لماذا وإلى أين ؟

ليلة الرعب بالرباط تسائل سياسات الحكومة وتكشف حجم الاختلالات داخل المجتمع

رغم الإجماع السائد على أن “الحرب” التي شهدتها منطقة يعقوب المنصور بالرباط، أمس السبت، مرفوضة وتُوجب معاقبة مرتكبيها، لأنهم أثاروا الشغب وتجرأوا على مهاجمة قوات الأمن، إلا أن هذه الأحداث لا ترتبط بليلة عاشوراء فقط، بل في عُمقها تسائل سياسات الحكومة، خصوصا تُجاه الشباب، وتعكس حجم الاحتقان والغضب السائد في المجتمع، كما أنها تكشف أين وصل مستوى الجهل والاستهتار وثقافة العنف السائدة لدى البعض.

فقد حملت تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي على ما جرى في ليالي عدة مدن،  تباينا حول مبررات تحول عدد من الأحياء إلى ساحات حرب بـ”القنبول” والشهب الاصطناعية، إلا أن أبرزها وأخطرها تلك التعليقات التي لم تخف انتشاءها وهي ترى قوات الأمن تتعرض للهجوم بإطارات العجلات المحترقة والعصي والحجارة، رغم أنها تدخلت لاحتواء الشغب الذي عمّ المنطقة. وهو ما يعني أن قابلية العنف والتعدي على قوات الأمن واردة لدى فئة معينة يزعجها التدخل لفرض الأمن والانفلات.

وهذا ما يفسر كيف انتقلت الاحتفالات بعاشرواء من مسدسات البلاستيك والرش بالماء، إلى قنابل وشهب اصطناعية وصواريخ وماء قاطع، لتتحول الشوراع إلى ساحات تستنسخ ما يجري في ساحات الحرب الحقيقة.

وبحسب الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي عبد الرحيم منار السليمي، يجب قراءة فوضى أمس “قبل فوات الأوان”، لأن “الاعتداء على القوات العمومية سلوك خطير يتجاوز في تفسيره القول بمواجهة بسبب عاشوراء والطوارئ”، مضيفا أن “الأمر لا يعد حدثا عارضا مرتبطا باحتفالات في ذكرى انزلق عن مساره، وتحول إلى سلوكات عنفية، وانما حدث يجب قراءته داخل نظام اجتماعي بات يفقد توازنه، نظام اجتماعي يجب مساءلة الفاعلين العمومين فيه وسياساتهم الاجتماعية”,

وفي نظر السليمي، سيكون الأمر أكثر خطر إذا ذهب التفسير في حدود عاشوراء، إذ اعتبر أن السلوك العنفي الذي شاهدناه اتجاه القوات العمومية رسالة إلى الحكومة والمنتخبين وتنظيمات المجتمع المدني، وهو أيضا رسالة حول السياسات الاجتماعية والأدوار التي تلعبها هذه الأطراف كلها في هذه السياسات

وتابع قراءته، في تدوينة فايسبوكية، قائلا إن “ماجرى هو افراز لما بات يحتضنه عمق المجتمع من مخاطر ،ومن المفترض أن يكون المسؤولون في الرباط قد عقدوا اجتماعا هذا الصباح لتشخيص وتحديد مايجري فهذه العاصمة بكل دلالاتها التنظيمية والإدارية”، وخلص إلى أن أخطر تقييم يمكن أن نتج عن هذه الاحداث هو ربطه بعاشوراء فقط،هناك اختلالات يجب الوقوف عنها”، ودعا إلى أن يكون السلوك موضوع اجتماع حكومي وان يصدر بلاغ في الموضوع.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

6 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
مواطن
المعلق(ة)
الرد على  ع. الفقير
31 أغسطس 2020 17:00

ولماذا نحمل مسؤولية ما حدث للآباء والأسر؟! الأسر لم تبقى لها سيطرة على الأبناء حسب مستجدات حقوق الإنسان وحقوق الطفل و و و… والتخطيط الممنهج لتحطيم الأسرة والتعليم والمفكرين والعلماء الذين يمثلون القدوة في قيمنا الاجتماعية. لقد تخلت الدولة على دورها في تقويم سلوك المواطن والحفاظ على قيمنا الأخلاقية والمجتمعية من أجل تحقيق الأمن الاجتماعي. وبالتالي انقلب السحر على الساحر. وإلم تسترجع الدولة هبتها في المجال الأمني، وإلم تسترجع للأسرة والتعليم وأصحاب الفكر والقيم مكانتهم، يمكن أن تتطور الأمور إلى أكثر مما رأيناه في هذه الأحداث.

كريم
المعلق(ة)
31 أغسطس 2020 00:13

كل من تبت تورطه في تعنيف ومواجهة القوات العمومية يجب تقديمه للعدالة لانه مس بالنظام العام وامن المواطنين.هؤلاء يجب ردعهم بكل قوة والا ستجدونهم يوما ما يحملون السيوف ويسلبون الناس اموالهم في الشوارع ويعتدون عليهم.

ابو زيد
المعلق(ة)
30 أغسطس 2020 23:21

لماذا لا يحاول احد من المحللين السياس…..تحليل ما صدر مؤخرا من تقارير دولية عن زيادة ثروات القلة في زمن فقر الاغلبية تحت تأثير وطأة كورونا!

ع. الفقير
المعلق(ة)
30 أغسطس 2020 21:58

أرى أن المشكل بات يأخذ منحى سلبي الإمتياز لذا وجب على السلطات العمومية أن تتبنى سياسة مغايرة بداية من العائلة إلى ما دون ذلك و الكل يتحمل مسؤوليته سواء الأسرة المدرسة الدولة ككل.

مواطن
المعلق(ة)
30 أغسطس 2020 17:05

اولا اقترح ان يتقدم جميع عناصر الامن من قوات مساعدة وشرطة بطلب التعويض ضد اولياء أمر المراهقين.
وانا شاهد في السنوات الماضية على خروج الكبار لرؤية بطولات أبنائهم او اخوانهم او ….
بهاته الطريقة ستتدخل الاسر مستقبلا لضبط ابنائها ولا اريد هنا استعمال عبارة اخرى بدل الابناء.
ثانيا هذا مشكل لا يهم الحكومة الحالية وحدها.

مواطن
المعلق(ة)
30 أغسطس 2020 16:47

حقيقة يوجد خلل في المجتمع الأسرة لم تعد قادرة على ضبط الأبناء منظومة التربية والتعليم فشلت بكل المقاييس
يجب أخذ الأمور بجدية والضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه التعامل بثقافة العنف والاستهتار.
لذا ونحن في البداية وجب تطبيق القانون وبصرامة حتى لايفيض الكأس انا مع القانون وكفانا.تحليلات سيكولوجية
أصبحت مستهلكة ولن تفيدنا في شيء

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

6
0
أضف تعليقكx
()
x