لماذا وإلى أين ؟

دفاعا عن التعليم

أسامة باجي

دعونا في البداية نعلن الحداد قبل الخوض في الكلام، لأن الأمر جلل وعلى ما يبدو ان آخر مسمار قد دق وبإحكام في نعش الفقيد، إلا أننا لا زلنا نحاول ان ننتشل ما يمكن انتشاله في أفق نضال موحد على تعليم للجميع.

كان لابد من هذه المقدمة البسيطة والتي كتبت ببالغ الحزن والأسى مع قليل من الأمل على إحياء تعليم بين المطرقة والسندان، مطرقة الدولة وسندان بعض المهرجين ممن نسو فضل المعلم وتناسوا ان قضية التعليم قضية أساسية والنضال عليها مطلب ضروري شأنه شأن كل المطالب.

لقد عرت الجائحة عن واقع كان في أمس قريب نقاشا غير معلن، وسؤال يتجول في ذهن أسرة التعليم، أي وجهة يسير نحوها تعليمنا، وأين سيستقر وهل فعلا لنا منظومة تعليمية قادرة على التصدي للأزمات، الى أن أتت الجائحة لتؤكد ان القافلة ظلت الطريق وانه غير قادر للتصدي لأبسط الأزمات.

كل هذا وفي ظل ما تعانيه المنظومة التعليمية من هشاشة وضعف وإقصاء، هناك فئة كانت ولا زالت وستزال الحلقة الأضعف صامدة مناضلة مرابطة في الصفوف الأمامية هي فئة المعلم الذي علمني كتابة هاته الأسطر والذي علمني أن أقدس كل من أهداني علما وأخذ بي الى المدرسة، فقد أبان المعلم عن نضاله ورباطه الى جانب تلامذته فالبرغم من الاكراهات التي صاحبت التعليم عن بعد او التعليم الطبقي كما يحلو لي أن أسميه الا انه ظل لصيقا بهموم التلميذ وأبان عن علو كعبه في سبر أغوار هاته المهنة النبيلة، إلا أنه بالرغم من كل ما قدم بقي محط سخرية ومحط واتهامات عديدة.

صدق من قال إنك إذا أردت ان تهدم التعليم عليك بهدم المعلم لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه، وفعلا هذا ما يحصل الآن كل النقاشات على مواقع التواصل كل الهجمات الي تشن كل الحروب التي تدار حول التعليم غرضها الوحيد والأوحد ضرب المعلم والتقليل من شأنه وها نحن نحصد ثمن الخطيئة. لم يعود المعلم رسولا كما غنى أمير الشعراء وقل ما يوفه تلامذته التبجيل وأصبح الوفاء للمعلم عملة نادرة وشدودا وسط جو من الميوعة الذي أريد له أن يكون وبرعاية ما يمكن أن نسيمهم بذباب الكتروني مسخر.

إن معركة التعليم ليست معركة المعلم وحده  بل هي معركتنا جميعا إنها معركة ثقافية ودعني أقول انها حرب طبقية بكل المقاييس حرب الأغنياء على الفقراء وليعذرني بيير بورديو لأستحضر قولة مهمة من قاموسه أن حرب الأغنياء على الفقراء تبدأ من المدرسة وسأتصرف فيها قليلا لأضيف أنها حرب تدار ضد تدار ضد مدرسة المضطهدين والمهمشين، حرب يوضع فيه المعلم في خانة ضيقة وننجه له أسهم الأغنياء من كل حدب وصوب انها حرب تترك آلاما في الأنفس وتصحبها تساؤلات عدة تجعلنا نهرب للماضي لنتذكر معلم الأمس ومدرسة الأمس ولأن الحاضر سيء الذكر والمستقبل مجهول نضطر للعودة للماضي علنا نجد فيه ما ينسينا آلام مدرستنا.

تعالوا جميعا نجتمع على فكرة واحدة وموحدة أن نوقف النزيف وندافع بشراسة عما تبقى من تعليمنا من أملنا الوحيد في توحيد صفوف رجال التعليم والمدافعين عن الحقل التعليمي بشتى انتماءاتهم السياسية والأيديولوجية والاجتماع على فكرة ان ما يجمعنا أكبر مما يفرقنا وان أكبر خصم ليس هو المخالف بل من يسعى لتخريب هذا الحقل الذي به وبفضله تنهض الأمم وبدون تنحط وتتدنى ويتخبط أهلها في الظلام والتخلف.

وسأعود لأستعير قولة أخرى من قاموس بورديو “بئس الانسان الذي ليس له رسالة ولا التزام اجتماعي” فتعالوا لتكون رسالتنا هي رسالة نضال من اجل تعليم شعبي ديمقراطي، رسالة من اجل تعليم وطني يتساوى فيه الجميع ويكون التزامنا والتزام جماعي لرد الاعتبار للمعلم، التزام شعبي من اجل دعم التعليم كي لا نسجل في خانة البؤساء حتى وإن خسرنا فيكفينا شرف المحاولة شرف الدفاع عن التعليم فتعالوا جميعا ندافع عن تعليمنا حتى النهاية …

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Taoufik
المعلق(ة)
28 أغسطس 2020 12:17

فعلا هي كما قلت حرب بالوكالة يشنها سخافيون مأجورين لحساب أجندة معلومة. اللهم رد كيدهم في نحورهم.

عمر
المعلق(ة)
26 أغسطس 2020 02:38

هي حرب قديمة على التعليم عموما و المعلم خصوصا باعتباره عصب الحياة لهذا القطاع.القطاع الذي يعتبر مفتاح كل تقدم و تطور اقتصادي أو اجتماعي .

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x