لماذا وإلى أين ؟

دفاعا عن رفيق بوبكر أو لا تقربوا الفيسبوك وأنتم سكارى

أرجو من القارئ العزيز أن يكمل هذه السطور المتواضعة قبل أن يحكم على قضية الممثل المغربي رفيق بوبكر الذي جرى توقيفه على إثر انتشار فيديو ظهر فيه وهو يتحدث بلغة وُصِفت بالبذيئة عن رموز عقيدة الإسلام التي يدين بها أغلب المغاربة.

فشخصيا، ورغم أنني أعلم أن الأمر محفوف بالمخاطر، متأكد أن الحملة التي شُنت ضد رفيق بوبكر مبالغ فيها إلى حد بعيد وكان من الممكن تجاوزها بأقل الخسائر والأضرار دون إثارة كل تلك الضجة التي تابعناها على مواقع التواصل الاجتماعي من طرف مختلف فئات الشعب المغربي، الذي غلبت عاطفته عقلانيته في تحليل الأمور، لذلك فأنا أتضامن مع رفيق بوبكر للأسباب التالية:

– الاعتراف سيد الأدلة؛ هي قاعدة قانونية يعتد بها لدى القاضي لاصدار حكم معين في جريمة أو جنحة على اختلافها، وفي قضية هذا الرجل، فقد اعترف بكونه كان مخمورا أثناء حديثه في شريط الفيديو، وبالتالي فإن ما تلفظ به لا يمكن اعتباره منطقيا بتاتا بعد أن انتفت على المعني بالأمر صفة “العقل” فهو في تلك الحالة كـ”الاحمق” الذي لا يزن ما يقوله ولا يفطن إلى عواقب كلماته، وغالبا ما يقول المخمور أشياء قد يكون غير مؤمن بها وأحيانا العكس، لأنه بطبيعة الحال يوجد تحت تأثير مادة مُسكرة.

– العلانية؛ ينتفي هذا العامل المهم في حالة بوبكر بحكم أن الفيديو كان خلال جلسة خمرية بين الأصدقاء، وبحسب ما استقيته من مصادر مقربة، فإن الشريط تم تصويره بهاتف أحد المتواجدين هناك، قبل نشره على مجموعة فيسبوكية مغلقة ليلتقطه أحد المتربصين ويعيد تحميله ونشره خارج المجموعة المذكورة، وهنا وجب التركيز على أن الممثل المغربي، لم تكن له أية نية لنشر فحوى كلامه أمام عموم المواطنين من أجل “المس واستفزاز مشاعرهم”.

– المغاربة والسكايري؛ لا أعتقد أن هناك مواطنا مغربيا لم ير في حياته شخصا سكرانا يترنح في الشارع معربدا أمام المارة وأحيانا يسب بكلام بذيء كل من هب ودب، بل كثيرا ما نسمع سب المقدسات من طرف هذا الشخص الذي ذهب عقله بفعل الخمر، وتكون العبارة التي يقولها المغاربة عادة هي “ماتديوش عليه راه سكران”، أي أن كلامه لا يُعتد به لأنه مخمور وغائب عن الوعي، وحتى في الاسلام فعقوبة السكران تكون مخففة مقارنة مع نظيرتها في حق مُقترف الجُرم وهو في حالة طبيعية. ولو تم التعامل مع بوبكر بعبارة “ماتديش عليه راه سكران” لتم تفادي كل هذه القلاقل.

– المغاربة والسخرية من الطابوهات؛ هي من الأمور المعروفة لدى المجتمع المغريي، بحيث لا يمرُّ جمعٌ بين الأصدقاء أو العائلة والأحبة، إلا ويتم فيه التفكه والسخرية من الجنس والسياسة والدين، وهذا الأخير له نصيب من كبير من التنكيت، إذ يكون الفقيه أو الإمام بطلا للعديد من النكت والمستملحات المغربية التي تنشر البهجة، وهذا ليس حقدا على دور الإمام في عقيدة المسلمين وإنما هو فقط نوع من محاولة اختراق هذا الطابو “المحظور”، ولا أعتقد أن عزيمة أئمة المساجد قد انطفأت بنكت العباد، بل إن بعض الفقهاء والدعاة ورجال الدين كثيرا ما نسمعهم أيضا يتفكهون ويسخرون من بعضهم البعض لكن بطريقة تدخل القلب، وبالتالي فرفيق بوبكر مثل جميع المغاربة الذين يثورون على الطابوهات من أجل خلق جو الدعابة.

– زعزعة العقيدة واستفزاز المقدسات؛ هي من الأمور التي لا يستسيغها عقلي شخصيا، فكيف يعقل أن رفيق بوبكر الذي لا يمثل مقدار ذرة في هذا الكون، أن يزعزع عقيدة الاسلام التي عمرها 14 قرنا وكيف يعقل لهذا الشخص أن ينزع الإيمان من قلوب ملايير البشر، وهل قدم الأئمة استقالاتهم بسبب الفيديو، وهل توقف الإسلام عن الإنتشار بسبب بوبكر؟ وهل توقفت المآذن عن رفع الأذان خمس مرات في اليوم؟ وهل اختفى القرآن من الوجود بعد انتشار الفيديو؟ طبعا لا لأن معنى الإيمان والعقيدة مكانه القلب وليس الفيسبوك وبالتالي فلن تستطيع قوة زعزعته مهما حصل، وبذلك فمن يقول بأن بوبكر قد زعزع عقيدته فمن المؤكد أن إيمانه ضعيف حتى لا أقول شيئا آخر.

– السكيرج وبوبكر؛ تبادرت إلى ذهني قضية الممثل المغربي الكبير البشير السكيرج التي يعرفها جل المغاربة، فهذا الرجل لم يكن مخمورا، ولكنه تلفظ بأمور أخطر مما قاله بوبكر، ولكن هل تم اعتقال السكيرج؟ طبعا لا. ربما والأرجح أن الجهات المعنية ارتأت عدم التفاعل مع ما قاله لكونه رجل متقدم في السن ويعاني من أمراض مزمنة تلازمه الفراش بين الفينة والأخرى، وبالتالي فلا طائل من اعتقاله أو محاكمته أو حتى الانتباه لما قاله، رغم أن ذلك كما أسلفت الذكر، له عواقب أشد خطورة من كلام بطل فيلم “القسم8”.

– بوبكر وتجار الدين؛ شخصيا أرى أن ما يفعله تجار الدين كل يوم في مجتمعنا هو أمر ينثر السم بين المواطنين، فبعضهم يستغل آية أو حديثا لكي يتقلد منصبا ويفوز في الانتخابات والبعض الآخر يُكفِّر ويهدر دم من عارضه الرأي دون حسيب ولا رقيب، وآخرون يجمعون الثروات باسم الدين في حين يضحكون على العباد بفتاوى خبيثة تناقض الوسطية والاعتدال، ورفيق بوبكر ليس من هذا الصنف ولا من ذاك، بل كان في العديد من المناسبات يدعو إلى حرية الاعتقاد ونبذ العنف والتطرف ويدعو أيضا إلى نشر السلام والحب، وهي نقطة جعلته محبوبا لدى عدد من المغاربة خاصة وأنه يتحدث بصراحة كلما تما سؤاله عن أمر معين، خاصة في السياسة وبعض المواضيع المثارة مجتمعيا.

– اللي غلب يعف؛ رفيق بوبكر سارع بعد ان استفاق في صبيحة اليوم الموالي لانتشار الفيديو، إلى الاعتراف بكونه كان مخمورا غائبا عن الوعي، بل طلب الصفح من المغاربة كافة مؤكدا على أن دينه هو الاسلام وأنه إنسان مؤمن، والاعتذار كما يقال هو من شيم الكبار، وهذا أمر كافٍ أيضا لتجاوز “خطيئة” بوبكر وعدم الرمي بها في منعطف أكثر توترا قد يعصف بمستقبله المهني وبحياته العائلية.

وفي الأخير، أوجه نصيحة صغيرة لبوبكر، ولجميع سكارى المغرب، الذين يعيشون وسط مجتمع تتحكم في مشاعره مواقع التواصل الاجتماعي، وهي (النصيحة) :”لا تقربوا الفيسبوك وأنتم سكارى”.

 

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

17 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
علي
المعلق(ة)
30 مايو 2020 00:45

البعض لا يغار على حقوقه وشرفه ولكنه يعوض ذلك بالمبالغة الغير المفهومة في الدفاع عن الدين رغم أن الدين ليس في حاجة لمن يدافع عنه.
في مثل هاته المواضيع فإنه الخلفية الحقيقية التي تحكمت في الكثير هي العداء للفن والفنانين، ولو أصغينا جديا لسمعنا في الأزقة يوميا سب الدين والرب دون أن يتحرك أمثال المهاجمين على الفنان رفيق.
مثال آخر هو أن لن تجد نفس المهاجمين يتكلمون عندما يتعلق الأمر باستغلال الدين لأغراض دنيئة كالإستغلال الجنسي من بعض الرقاة ورجال الدين.
الخلاصة أن تيار الإسلام السياسي والمسترزقين بالدين ومنهم خاصة الرقاة الدجالين هم من يقف ويؤطر مثل هاته الهجومات لأنهم من أجل الدعاية والقيام بحملات انتخابية بالفن.
فالدين قوي ولا يتأثر بمن يهاجمه، وإلا فهي مصيبة حقيقية.
بالنسبة للأستاذ عصيد فانطلاقا من مقارنة فقد تبين لي أن السبب الرئيسي لبعض المواقف السلبية ضده ترجع لكونه يدافع عن الأمازيغية فضلا عن كونه يوجه ضربات موجهة لتيار الإسلام السياسي.

عثمان الفنان
المعلق(ة)
28 مايو 2020 21:50

الله يعفو على العباد

Moha
المعلق(ة)
28 مايو 2020 11:28

الدواعش لا يؤمنون بحرية التعبير لكن يؤمنون بشيء واحد الوصول عن طريق صناديق الاقتراع للاانقلاب على الديموقراطية

هبل
المعلق(ة)
الرد على  Mourad
28 مايو 2020 10:13

من حقها ان تستهزء به،ليس هناك اي قانون يمنعها مادام ان صلعم هو شخصية تاريخية غير مقدسة

Abdelilah
المعلق(ة)
28 مايو 2020 09:13

نفس الحكم الدي طبق على المدعو بوبكر (لا يستحق هدا الاسم) وجب على صاحب هدا المقال أيضا

محمد
المعلق(ة)
28 مايو 2020 07:44

المنافقون الجدد

زكريا الحييب
المعلق(ة)
28 مايو 2020 06:48

تتمة…..”أنا مقموع إذن أقمع الآخر” باش نبرد غدايدي حتى أنا وتغطي على ضعفي

مراد
المعلق(ة)
28 مايو 2020 06:47

لو كنت قاضيا وكنت انت وكيل بوبكر وتقدمت بهذه “الحجج” السخيفة والواهية لأمرت باعتقالك كونك تزدري عقول شعب برمته وتدافع عن باطل منكر وانت عارف بذلك .
لعل فعلته هذه ستساعد في سطوع نجوميته !!!!؟؟؟؟

زكريا الحييب
المعلق(ة)
28 مايو 2020 06:43

كلام في الصميم وموقف شجاع للدفاع على رفيق بوبكر في محنته مع هذه الهجمة الشرسة من طرف من يعتقدون أنفسهم أوصياء على الدين يسبون ويشتمون ويكفرون من تكلم عن أمور الدين بطريقة نقدية أو على سبيل الدعابة.هذا الهجوم الهيستري المبالغ فيه ناجم عن القمع الذي تغلغل في نفوس الكثير وأصبح عملة متداولة “أنا مقموع إذن

لمغاربة متكونوش دراري
المعلق(ة)
28 مايو 2020 06:31

لعباد الله وراه السيد قرأ حتى شبع وعايش عيشة ديال عساس وكيف بغيتيوه يكون وراه باين الزمان هالكو بلا متزيدوه وحتى لمغاربة كنقدوا على الدرويش ويلا دارها شي مجهد كنوليوا قطوط والي غلب يغف وهو ممثل عطنا بزاف ودخل للهجة لظيورنا فكونوا انسانيين

محمد الريفي
المعلق(ة)
28 مايو 2020 06:31

J’invite toute personne souhaitant régler ces comptes avec qui que se soit d’avaler un maximum d’alcool vu que l’état d’ébriété, et de reconnaitre les faits, est un “alibi” considérable en cas de poursuite judiciaire !

زكرياء ناصري
المعلق(ة)
28 مايو 2020 05:14

إضافة إلى ما ورد في حيثيات هذا الرأي ،فقد تمّ تصوير رفيق دون علمه ،وتَمَّ النشر دون رغبة أو علم منه كذلك،وعليه ألاَ يدخل هذا في باب المعطيات الشخصية التي يحميها القانون ؟! ومهما يكن فإنّ اعتذار رفيق وكريمته كاف لنحافظ له على عزة نفسه وكرامته بتجاوزنا عن زلته عملا بمبدإ :العفو عند المقدرة

بلحاج
المعلق(ة)
الرد على  Mourad
28 مايو 2020 03:56

المغاربة ليسوا في حاحة لتحليلاتك وقفزاتك المكشوفة
الرجل اعتذر بل وحسب ما نشر من أخبار ثاب عن شرب الخمر ورب ضرة نافعة والله يحب الثوابين اذن وفر فدلكة كلامك لنفسك

سعيد السلاوي
المعلق(ة)
28 مايو 2020 02:37

السي بلمصطفى كلامك جميل ورأيك يحترم . لكن سوف أعقب على كلامك كالتالي :
* نعم رفيق بوبكر كان مخمورا ( هذا شغلو بينه وبين خالقه ) ولكن هناك تناقض كبير فيما يخص تصريحه بأنه ” مسلم أبا عن جد ” ، بل الأكثر من هذا فإن زوجته وشقيقة زوجته وأحد أصدقائه يدافعون عنه ويقولون بأنه كان خلال رمضان يصلي ويقوم الليل أي أنه كان يصلي الفجر ويقرأ القرآن وهو مسكين راه ” مبلي ” . إوى اسمح لي السي بلمصطفى المسلم راه مسلم فرمضان وبلا رمضان . الدين كل لا يتجزأ . لا يمكن أن تصلي غير فرمضان وبعد رمضان ترجع لعاداتك السيئة ومنها السكر . وهذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها رفيق بوبكر بهذا الشكل بل هو صرح مرة وبثقة زائدة في النفس بأنه يلبي كل دعوات السكر .
* لماذا الاستهزاء بالدين وليس بشيء آخر وهو يعلم جيدا حساسية الدين عند المغاربة ؟ وبالمناسبة فالإسلام ليس دين غالبية المغاربة كما ذكرت في كلامك ، الإسلام دين الدولة المغربية أحب من أحب وكره من كره . الإسلام أكبر من كل من تسول له نفسه المساس به . الإسلام لا زال صامدا منذ 14 قرنا والغريب في الأمر أنه في الوقت الذي يعلن فيه مجموعة من الناس في أوروبا وأمريكا وآسيا وغيرها من بلدان العالم اعتناق الإسلام ، كاينين شي خوتنا فهاد البلاد يروجون لخطاب حرية المعتقد والحرية الفردية ومنها إفطار رمضان علانية والمثلية الجنسية وزيد وزيد . يا أخي اللي بغا يدير شي حاجة الله يعاونو راه لا إكراه في الدين ولكن احترم مشاعر الآخرين ، بغيتي تاكل فرمضان الله يعاونك ولكن ادخل لدارك وكول حتى تشبع ، ويلى كنتي مثلي دير نفس الشيء وراه عندنا فالدين وإذا ابتليتم فاستتروا .
* فيما يخص نصيحتك الأخيرة لرفيق بوبكر ولجميع السكايرية ديال المغرب بأن لا يقتربوامن الفايسبوك وهم سكارى ، ونعم النصيحة السي بلمصطفى ، هذا ما قدرك الله عليه ، أنت عبرت عن تخوفك على المستقبل المهني والأسري لرفيق بوبكر وفي نفس الوقت تطلب منه أن يبتعد عن الفايسبوك عند يكون مخمورا . سبحان الله ونصيحة هدي وأنا أقول لك إن لم تستح فقل ما شئت ، انتهى الكلام .

يونس
المعلق(ة)
28 مايو 2020 01:47

السلام عليكم
النصيحة المفيدة هي أن المغرب في مرحلة مصيرية تحتاج نساء و رجال أحرار و مسؤولين للنهوض بهذا البلد العزيز و ليس إلى ضعاف النفوس و مسلوبي الإرادة و شكرا.

محمد عزيز
المعلق(ة)
28 مايو 2020 01:08

السي المحلل تحليلك غير عقلاني. واش السكران إلا قتل أو سرق هنقولو راه مكانش فالوعي ديالو و نطلقوه؟ و مضربوهش على يدو باش يسكر؛ خاسو يتحمل العواقب ديال الأفعال ديالو باش ياخد العبرة؛ هو ممثل مزيان و مثقف مبغناش نشوفوه فهاد الحالة.

Mourad
المعلق(ة)
28 مايو 2020 00:18

واخا،واش تقول لينا على شبه الاستاذة اللي استهزءات برسول الله صلى الله عليه و سلم ا سي المحلل العبقري?

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

17
0
أضف تعليقكx
()
x