات تهش بها هشا تميل مرة إلى نزعتك اليسارية ومرة تمارس سلطة الناقد الذي يتوخى الحرية المطلقة في مجال التعبير..

أجدني اليوم أنا المتتبع لتخريجاتك اتفق معك وأنت بدورك تعلن اتفاقك مع عاهل المغرب الذي منحته كما منحه ويمنحه كل عاقل 10/10 أجل كان جريئا، وفعالا، صمته كان لغة، واللغة لغات… أنا لن أتكلم عن الحكومة لا لشيء إلا أنها كانت ولا زالت صورية ومجرد بطاقة بريدية ليس إلا والمغاربة يعرفون هذا عامتهم وخاصتهم.. ولهذا لن أتكلم عن رئيس حكومتها كما قلت لم يكن دكتورا بقدر ما كان فقيها ليس إلا ولعل تخريجاته المهلهلة دالة على ما نقول ونعيشه اليوم والعالم يجتاز امتحانا عسيرا..

وبالمناسبة لا يسعنا إلا أن نقول شكرا لوزارات أبانت على علو كعبها عرفها المغاربة ومن الحشو أن نقول من تكون لأن وعي المغاربة أصبح اليوم وعيا حنكته التجارب السياسية أكثر من أي وقت مضى.. أما من كنا نسميها حكومة الظل هي التي وجدناها في الميدان وهي التي علمتنا أن تحت الركح لا بد من شخص أو أكثر بغية تصحيح ما قد يقع فيه الممثل من نسيان أو زيغ عن النص المسرحي الأصلي.. هي من كانت بجانب المواطن طوعا وكرهت، وهي من أرغمته في وقت التجاوزات على الاستجابة الوطنية سيما حين يطلق البعض العنان للعبثية.. فالشعب كما يعلم الجميع طبقات وأفكار ومستويات والانضباط يحتم الدولة أن ترعاه حين ترى خروجا عما اتفق عليه من اجل السهر على حياة المواطن..

عاهل البلاد كان بليغا في توجهاته وها أنت تؤكدها لأنك تعيش هناك كما تعيش هنا بحكم أنك إعلامي يمارس رسالة مقدسة.. اليوم تبين أن لا فرق بين دولة وأخرى متأخرة أو حتى من قيل ويقال عنها أنها في طريق النمو.. بل يخدر بنا اليوم ونحن نتتبع لحظة بلحظة تفاصيل ما يجري في العالم جرة وباء أتى على اليابس والأخضر وفضح أن ثمة مقاييس أخرى في ترابية هذه الدول كلها.. والحال أن واقعنا أجمل بكثير من الدول التي يحلو للبعض أن يسميها متقدمة بينما الواقع فضح المستور..

أجل قد لا نصل إليها ماديا لكن منطقيا وأخلاقيا وغيرة شتان بيننا وبيننا، فنحن قاومنا الوباء احترازيا بقلة ما نملك ما الماديات لأننا نملك العزيمة والاحتياط ولا نعلن التفاؤل إلا باستحضار التشاؤم حتى نطرز الواقع تطريزا غير مسبوق.. اتفق معك هناك من استهوته نشر الصور محاربا واقعا كان يتطلب منه عوض نشر الصور وهي مع الأسف مجتثة من البومات شتى قد تصل إلى عيب نشر بعض ما يستفز المريض نفسه، لكن العزاء الوحيد أنها كانت صادرة عن حسن نية وليس عن امتطاء صهوة التخفيف عن المواطن بطرق شتى وبأساليب لا يعدمها المواطن المغري وهي تواصلية طبعا.. فكما نكتب باللغة فيمكن أن نكتب بلغات أخرى رسما وأغاني كما فعل نعمان ونكتب غناء تحاور الوباء، وكل من ثقف فنا أو جنسيا أدبيا إلى جانب الوعاظ طبعا فنحن أساليب كما قال باسكال:
Le style c’est l’homme parce qu’on reconnaît un auteur à son style

نتمنى أن نودع ضيفا ثقيلا يتمثل في هذا الوباء ولا نجزم أننا سنودعه كما يبدو لي من قولك والحال أن الغيب لا يعلمه إلا الله وكذلك لا يمكن أن نبخس العلماء الذين يشتغلون في مختبراتهم ليس عبثا بل أملا في إنقاذ البشرية بكل تلاوينهم وتراتبياتهم وواقع الحال أن الجميع في حيص بيص..

ويبقى المغرب استثناء في امتحان عسير اعجز العالم، ولان أنحتنا الأقدار من هذا الامتحان علينا إعادة ترتيب بيتنا الكبير بل حتى الصغير ونعلم أن المادة بدون روحانيات تجعل الإنسان مجرد فظاعة في غياب من تخيف.. تحية لعاهل البلاد وتحية للمغرب قاطبة ولا يمكن نسيان أيا كان ناضل من قريب أو بعيد بالكثير أو القليل، وليعلم الغني انه لا نشئ أمام الفقير فهما معا خلقا من طين والمرجع إلى الطين.. وكل واحد منا سيودع الغالي والنفيس ولهذا ليس من الصعب أن نكون مثل أسنان المشط..

رسالة لمن اعتقد انه يملك طاقة أكثر من الآخر وإذا كان كذلك فما باله اليوم لا يخرج علينا ولو بكلمة واحدة يظهر انه منا والينا يجمعنا وطن واحد وسماء تظللنا واحدة، ويبقى في الأخير أننا رغم كل شيء أرحنا الطبيعة التي أنهكناها طويلا إلى درجة خرج فيها الحيوان مرتاحا من بطش البشر وبعيدا من الخوف…شكرا للتيجيني الذي استفزني بفيديو وما أجمله من استفزاز.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
بوحتى
المعلق(ة)
9 أبريل 2020 12:30

كلكم مستفزون حينما تبررون الاستبداد و استعراض العضلات بتبرير وباء كورونا.كلنا ضد جائحة كورونا و لكن الاجراءات مرفوقة باحترام كرامة الانسان و بدون لكن ….

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x