لماذا وإلى أين ؟

بلاغ السماح للمقاهي والمطاعم باستئناف أنشطتهم يفضح تخبط الحكومة

مع بداية تفشي فيروس كورونا بالمغرب تم اتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير الاحترازية التي صفق لها الجميع، ونالت عليها الحكومة ثناء الأغلبية والمعارضة من الأحزاب والنقابات والجمعيات. لكن ما إن بدأ المغاربة يستفيقون من دهشة رهاب كورونا وبدأوا يتعايشون مع الأمر حتى اتضحت لهم الصورة الحقيقية للتدابير العشوائية والقرارات الارتجالية الأخيرة التي صدمت بها الحكومة المغاربة وتقبلوها على مضض تفضيلا للمصلحة العليا للمملكة تطبيقا لمقولة مصلحة الشعب فوق أي اعتبار.

النقطة التي أفاضت الكأس، وفضحت زيف شعارات الحكومة حول ما سمي بـ”التدبير العقلاني والرزين، والإجراءات المنتظمة المواكبة لما يتخذ من قرارات”، وأظهر ارتباكا حكوميا عرى عيوب أعضائها وفي مقدمتهم رئيسها، هي بلاغ لوزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، الذي أكد على أنه “بإمكان أرباب المقاهي والمطاعم استئناف أنشطتهم الخدماتية ابتداء من يوم غد الجمعة شريطة الاقتصار على تسليم الطلبات المحمولة وخدمات التوصيل إلى الزبناء”.

القرار الذي نزل من فوق ودونما أية استشارة مع المعنيين بالأمر، زاد الغموض غموضا، ووضع الفاعلين في هذا القطاع في حيرة من أمرهم، إذ لم يحدد لهم المجال الزمني لاشتغالهم، وما إن كانوا سيستمروا بعد الساعة الخامسة أم سيشملهم قرار الإغلاق كغيرهم من المحلات والمتاجر لتكتفي المطاعم بتسليم وجبة الغداء فقط دون وجبة العشاء بسبب الحضر الليلي. أسئلة وغيرها دفعت بعض أصحاب المقاهي إلى التردد في العدة لاستئناف نشاطهم نظرا لما ينتظرهم من خسارة سببها قرار الحكومة الغامض.

فكيف يمكن لعاقل أن يطلب من صاحب مطعم أو مقهى أن يستأنف عمله بعد أقل من 6 ساعات على موعد سريان القرار المتخذ؟ كيف سيتمكن صاحب هذه المقهى او المطعم من تنظيفها وترتيب معداتها واقتناء ما يلزم من أجل استئناف نشاطه في وقت صدر فيه القرار والمحلات التجارية مغلقة.

وكيف سيتمكن المستخدم بهذا المطعم أو النادل بتلك المقهى من العودة إلى مقر عمله من مدينته التي تبعد عنها عدة كلومترات والحكومة ما زالت تعلق حركة النقل بين المدن.

القرار ليس وحده من فضح ارتباك الحكومة وارتجاليتها، فقبله قرارات أخرى ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، قرار فرض الكمامات المنصوص عليه وعلى عقوبته بنص قانوني صدر ليلا ليطبق صباحا في وقت لم تكن فيه الكمامات متواجدة بالسوق؟؟

قرار أخر مرتبط بإغلاق المطاعم والمقاهي وبعض المحلات التجارية الأخرى، الذي صدر ونفذ في بضع ساعات، دونما مراعاة لما قد يترتب عن ذلك من خسائر آنية لسلع قد يكون صاحب المحل اقتناها لتوه، ودونما إعطائه وقت مناسب لبيعها والاستعداد للإغلاق وتسوية مستحقات مستخدميه وما إلى ذلك.

الارتباك والارتجالية كانا السيمة التي ميزت تصريحات المسؤولين الحكوميين وعلى رأسهم سعد الدين العماني، الذي ظهر كأنه دخيل على حكومة يرأسها وهو يخبر المغاربة بتمديد حالة الطوارئ للمرة الثالثة، حيت غابت عنه المعلومة حول ما سيتخذ من إجراءات مواكبة لهذا التمديد، والجدولة الزمنية لتنفيذها، وكيفية الخروج من الحجر، ومواعيد استئناف بعض القطاعات لنشاطها، من مصانع ومقاولات بأنواعها وقطاع الخدمات والقطارات والحافلات و…، وعندما يغيب الترتيب والجدولة المسبقة تحضر الارتجالية والارتباك ويحضر معها السخط الشعبي العارم عما تتسبب فيه هذه القرارات من اضطرابات نفسية وخسائر مادية.

فهل سيستوعب المغاربة الدرس ويعوا بأنه آن الأوان لاقتحام الحياة السياسية حتى لا يتركوا المجال لأبطال الإرتجالية؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

11 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
بوكريم
المعلق(ة)
31 مايو 2020 09:20

استفادة المقاهي والمطاعم من دعم نعم لكن الصغيرة والمتوسطة فقط. أما مقاهي 400 مليون فما فوق فهذه عليها ان تتحول إلى شركات مسيرة بشكل عصري حتى لا تبقى ثقبا أسود

امحمد
المعلق(ة)
الرد على  باسو
30 مايو 2020 07:47

مقال في محله كان أجمل أكثر لو أضاف الحديث عن ما يسمى المساندة لأصحاب الرميد والقطاع الغير المهيكل

Amnay☆From☆Spokane
المعلق(ة)
30 مايو 2020 05:44

هذا دليل اخر على ان القرارات تتخذ في مكان آخرو مفروضة فرضا لأنه مستحيل شخص عاقل يتخذ قرار كهذا دونما التفكيرفي تبعات قرارته.

باسو
المعلق(ة)
الرد على  tangeroi
29 مايو 2020 18:59

صاحب التعليق الأول لا علاقة بالموضوع.

كيف يعقل أن المقاهي تفتتح فقط لطلبات التوصيل ؟ هل المغاربة يأخذون القهوة في كؤوس بلاستيك و
يذهبوا لمنازلهم ؟ كل المقاهي توجد في أحياء شعبية،الناس تريد الجلوس،إذن لا فائدة من الإفتتاح !
يضحكون على الدقون !
أما بالنسبة للمطاعم،فذلك غير مجدي تماما في الظروف الحالية،مصاريف دون فائدة لأربابها.

مواطن حر
المعلق(ة)
29 مايو 2020 17:45

ملاحظه واضحة و هي :
وزارة و الصناعة و التجارة… ااتي امرت او اجازت غتح اامقاهي و المطاعم ..بهذه الطريقة لعدة اسباب و هي :
– من اجل الا يتسببوا اصحاب المقاهي و المطاعم بان محلاتهم مغلقة و بالتالي الا يؤدوا الواجبات من ضرائب و..و.. اذا الدولة ارادت سد الباب بهذا السبب
– من اجل يد الباب لجميع الطلبات المتعلقة ب800 و 1000 و 1200 المتعلقة بضحايا المهنة .. و بالتالي سد اللاب امام طالبي هذه التعويضات …لانها حسبها لم يبق لهم اي سبب للمطالبة بها
اذا الدولة بهذا الاجراء ارادت ضرب عصفورين بحجر واحد…هههههههو اافاهميفهم

حسين
المعلق(ة)
الرد على  طارق
29 مايو 2020 17:04

مجرد خطة أصحاب المقاهي والمطاعم غارقين في مستحقات الكراء والماء والكهرباء وووو وهوما نزلوا ديريكت فعز الأزمة قالك اسيدي تسوية وضعية العمال وغدا بداو الخدمة باش اتهربو من التعويض ويتهناو دغيا بأكثر ما يمكن من القطاعات

محمد
المعلق(ة)
29 مايو 2020 15:36

أولا حكمة الملك محمد السادس لأتت الجائحة على الأخضر و اليابس

طارق
المعلق(ة)
29 مايو 2020 14:56

ما فاتحينش!!!
قالك فتح غير لومبورطي
نبيع حتى نعيا من 9 الصباح حتى 5 العشية باش ندخل 300 درهم فالروسيطة
شنو غا نعمل بيها
واش نخلص بيها الخدامة، الماء الضو، الضرائب، الجبايات، الويفي، cnss و نصرف بيها على وليداتي ووووو….. !!!
شكون يعطيني للحل الله يجزيكم بيخير

مواطن حر
المعلق(ة)
29 مايو 2020 14:48

تعقيب
الى السيد كريم صاحب التعليق الاول
سؤال واحد هو :
ما علاقة الموضوع مع تحليلك او تعليقك ؟
؟؟؟؟؟!!!!!!
الموضوع في كفة و تعليقك في كفة اخرى
و لك منى كامل الاحترام

tangeroi
المعلق(ة)
29 مايو 2020 14:12

اريد فقط الجواب علا الأسئلة التي في المقال؟؟؟

كريم
المعلق(ة)
29 مايو 2020 13:13

انا لا اتفق نهائيا مع صاحب المقال لعدة اسباب من بينها ان المغرب لم يسبق له ان تعامل مع اي فيروس مشابه لكرونا من قبل لكي يأخد الخبرة كذ لك المغرب ليس افضل اقتصاديا من اسبانيا وايطاليا وامريكا التي انهارت و انغلبت امام هذا الفيروس الفتاك ثالثا العلماء لا زالوا يدرسون سلوك الفيروس ولم يعلموا منه الا القليل رابعا منظمة الصحة العالمية هي بدورها مرتبكة مرة تقول الكلوروكين جيد ومرة اخرى تقول بدون جدوى.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

11
0
أضف تعليقكx
()
x