لماذا وإلى أين ؟

وحدات صناعية وتجارية تتحول إلى بؤر وبائية خطيرة أمام غياب الحكومة والنقابات

في الوقت الذي كان يأمل فيه المغاربة الخروج من الحجر الصحي، بعدما لاحت مؤشرات نحو ذلك بتسجيل أعداد منخفضة، نسبيا، من الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا المستجد، مقارنة بما تسجله دول الجوار الأوربي وبلاد العم سام، خرجت وزارة الصحة لتعلن عن تسجيل بؤر جديدة بوحدات صناعية وتجارية تشغل الآلاف من العمال.

الإصابات بـ”كوفيد 19″، في صفوف عمال الوحدات الصناعية ومستخدمي المراكز التجارية انطلقت شرارتها من وحدة صناعية بطنجة قبل أن تنتقل إلى أخرى بالدار البيضاء تم مركزا تجاريا بفاس ونظيرا له بمراكش ليتطور الأمر إلى تسجيل حالة وفاة مستخدمة بسبب كورونا بوحدة لتصبير السمك بالعرائش، وهو ما ينذر بإطالة عمر أزمة الجائحة الوبائية في المغرب أكثر وتهديدها لفئات أوسع، نظرا لكثرة عدد هؤلاء العمال وانحدارهم من أوساط اجتماعية ومناطق سكنية تكون مكتظة بالساكنة في أغلب الأحيان، مما يرفع من عدد المخالطين المحتملين.

اجتياح كورونا المستجد للوحدات الصناعية والتجارية التي أصبح بعضها بؤر وبائية كما سبقت الإشارة إلى ذلك، تم تحث أنظار الحكومة وقطاعاتها المسؤولة عن تفعيل التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية المتخذة للحد من انتشار الوباء في المغرب، والذي (الوباء) فتك بأرواح مئات الآلاف عبر العالم، وعطل حركة البشرية عبر ربوع الكرة الأرضية. فرغم صرخات العديد من العمال والمستخدمين، واصلت مجموعة من الوحدات الصناعية عملها في ظروف لا يعلمها أحد، وذلك بعد فرضها تعتيما كبيرا على ما يجري بداخلها، ومعاقبتها لكل من سولت له نفسه اختلاس صورة تكشف الظروف التي وصفت بالمزرية لعمل المستخدمين أو كيفية نقلهم من مساكنهم إلى مقرات عملهم، وكل هذا تحت رعاية السلطات الحكومية التي لم تتدخل لفرض شروط محددة للعمل في القطاعات التي لا مفر من استمرارية أنشطتها في زمن كورونا، لتستمر الحياة.

المصالح الحكومية المغربية، ركزت مراقبتها وتفعيل الإجراءات المتخذة بالشوارع والأحياء الشعبية، في وقت تغافلت فيه تأطير تجمعات بشرية كبيرة بالمعامل والمراكز التجارية، ولم تكشف عما قامت به بهذا الخصوص، إن كانت قد قامت بشيء ما، وذلك على عكس حكومات أجنبية، مثل بلجيكا نموذجا، والتي فرضت، بشراكة مع النقابات، شروطا مشددة لمواصلة بعض الوحدات عملها، حيت ألزمتها بتمكين عمالها من أقصى درجات الوقاية والحماية، من قبيل التعقيم الكلي عند مدخل الوحدة الصناعية أو التجارية، وقياس درجات الحرارة بشكل دائم وإلزام العمال بتعقيم أيديهم كل مدة زمنية محددة، وارتدائهم للكمامات والأقنعة الواقية، والتزام المسافة الفاصلة المنصوح بها طبيا..، إلى غير ذلك من الإجراءات الأخرى التي مكنت إلى حد الآن من تجنيب تحول وحدات صناعية وتجارية إلى بؤر وبائية.

في المغرب، سارعت النقابات إلى الترخيص للحكومة والباطرونا بالاقتطاع من أجور الموظفين، وتخفيض رواتب المستخدمين وتوقيف من شاءت منهم بدون رقيب أو حسيب، بحجة أزمة كورونا، في وقت لم تكلف فيه نفسها إلزام الحكومة بإجبار أصحاب الوحدات الصناعية والتجارية على توفير شروط الحماية من انتشار العدوى وانتقالها، حيت تداول العديد من رواد شبكات التواصل الاجتماعي أشرطة مصورة تُظهر الكيفية التي يتم بها نقل العمال مكدسين في حافلات أمام أعين السلطات، وأخرى نقلت استغاثة مستخدمين ومستخدمات وصرخاتهم من أجل توفير الحماية لهم، وتأكيد بعضهم أنهم أجبروا على العمل في هذه الظروف وخيروا بين القبول بها أو الطرد، وهو ما أوصل المغرب إلى وضعية خطيرة بعد تسجيل بؤر وبائية صناعية وتجارية.

المسؤولية القانونية والأخلاقية عن تسجيل هذه البؤر الوبائية الصناعية والتجارية تتحملها بدرجة أولى الحكومة وسلطاتها المعنية، لكونها هي من تتحمل مسؤولية إنفاذ القانون، وهي من يدبر جائحة كورونا ويصدر القرارات والمراسيم، وهي من تحلل وتحرم ما يجوز وما لا يجوز من تحركات وتنقلات للمغاربة والأنشطة التي يجب استمرارها، والشروط الواجب تطبيقها بها.

فيما يتحملها بدرجة ثانية المركزيات النقابية، والأحزاب السياسية، التي ظلت صامتة على هذا الوضع بحجة المصلحة العليا، ولم تقم بدورها، الذي بموجبه تتلقى دعما عموميا، وهو الدفاع عن حقوق ومصالح العمال، وأوله الحق في الحياة.

كذلك يتحمل المسؤولية في ما نتحدث عنه، عدد من أرباب للعمل وأصحاب هذه الوحدات، الذين لم يروا إلا ما قد يخسرونه من رأسمالهم المادي دون مبالاة للرأسمال البشري، وذلك بمواصلتهم للعمل دون توفير الحماية اللازمة لتفادي انتقال العدوي بين العمال، أو نهج برمجة زمنية تخفف من الاكتظاظ داخل وحداتهم لحماية عمالهم ووطنهم.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
المغربي الوطني
المعلق(ة)
18 أبريل 2020 21:43

من المسؤول عن هادالزمر من هن الدي لا يعرف تدبير الامور الخطيرة وسدوا الومر باركا من التهاون هادشي راه بزاف نشكر في انفسنا نحن السبايقين ليس متلنا احد الدول الاخرى تنوه الان اين التنويه حسبوها كل عامل في اسرة وكل فرد من اسرة يشتغل في مصنع او دهب الى السوق وحسبها يقول المتل اللهم قفلتي لا فورتي

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x