لماذا وإلى أين ؟

فصل السلطات في النظام الدستوري المغربي

مصطفى بنشريف*

يعتبر مبدأ الفصل بين السلطات، من المبادىء التي تأخذ به معظم الدساتير المعاصرة.

إن الدستور المغربي بدوره نص على هذه القاعدة، بحيث اكد في فقرته الثانية من الفصل الاول، على أن النظام الدستوري للمملكة يقوم على اساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادىء الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.

ويروم مبدأ الفصل بين السلطات، إلى توزيع وظائف الدولة: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وعدم النزوع إلى تجميعها في يد سلطة أو هيئة واحدة، لتفادي الاستئثار و  الاستبداد بالسلطة، مما يترتب على ذلك قيام أو الشرعنة لحالة السلطة المطلقة التي تتعارض مع المبادىء التي تقوم عليها الديمقراطية ،التي لا تحتمل وصاية سلطة على اخرى احتراما لمبدأ سيادة القانون.

وبناء عليه، ساتولى التطرق إلى مبدأ فصل السلطات من خلال ثلاث محاور، وهي:

1- نشأة مبدأ فصل السلطات؛

2- مبدأ فصل السلطات في النظام الدستوري المغربي؛

3- أزمة الفصل بين السلطات في النظام الدستوري المغربي

1- شأة مبدأ فصل السلط:

من المعلوم أن مبدأ الفصل بين  السلطات، تعود جذوره إلى فترة فلسفة الانوار في اوربا، ومن أبرز المفكرين الذين ترافعوا من أجل العمل بالمبدا، نجد جون لوك John Loke,   في كتابه ” الحكومة المدنية” الذي صدر في سنة  1690، حيث تطرق ولأول مرة إلى أنواع السلطات، التي قسمها إلى ثلاثة: السلطة التنفيذية، السلطة التشريعية والسلطة الاتحادية.

ويلاحظ، بأن جون لوك، أغفل إدراج السلطة القضائية ضمن مدارج مبدأ فصل السلطات . هذا الاغفال، سيتم تداركه وتصويبه، من طرف المفكر الفرنسي مونتسكيو Montesquieu ، في كتابه روح القوانين Esprit des lois، الصادر في سنة 1748 ، والذي يعتبر  إلى اليوم من أهم المصادر الفقهية المؤسسة لنظرية أو مبدأ فصل السلط، بحيث شدد مونتسكيو على عدم جواز تعدي سلطة على سلطة اخرى.

ومن جهة ثانية، سيتم العمل بمبدأ الفصل بين السلطات في الأنظمة الدستورية  لأول مرة في أوربا وأمريكا، بحيث سيتم التنصيص في دساتيرها على المبدأ المذكور الذي يندرج ضمن القواعد المتعلقة بتنظيم المؤسسات الدستورية للدولة وبيان وظائفها والعلاقات فيما  بينها، ما دام أن الدولة تتولى القيام بثلاث وظائف هي: الوظيفة التشريعية، والتنفيذية، والقضائية.

وحيث من المعلوم، أن الغاية من مؤسسات الدولة، هي خدمة الصالح العام أو المصلحة العامة، وجاء تبني مبدأ فصل السلط من أجل تفادي تجميع السلط أو الاستبداد بها أو تغول سلطة على اخرى، الأمر الذي يكشف بأن تطبيق المبدأ سيختلف من دولة لاخرى ومن نظام سياسي لآخر.

وهكذا، يشكل النظام الدستوري الأمريكي نموذجا متميزا لفهم مبدأ فصل السلط،  بحيث أن الدستور الامريكي ينص بشكل واضح على وجوب التقيد وبشكل صارم بمبدأ فصل السلطات ،وذلك من أجل تفادي ومنع تعدي سلطة على سلطة اخرى، وهو الأمر الذي نعاينه من خلال العلاقة بين مؤسسة الرئيس ومجلسي البرلمان: أي الكونغرس  ومجلس الشيوخ.

*محامي

يتبع في الحلقة المقبلة.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
9 أبريل 2020 23:46

موضوع بالغ الأهمية ننتظر التتمة

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x