لماذا وإلى أين ؟

نطحة قرون كورونا

جواد مبروكي/ طبيب نفسي

كطبيب نفسي لا يمكنني أن أبقى صامتًا أمام ما ألاحظه حولي وأمام معاناة مواطني الأعزاء الذين لدي الكثير من التعاطف والحب لهم.

عندما هَبطَت كورونا مثل المستعمر عن طريق البحر والجو، أظهر المغاربة شجاعتهم مطابقة لتلك التي تسلحوا بها في وجه الاستعمار الفرنسي الذي يحترم حقوق الإنسان الدولية!

تحول المغاربة إلى جنود مقاومين بتنفيذ أوامر القيادة وتوقفوا عن العمل وتحملوا الخسائر المالية والسجن في منازل ضيقة للغاية تخنق العديد من مواطني الأحباء وتقبلوا العيش بتواضع لكي لا أقول ببؤس بالنسبة للكثير منا.

ورحبوا بتوقف التعليم وتسامحوا بشكل مؤلم مع عدم زيارات الأقارب والآباء والأمهات مرضى وكبار السن في كثير من الأحيان. ورأوا أبواب مساجدهم مغلقة وأبدوا صبرا. والأمر الأكثر رعباً ومفجعًا، دفن موتاهم دون أن يتمكنوا من الحداد عليهم ومرافقتهم إلى المقبرة وعناق أحبائهم والبكاء معًا وكأنه ترحيل ولسي جنازة!

إن شجاعة المغاربة هائلة واستطاعوا على الصيام لمدة شهر كامل بدون “رمضان” وبدون عيش التقاليد ومشاركة الإفطار مع الأصدقاء والأقارب. وبالمثل لم يتمكنوا من الذهاب للصلاة معًا في صباح عيد الفطر وزيارة العشرات من المنازل ومشاركة فرحة هذا الاحتفال معًا.

بعد كل هذا لم يعد أبناء بلدي الأعزاء يشعرون بأنهم جنود، بل أدركوا أنهم أصبحوا الآن أسرى الحرب! ومرة أخرى تمكنوا من استخدام صبرهم وشجاعتهم واستمروا في المقاومة ضد المستعمر “كوفيد 19″ محرومين من حريتهم لأنهم كانوا يأملون في النصر للاحتفال بعيد الأضحى مع عائلاتهم ومشاركتهم لحظات السعادة والفرح كما هو من المعتاد كل عام.

كارثة حقيقية و دراما رهيبة، قرون كورونا كانت أقوى بكثير من قرون الخروف لأنها اخترت العضلات والمعدة و الرئتين والقلب ووصلت إلى عظام مواطني الأحباء الذين ينزفون في الوقت الحالي ويعانون لرؤية تدفق دمائهم قبل دماء الأغنام. قضاء عيد الأضحى دون الآباء والأبناء والإخوان قد تجاوز بكثير قدرتهم النفسية!

لفد بدأتُ أرى في عيادتي بداية العواقب النفسية المؤلمة لضربات قرون كورونا والتي سوف تغضب قريباً أرواح مواطني الأعزاء وسوف نرى أعراض” يوم القيامة” والتي بدأت برودموراتها مرئيتاً مثل أولئك الذين فروا من المدن سيرًا على الأقدام.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x