لماذا وإلى أين ؟

ثقافة المواطنة

المواطنة هي إنتماء الانسان واستقراره داخل الدولة بشكل ثابت ، فهو يحمل جنسيتها ويدافع عن وحدتها ، كما يساهم في المشاركة في الحكم عبر إختيار ممثليه بأداء واجبه الإنتخابي ، والالتزام باحترام القوانين .
كما يتمتع بمجموعة من الحقوق ويلتزم بمجموعة من الواجبات تجاه الدولة والمساهمة في الحفاظ على المجال الذي ينتمي اليه والعمل على إصلاحه وإعماره دون قصد الإفساد والهلاك .
من هنا نطرح إشكالية مفهوم ثقافة المواطنة وكيفية تكريسها وعلاقتها المواطن بمجاله وطنه الذي يحيا فيه . فدون سردنا للاراء الفلسفية و الفقهية التي إختلفت تعريفاتها لثقافة المواطنة بإختلاف مشاربها الفكرية وتبسيطا للقارئ ،نرى أن ثقافة المواطنة تلك الثقافة المدنية التي تحث وترعى وتربي الممارسة المواطنة ،ولما كانت المواطنة قد نشأت كمفهوم في سياق تاريخي محدد ، وفي إطار منظومة سياسية قوامها الديموقراطيـة وإحترام حقوق الإنسان ، فإن مفهوم ثقافة المواطنة يعني تحديدا تفعيل العضوية النشطة والإيجابية في علاقتها بالمكان والمواطن والدولة .
إن تكريس ثقافة المواطنة ، لا يتحقق إلا بالإلتزام والإعتماد على مجموعة من القيم الأخلاقية والوطنية، التي تنموا مع الإنسان منذ طفولته . هنا يأتي في الدور الأول الأسرة بإعتبارها الفاعل الأساسي في زرع الأخلاق والقيم والتربية على المواطنة وحب الوطن ، ويأتي بعدها دور المدرسة التي تعمل على تلقين ثقافة المواطنة عبر تجسيدها كسلوك من خلال تنظيم الصف وتحية العلم قبل ولوج فصول الدراسة لتلقينها عبر مقرارات مدرسية وأنشطة فنية وتربوية تراعي خصوصية الوطن وتنوعه الثقافي و تربي الاحيال على رموزه ومرتكزاته .
فضلا على أنه لا يجب ان نغيب ، الدور الكبير الذي أصبح يلعبه الاعلام ، بكل أصنافه ، خاصة منه إعلام القرب أو الإعلام البديل ، الذي تكاثر مع الإستعمال المفرط للأتترنت وتطور تكنولوجيا الدعامات الإلكترونية . موفرا بذلك كما هائلا من المعلومات ، التي تتدفق كل ثانية ودقيقة عبر المواقع الرقمية ، و وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ، والتي أضحت تفرض نوعا من التوجيه وصناعة الرأي العام. في ضل غياب تفعيل وإغناء ثقافة النقذ ، لدى المتلقي ، للتصدي لكل المحاولات البائسة لاعداء الوطن ، للنيل من وحدته واستقراره ، و من خلال إعلام قوي ومستقل وكاشف للأخبار الكادبة والإشاعات، يمتلك آليات التوعية بأهمية الوطن والحفاظ عليه ، و تعزيز قيم الاعتزاز والفخر بالإنتماء ، من خلال نشر الأفلام الوثائقية والبرامج التي تؤرخ لسنوات التضحية والدفاع عن الوطن ضد المحتل والعدو ، و تزكي في الشباب روح النظال والصبر والحماس و العمل على تقوية الروابط المشتركة وأساسيات إدارة العلاقة بين المواطنين أنفسهم ،فالوطن ليس مجرد رقعة جغرافية، وانما هو نسيج علاقات بين المواطنين وبين هاؤلاء ووطنهم.
وما أحوجنا على العمل بتعزيز ثقافة التضامن في مواجهة التحديات والأخطار المشتركة و لنا في فيروس كورونا وما يفرضه من ضرورة تكثيف الجهود للحد من انتشاره واتحاد جميع القوى الوطنية المثل الأكبر .
ومن أهم محفزات ثقافة المواطنة ،تنمية الثقافة الحقوقية للمواطن، وتدريبه على ممارسة حقوقه وواجباته ، وتقوية إيمانه بنفسه كفرد ، وتشجيعه على التصرف إنطلاقا من وعيه بحقوقه ، وإيمانه بقدراته الخاصة ، بمعزل عن إنتمائه العرقي أو القبلي أو الطائفي . ورفض تنميط الآخر والفبول بالإختلاف مع العودة دائما الى المرجعيات القانونية والوسائل السلمية لفض كل خلاف . وزرع ثقافة المساواة وحس العدل والإنصاف ، والتسامح والتوافق والسلام والأمن الاجتماعي ، والاستقرار السياسي وتنمية مهارات التفاوض، واللجوء إلى تسويات وتنازلات متبادلة حفاظا على الصالح العام ، وتنمية حس العدالة الاجتماعية ، والإيمان بالمسؤولية المشتركة للمواطنين، في السعي للوصول لمجتمع سليم ومزدهر ، والانخراط في جهود مشتركة لمكافحة الفقر والجهل والمرض .
ليس من السهل تكريس ثقافة المواطنة في نفوس المواطنين ،بل أنه ذلك العمل الجبار الذي هو مسؤولية مشتركة بين مجموعة من المتدخلين ،كما جاء في صلب موضوعنا ، إذا وفقوا سنكون امام حلول لمجموعة من المشاكل الشائكة التي يتخبط فيها مجتمعنا والتي أغلبها سبب هلاك الأمم والشعوب .
محام بهيئة أكادير وباحث في الإعلام وحقوق الإنسان

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x