لماذا وإلى أين ؟

هل أحرجت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مكونات الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان؟

آشكاين من الرباط

تسود حالة من الاحتقان الشديد داخل العديد من مكونات الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، بسبب ما وصفته هذه الأخيرة بحالة “الإحراج الكبير” الذي تسببت فيه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لباقي الفعاليات والهيئات الحقوقية الممثلة داخل الائتلاف.

وقد أبدت الهياكل الداخلية للعديد من فعاليات الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان امتعاضها الشديد مما اعتبرته ” انفراد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمبادرة وضع مسودة مشروع بيان تضامني مع منظمة العفو الدولية ضد السلطات العمومية المغربية، وانفرادها أيضا بالاجتماع مع ممثلي هذه المنظمة بشكل منعزل ومستقل عن باقي مكونات الائتلاف”.

وتخيّم حاليا موجة من الاستياء العارم والغضب الصامت في صفوف العديد من التنظيمات الداخلية المكونة للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، التي لم تتقبل ما اعتبرته نزعات”التشرذم في اتخاذ القرارات الحقوقية”، وهو ما ينذر بإمكانية انتقال هذا الغضب الصامت إلى النقاش العمومي وإلى وسائط الاتصال الجماهيري، إيذانا بنشوب سجال حقوقي وتراشق بالاتهامات، يحاكيان التصدع الذي اندلع بين فعاليات الائتلاف في أعقاب قضية سليمان الريسوني.

بيان مشترك.. واجتماعات منعزلة.

تُعزى حالة الاستياء التي تسود حاليا الهياكل الداخلية للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان إلى إقدام الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، باعتبارها عضوا في الائتلاف، إلى اقتراح مسودة بيان تضامني مع منظمة العفو الدولية في مواجهة الحكومة المغربية، محملة هذه الأخيرة ما اعتبرته “الانخراط في حملة دعائية تشهيرية ضد أمنستي” ومنزهة هذه المنظمة البريطانية عن الخطأ أو الاستهداف الممنهج للدولة المغربية، وأكثر من ذلك، جازمة بتورط المغرب في استعمال برمجيات إسرائيلية للتجسس والاختراق!!
لكن مصدر الاستياء والتذمر لم يكن وليد انفراد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإعداد مسودة المشروع التضامني. بل على النقيض من ذلك، فقد عبرت مجموعة من مكونات الائتلاف عن ترحيبها بالفكرة، مشترطة الاستماع أولا لممثلي منظمة أمنستي لتكوين فكرة شاملة عن الملف، والاطلاع على الأدلة العلمية التي اعتمدت عليها لاتهام السلطات المغربية، في حين طالب البعض الآخر من هيئات الائتلاف الاستماع معا لمنظمة أمنستي وللحكومة المغربية قبل المبادرة بإصدار أي بيان تضامني.

وقد استقر رأي دهاقنة الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان على الاجتماع مع منظمة أمنستي مساء أمس الأربعاء، بمقر هذه الأخيرة بحي أكدال بالرباط، وذلك لتشكيل موقف موضوعي من قضية الاختراق المفترض للهاتف الخلوي لعمر الراضي. لكن المفاجأة كانت كبيرة، ومصحوبة بخيبة أمل عريضة، عندما فاجأت خديجة الرياضي باقي زملاءها في الائتلاف بخبر مؤداه أن “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عقدت اجتماعها مع أمنستي بشكل مستقل، وبمعزل عن باقي مكونات الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان”.

وقد خلف هذا الاجتماع المنفرد والمنعزل حالة من التذمر لدى باقي التنظيمات الحقوقية المكونة للائتلاف، إذ تساءل العديد منهم “كيف أن الائتلاف تبنى مبدئيا مسودة بيان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ودعا لاجتماع مشترك مع أمنستي، بيد أن الجمعية استقلت بموقفها وخرجت عن الإجماع الحقوقي داخل الائتلاف؟” أما البعض الآخر فقد اعتبر موقف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بأنه ” استفراد بالقرار ضدا عن الإجماع المفترض في مكونات الائتلاف المغربي لحقوق الإنسان، بل إنه نوع من الوصاية والحجر على باقي الهيئات والمنظمات الحقوقية الأخرى”.

ولم تستبعد بعض الفعاليات الحقوقية أن يدفع هذا الموقف “المتفرد” للجمعية المغربية لحقوق الإنسان باقي أعضاء وتشكيلات الائتلاف إلى إعادة النظر في التعاطي مع بيانات الجمعية، بل إن منهم من رفض استكمال مسلسل التشاور حول بيانها التضامني مع منظمة أمنستي، مستنكرا ” كيف يمكن للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن تطرح بيانها للنقاش الجماعي في محاولة لتذييله بتوقيع الائتلاف، بينما هي تعقد جلساتها بشكل مستقل وسري مع أمنستي؟ ألا تلوك الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الثوم والشوك بفم الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان؟ تساءل المصدر الحقوقي المذكور.

الثقة في إسرائيل.. وافتراض الإدانة في المغرب

وليس الانفراد في التنسيق مع أمنستي، والخروج عن الاصطفاف الحقوقي الوطني، هما المصدر الوحيد لحالة الغليان والاحتقان التي تسود داخل هياكل الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان. بل إن الثقة العمياء التي تسدلها منظمة أمنستي، ومعها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، على تصريحات الشركة الإسرائيلية NSO، شكلت هي الأخرى نقطة خلافية كبيرة بين أعضاء ومكونات الائتلاف. فالعديد من الأعضاء لم يتقبل كيف تثق منظمة أمنستي، بشكل أعمى، في تصريحات الشركة الإسرائيلية التي تدعي أنها لا تبيع برمجيات التجسس إلا للدول والحكومات، وتعتمد عليها لافتراض شبهة الإدانة في المغرب!

فالشركة الإسرائيلية هي مقاولة ربحية، يؤكد أحد أعضاء الائتلاف، ويمكنها أن تبيع برمجياتها وحلولها المعلوماتية للدول ولغيرها، لأنها لا تروم سوى الربح الصافي وليس لها ميثاق أخلاقيات يحدد طبيعة الزبائن وانتماءاتهم وخلفياتهم. أكثر من ذلك، يتساءل نفس المصدر الحقوقي: كيف نثق في شركة إسرائيلية ونفترض الإدانة في المغرب؟ اللهم إلا إذا كانت هناك خلفيات تعلمها أمنستي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان ولا يدركها باقي مكونات الائتلاف.

أيضا، شكل موضوع “الأدلة العلمية” التي تؤكد مزاعم الاختراق المعلوماتي المفترض للهاتف الخلوي لعمر الراضي، هو الآخر، محل نقاش بين منظمة أمنستي ومكونات الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان. وهو النقاش الذي لم يساهم في وضع حد نهائي لحالة الغموض المرتبطة بهذه القضية، وذلك بعدما اقتصر ممثل أمنستي على استعراض ما جاء في تقرير المنظمة المنشور في 22 يونيو المنصرم، دون أية إضافات علمية أو قرائن مادية.

ومن المنتظر أن تتسبب هذه التطورات والمستجدات في إحراج باقي مكونات الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، أمام هياكلها وقواعدها الداخلية، خاصة بعدما وجدت نفسها مطالبة بتبني مسودة بيان أعدته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان للتضامن مع المنظمة البريطانية ضد الحكومة المغربية، بينما انفردت خديجة الرياضي وزملائها في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالاجتماع سرا مع أمنستي، وبشكل منعزل، في خرق واضح لميثاق العمل داخل الائتلاف.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
متتبع
المعلق(ة)
9 يوليو 2020 15:38

جمعيات للاسترزاق واكبرهم امنسيتي التي لاتخدم الا مصالح الدول الاستعمارية

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x