لماذا وإلى أين ؟

ماذا يستفيد مزارعو الكيف في المغرب؟

في شهر أبريل/نيسان الجاري ينتشر على الشارع الرئيسي الذي يخترق مدينة باب برد بمحافظة شفشاون شمالي المغرب مزارعون للقنب الهندي وهم يفاوضون تجار الأسمدة للظفر بسعر أفضل.

ويألف الناس خلال هذه الأيام مشاهد الأطنان من الأسمدة المعروضة على رصيف المحلات التجارية قبيل انطلاق موسم حرث القنب الهندي بمناطق الشمال المغربي.

وعلى بعد خطوات، وفي محطة سيارات الأجرة، ينتظر مزارعون زبونا يستأجر خدماتهم في الجبال لحرث الأرض، ولا يطول الانتظار مع تزايد الطلب عليهم خلال هذه الأيام.

هذه المشاهد تتكرر كل عام، وكلما جادت السماء بالمطر تتعاظم آمال المزارعين في موسم أفضل، فهل تنعكس هذه الزراعة على حياتهم اليومية؟

ثراء مزيف
يقول محمد، وهو مزارع قنب هندي، إن واقعهم يغني عن السؤال، فما يجنيه المزارعون بالكاد يكفيهم للاستمرار في الحياة، فهم مطالبون بالإنفاق في كل الاتجاهات طوال السنة، بدءا باقتناء البذور ومرورا باختيار العمال للحرث والأسمدة الجيدة، ووصولا إلى مرحلة الحصاد وتحويل القنب الهندي إلى حشيش.

ولأن مدة الحرث يتسابق فيها المزارعون لاستئجار العمال، ترتفع أجرتهم اليومية بشكل كبير، وتصل إلى 150 درهما (نحو 17 دولارا أميركيا)، كما تزداد أسعار الأسمدة لتبلغ 450 درهما للقنطار الواحد (نحو 48 دولارا).

ولا تزال المدن المحيطة بمناطق زراعة القنب الهندي، مثل باب برد واسكاكن وكتامة، تعيش واقعا مزريا وكأنها قرى كبيرة، فأينما وليت وجهك تقابلك الشوارع المحفرة والأتربة المنتشرة والفوضى الدالة على غياب التنظيم.

وفي نهاية كل موسم، يجني المزارع محصوله ويبحث عن سوق لتسويقه كي يؤدي ما تراكم عليه من ديون، ويقول المزارعون إن الربح الصافي لا يتعدى في الغالب 30 ألف درهم (نحو 3200 دولار).

ويرى الناشط بمنطقة باب برد خالد أحتاف أنه لولا الأمل الذي يحدو المزارعين كل سنة بموسم وافر، لاضطروا إلى ترك هذا النشاط وتفرغوا لمزاولة نشاط آخر أو هاجروا إلى مدن أخرى، مثل طنجة التي تعد ثاني قطب اقتصادي بعد الدار البيضاء.

ويؤكد أحتاف أن الأراضي التي يستغلها المزارع تتقلص مساحتها سنة بعد أخرى بسبب امتداد شجرة أصحاب الحقوق في استغلالها، فالمزارع الواحد بالكاد يستغل بقعة من مئة أو مئتي متر فقط.

ولأن المزارع دائم البحث عن وسائل تضمن له دخلا أكبر، فإنه يلجأ مؤخرا إلى اعتماد بذور معدلة جينيا، وهي تحتاج إلى عناية أكبر، ففي شهرها الأول يجب على المزارع وضعها في حواضن خاصة قبل نقلها إلى الأرض.

المهربون يستفيدون

وبحسب آخر تقرير لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات، يأتي المغرب بجانب أفغانستان في طليعة الدول التي تشهد زراعة القنب الهندي.

لكن المزارعين هم الحلقة الأضعف، ويبقى المستفيد الأكبر هم المهربون الذين يعملون على تهريب المخدرات سواء داخل المغرب أو إلى الخارج.

ويؤكد الباحث في التنمية المحلية بالمنطقة شريف أدرداك للجزيرة نت أن المهربين هم الذين يحددون الأسعار، ويضيف أن المزارعين الذين يحصلون على عائد أكبر من غيرهم يضطرون إلى استثمار ما يجنونه من هذه الزراعة الممنوعة قانونيا في مدن بعيدة عن مناطقهم الأصلية للتواري عن السلطات، مما ينعكس سلبا على تنمية مناطقهم.

ويبدي الفرقاء السياسيون رغبة لإنهاء معاناة المزارعين، حيث اقترحت بعض الأحزاب في مجلس النواب قانونا لتقنين هذه الزراعة واستغلال القنب الهندي في الأغراض الطبية والصناعية، بينما تواصل الدولة التنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات لتقليص المساحات المزروعة.

وقبل أكثر من عشر سنوات، سنّت الدولة خطة تمكنت بواسطتها من تقليص المساحات المزروعة التي كانت حوالي 130 ألف هكتار إلى نحو الثلث.

وعلى مستوى مكافحة الاتجار، تكشف أرقام الجمارك المغربية عن شن حرب على هذه التجارة من خلال حجز 33.74 طنا من الحشيش خلال السنة الماضية، وفي الأربعاء الماضي تمكنت الشرطة بمحافظة الناظور شمالي المغرب من حجز ستة أطنان.

(الجزيرة.نت)

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x